الشروط الترموديناميكية التي تساهم في توازن القشرة الأرضية

اقرأ في هذا المقال


ما هو توازن القشرة الأرضية والمعطف العلوي؟

إن دراسة بنية وتركيب القشرة الأرضية والمعطف العلوي لا تكون مكتملة وذات دليل كبير دون تحديد شروط الترموديناميكية (حرارة وضغط)، التي كانت تسيطر على الجمل المنرالوجية المكونة لهذه المستويات خلال عمليات تطورها، وكذلك التي كانت تسيطر عليها في أثناء تشكيل البنيات الرئيسية والتشوهات الهامة.
والشروط الترموديناميكية التي تفسر توازن القشرة الأرضية تحتوي على المعطيات البترولوجية التجريبية (جيومتري، جيوبارومتري، منحنيات التوازن بالإضافة إلى جيوكيمياء النظائر) وكذلك المعطيات الحقلية.
إن الطبقات الغرانيتية والطبقات البازلتية والبيروديتية المكونة للقشرة الأرضية والمعطف العلوي والتي تشكل قوام المفاهيم الكلاسيكية لبنية وتركيب هذه المستويات، حيث لا تبقى محتفظة بتركيبها الأولي، وإنما ينتابها خلال التطورات التي تتعرض لها القشرة الأرضية والغطاء العلوي تحولات وتغيرات تجعلها تتوازن تحت أشكال أخرى، وذلك حسب الشروط الترموديناميكية المسيطرة (حرارة وضغط).
إن الدراسات الحديثة المختبرية والميدانية وضحت أنه يمكن تمييز ثلاث سحنات استحالية (سحنة الشيست الأخضر، السحنة الأمفيبوليتية، السحنة الغرانيتولية) في القشرة الأرضية وعدة سحنات بيروديتية تحتوي على البلاجيوكليز في المعطف العلوي.

الحرارة والضغط ودورهما في الجيولوجيا:

تتوازن الطبقات المعدنية والصخور التي تتكون منها تحت تأثير العديد من العوامل مثل: الضغط والحرارة والتركيب الكيميائي (سواء كان ضغط الماء الجزئي أو الضغط الأكسجيني)، ولكن الحرارة والضغط هما العاملان الأكثر أهمية، وفيما يلي توضيح لهذين العاملين:

  • الحرارة: إن المجال الحراري الذي يهمنا نحن كجيولوجيين يعتبر نوعاً ما محدوداً، ويمكن عملياً حصره بين الحرارة النظامية والحرارة الوسطى السائدة على سطح الأرض، كما أن درجة 1500 هي الحرارة المسيطرة في المعطف العلوي حتى 100 كيلو متر.
    عندما نتوغل في أعماق الأرض فإننا نتحقق من أن الحرارة تزداد تدريجياً بشكل نظامي، كما أن هذه الزيادة تقدر وسطياً بدرجة واحدة لكل 30 متر، وتسمى هذه الزيادة باسم الغراديان الجيوثيرمي gradient geothermique، وفي الواقع فإن الغراديان الجيوثيرمي يمكن أن يتجاوز درجة مئوية لكل 20 متر، وذلك في بعض المناطق من القشرة الأرضية، كما أنه يمكن أن ينخفض إلى درجة واحدة لكل 100 متر، وهذا ما يعرف باسم الاستقرار التكتوني.
    كما أن هناك العديد من الطرق التي تم اقتراحها لأجل تحديد درجة حرارة تشكل الصخور، حيث إن معظمها يعتمد على التركيب الكيميائي وبخاصة توزع عنصر ما بين عدة فلزات متوازنة ضمن الصخر، حيث انتشرت هذه الطرق انتشاراً كثيراً في السنوات الأخيرة.
  • الضغط: إنه من غير الممكن أن نقدر بدقة الضغط في الصخور بالاعتماد على متغير واحد، كما هو الحال في الصهير السائل؛ وذلك لأنه يجب الأخذ بعين الاعتبار الجهود الناتجة عن لدونة المواد، وفي آلة السائل فإن الضغط يأخذ قيمة واحدة مهما كان الاتجاه، وهذا ما نعبر عنه بالقول أن الضغط متجانس ولكن في حالة الجهود فإن الضغط يأخذ قيماً مختلفة تبعاً بالاتجاه.
    وداخل الصخر يوجد دائماً سوائل وغازات (ماء، غاز كربون وغيرها) وهذا التواجد يفرض علينا معرفة الضغوط التي تمارسها هذه السوائل وعلاقتها مع الضغط الصلب، ومن الممكن أن نعتبر ضغط السوائل مختلف عن ضغط الصخور، ومن الواضح أن العلاقة بين الحرارة والضغط داخل القشرة الأرضية معقدة جداً.

ما هي الشروط الترموديناميكية التي تساهم في توازن القشرة الأرضية والمعطف العلوي؟

من أشهر الأمثلة التي يمكن من خلالها معرفة الشروط الترموديناميكية في توازن القشرة الأرضية والمعطف العلوي هو التوازن بين صخور سحنة الشيست الأخضر والسحنة الأمفيبوليتية، وهما يمثلان معاً صخور القشرة الأرضية حتى انقطاع كونراد، وهذا الانقطاع هو الذي يفصل بين هذه السحنات وبين السحنة الغرانيوليتية، وفيما يلي توضيح لهذه السحنات لمعرفة الشروط الترموديناميكية:

  • شروط توازن صخور الشيست الأخضر والسحنة الأمفيبوليتية: تدل الدراسات الحديثة على أن صخور هاتين السحنتين تتطور وتنتشر في وسط سائل مائي، بحيث يكون الضغط الكلي مساوياً لضغط الماء ولكن ذلك لا يمنع من وجود غاز الكربون الذي يكون ثانوياً ولاحقاً لعملية الاستحالة ومتميزاً بكثافة خفيفة.
    تضم كل من سحنة الشيست الأخضر والسحنة الأمفيبوليتية عدداً من تحت السحنة تتميز بتركيب كيميائي متباين ولكنها تتوازن جميعها بالشروط الترموديناميكية نفسها، سحنة الشيست الأخضر ذات حرارة 200 إلى 400 درجة مئوية، أما السحنة الأمفيبوليتية فهي ذات حرارة تساوي 500 أو 600 درجة مئوية.
  • شروط توازن صخور السحنة الغرانيوليتية: إن الدراسات التي قام بها الجيولوجيين قد بينت أن صخور السحنة الغرانيوليتية تتطور وتنتشر في وسط غني بغاز الكربون، وهذا يتوافق جداً مع اعتبار ضغط الماء أقل بكثير من الضغط الصلب الذي يجب أن يعادل الضغط الكلي للسوائل.
    إن مجال الحرارة التي تتوازن ضمنها صخور السحنة الغرانيوليتية ينحصر بين 600 إلى 650 درجة مئوية وحتى 1100 درجة مئوية.

المصدر: جيولوجيا النظائر/قليوبي، باهر عبد الحميد /1994الأرض: مقدمة في الجيولوجيا الفيزيائية/إدوارد جي تاربوك, ‏فريدريك كي لوتجينس, ‏دينيس تازا /2014الجيولوجيا البيئية: Environmental Geology (9th Edition)/Edward A. Keller/2014علم الأحافير والجيولوجيا/مروان عبد القادر أحمد /2016


شارك المقالة: