يمكن القول أنَّ الهدف النهائي للعمليات التنموية هو التغيُّر من شيء غير مرغوب فيه إلى شيء مرغوب فيه، أي نقل المجتمع من وضع معين إلى وضع أفضل بإحداث تغييرات في نَسَق القِيَم الموجودة فيه.
مفهوم التنمية
يحمل مفهوم التنمية معنى أكثر تحديداً من مفهوم التغير الاجتماعي، فالتنمية كمصطلح يُستَخدَم على نطاق واسع وهو الآن لا يُشير إلى عمليَّة نمو تلقائية، وإنَّما إلى عمليَّة تغيُّر مقصود تقوم بها سياسات محدَّدة وتشرف على تنفيذها هيئات قوميَّة تعاونها هيئات على المستوى المحلِّي تستهدف إدخال نُظم جديدة أو إيجاد قوى اجتماعية جديدة مكان القوى الاجتماعية الموجودة بالفعل، وإعادة توجيهها وتنشيطها بطريقة جديدة، وتهيئة الظروف المتعدِّدة لهذا الجانب من التغيُّر الذي نطلق عليه تنمية.
الخصائص المميزة للتنمية
من الخصائص المميِّزة للتنمية أنَّها ليست عمليَّة تطوُّر تدريجي تلقائي وإنَّما هي عملية تتم على أساس التدخُّل المستمر والمقصود في المجتمعات، وتستمر عن طريق هيئات التنمية التي تكون جزءً من بناء الدولة، فالتنمية تنطوي على توسيع كبير في جميع مجالات القدرات الإنسانية والنَّشاط الإنساني، ويشمل ذلك المجالات الروحيَّة والفكريَّة والتكنولوجيَّة، والاقتصاديَّة والاجتماعيَّة.
وهكذا التنمية لا تقتصر على النمو الاقتصادي وإنَّما يجب أن تشمل وبشكل جوهري على تغيُّر ثقافي عام وعلى تغيُّرات محدَّدة في البناء الاجتماعي القائم، ولا شكَّ أنَّ كل عنصر من هذين العنصرين يؤثِّر في الآخر بشكل متبادل، فالنمو الاقتصادي لا يمكن أن يستمر في المدى البعيد بدون تغيُّر في الاتجاه نحو الديمقراطية الاجتماعية لأنَّ كليها يعمل لخدمة الآخر ويوصل إليه.
مستويات التنمية وعلاقتها بالتغير الإجتماعي:
يُميّز بعض الباحثين بين ثلاثة مستويات للتعبئة الخاصة بالتنمية وذلك على النحو التالي:
- المستوى الأول: وهو المستوى التكنولوجي ويتمثل في تغيير أساليب الإنتاج والنقل والاتصال والتوزيع وذلك بهدف الوصول إلى علاقة أكثر ملاءَمة بين التكلفة والعائد.
- المستوى الثاني: وهو المستوى الاقتصادي ويتمثَّل في التوصيل إلى ظرف أكثر إنتاجية وأكثر كفاءة في مجالات التنظيم، والتخطيط وتوزيع العائد.
- المستوى الثالث: وهو المستوى الاجتماعي الذي يتضمَّن الحراك الاجتماعي الرأسي، والحراك الاجتماعي الأفقي، وتحريك النِّظام الاجتماعي بتعبئته بصفة عامة.
وعلى هذه المستويات الثلاثة هناك نوع أو آخر من التغيُّر الهادف الذي لا ينتظر عملية النَّماء الطبيعي وإنَّما يحاول تسريعها وتوجيهها لخدمة المجتمع.
ومن جهة أخرى يُشير بعض الباحثين إلى أنَّ تنمية المجتمع عملية تستهدف تحسين الظُّروف المعيشيَّة في المجتمع، وذلك باستخدام برنامج موحَّد يتضمن ما يلي:
- الطرق والأساليب الفنيَّة التي تعتمد على المجتمعات المحلية الريفية كوحدات للعمل.
- يعمل على إيجاد المجالات المختلفة لإتمام الجهود المحلية المنظمة بما يمكن أن تتلقاها من معونات أو مساعدات من خارجها.
- يرتبط ارتباطاً وثيقاً بحق كل مجتمع في تقرير مصيره بنفسه.
- يعتمد اعتماداً كبيراً على دور القيادات المحليَّة باعتبارها ركيزة أساسيَّة في دفع حركة النهوض بالمجتمع.
ومن المُلاحَظ أنَّ التنمية لا تُذكَر إلا ويُذكَر معها النمو، ويشير النُّمو إلى عملية الزيادة الثابتة، أو المستمرة التي تحدث في جانب معين من جوانب الحياة فهو يدل على العملية التلقائية التي تحدث بدون تدخل الإنسان بها بشكل مباشر.
أمَّا التنمية فتحتاج إلى دَفعَة قوية ليخرج المجتمع من حالة الركود والتخلُّف إلى حالة التقدُّم والنمو، ومع أنَّ كُلاً من النمو والتنمية يفترض حدوث التغيُّر إلّا أنَّ التغير في النمو يتَّجه نحو التغيُّر الكمي في حين يتَّجه التغيُّر في التنمية نحو الكلية والشمول، ولهذا فهو أقرب ما يكون إلى التغيُّر الكيفي منه إلى التغيُّر الكميِّ
استراتيجية التنمية في المجتمع
استراتيجية التنمية تتم على ضوء الاتجاهات التالية:
- تستهدف عملية تنمية المجتمع تحسين الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافيَّة المجتمع المحلِّي مع الأخذ في الاعتبار تحقيق تكامل المجتمع المحلِّي مع المجتمع القومي.
- مساهمة المجتمعات المحلية بشكل واضح ومن خلال إنجازات معينة في إحداث التقدُّم القومي.
- تعتمد هذه العملية على الجهود الذَّاتية والمساهمة الجماهيريَّة من جانب الأهالي في تخطيط البرامج المطلوبة.
- يجب ربط حركة التنمية على المستوى المحلِّي بالحركة القوميَّة الشاملة على المستوى القومي في إطار من التخطيط الشَّامل في المجتمع.
- إحداث تغييرات في اتجاهات الناس من أجل إنماء وعي اجتماعي جماهيري أكثر للتأثير في البيئة واستغلال الموارد الموجودة بها استغلالاً فعّالاً لإيجاد مجتمع اقتصادي مُنتِج.