الخليفة المأمون عبد الله بن هارون

اقرأ في هذا المقال


الخليفة المأمون عبد الله بن هارون:

ولد الخليفة المأمون في منتصف ربيع الأول من عام (171 هجري)، في اليوم الذي توفي فيه عمه موسى الهادي، وبويع فيه أبوه الرشيد، وأمه أم ولد، وتُسمى مراجل. بويع ولياً للعهد بعد أخيه الأمين عام (182 هجري)، مع أنه أكبر منه بسبعة أشهر، وبويع بالخلافة يوم الخميس (25) محرم عام (198 هجري)، قبيل مقتل أخيه الأمين بعشرة أيام تقريباً مع أنه قد دُعي له بالخلافة مرةٌ من قبل عامين، والأمين محصور في بغداد.

كان المأمون أبيض جميلاً، طويل اللحية، ضيق الجبهة، بوجنتيه خال أسود. بعد مقتل الأمين ولَّى المأمون الحسن بن سهل الجبال، وفارس، والأهواز، والبصرة، والكوفة، والحجاز، واليمن، وولّى طاهر بن الحسين الموصل، والجزيرة، والشام، والمغرب، وطلب منه أن ينتقل إلى الرقة، وعهد إليه حرب نصر بن شبث.
وبقي المأمون في مرو وكأنه رمز لأمير المؤمنين، والولاة الكبار يرسلون العمال عنهم إلى الأمصار، ويتصرفون بشؤون البلاد، وهذا ما أضعف هيبة الحكم، وأطمع فيه، ما دام المسؤولون عنه ليسوا من العباسيين. كما طلب المأمون من هرثمة بن أعين أن يرتحل إلى خراسان.

الأحداث التي جرت عند تولي المأمون الخلافة:

ذهب الحسن بن سهل إلى بغداد ليؤدي حكمه وولايته ويقوم بإرسال عماله منها. ونتجت حركات ثورية في بغداد نقمة على الحسن بن سهل الذي كان في منطقة بالمدائن، ونقمة لما حدث من موت هرثمة بن أعين في السجن بشكل غامض فيه كثير من الشائعات، وأخرجوا علي بن هشام والي الحسن على بغداد، وكما شارك في هذه الأحداث زيد بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الذي كان بالسجن وأفلت منه.

وراود أهل بغداد المنصور بن المهدي على الخلافة فأبى عليهم، وطلبوه على الإمارة في بغداد باسم المأمون فوافق على ذلك فأمّروه عليهم. وبايع المأمون ولياً لعهده علي بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وسماه الرضا من آل محمد وطلب من جنده طرح السواد ولبس الخضرة فأغضب ذلك آل العباس، فبايع أهل بغداد عمّ المأمون إبراهيم بن المهدي وسمّوه المبارك، وبايعوا من بعده ولياً لعهده ابن أخيه إسحاق بن موسى بن المهدي، وخلعوا المأمون، وذلك في أول يوم من عام (201 هجري).

وقال للمأمون بأسباب ما جرى من ترك أمر الدولة للحسن بن سهل ولأخيه الفضل بن سهل الذي ينقل له الأخبار مشوهةً غير صحيحة، وبُعده من مركز حُكّمه، فكان أن جاء إلى بغداد عام (202 هجري)، وقتل الفضل بن سهل بظروفٍ غامضة، وتزوج المأمون بوران ابنة الحسن بن سهل، كما زوج ابنته أم حبيب لعلي الرضا، وابنته الثانية أم الفضل لمحمد بن علي بن موسى.

وتوفي علي الرضا فجأةً وهو بصحبة المأمون، أثناء رجوعهم إلى بغداد، وعند مرورهم بطوس، فدفنه جانب أبيه الرشيد، وهو الذي صلى عليه، وكاتب الحسن بن سهل وأهل بغداد بأن السبب الذي نقموا عليه قد زال بوفاة علي الرضا. واختلف أهل بغداد ثانية، وانتصر خصوم إبراهيم بن المهدي فخلعوه، فاختفى، وبايعوا للمأمون، وكتب المأمون لطاهر بن الحسين أن يوافيه بالنهروان، فترك طاهر الرقة وسار إليه.

أما هرثمة بن أعين فعندما انهى على أبي السرايا بعث له المأمون كتاباً يوليه فيه الشام أو الحجاز، ولكنه أحب المسير إلى المأمون، فسار إليه إلى مرو، وكان الفضل بن سهل قد أوغر عليه صدره فاتهمه بتحريض أبي السرايا الذي لم يكن إلا أحد رجاله، وأنه كان في الواقع بجانبه، فلما وصل هرثمة إلى مرو وبّخه المأمون وبكّته ثم سجنه، وبعد أيام مات بالسجن والله أعلم ما سبب موته.

وصل المأمون بغداد فأعطى الولاية لأخاه صالح بن الرشيد على منطقة البصرة، وولّى عبيد الله بن الحسن بن عبيد الله بن العباس بن علي بن أبي طالب على منطقة الحرمين. وولّى طاهر بن الحسين ولاية خراسان من بغداد إلى أقصى مشرق الدولة الإسلامية. وولّى يحيى بن معاذ الجزيرة، وعيسى بن محمد بن أبي خالد أرمينيا وأذربيجان وكلفه بمحاربة بابك الخرّمي، وأما مصر فكانت للسريّ بن الحكم. وولّى طاهر بن الحسين ابنه عبد الله مكانه على الرقة وأمره بقتال نصر بن شبث، وعندما مات يحيى بن معاذ عام (205 هجري)، أصبح عبد الله والياً على الجزيرة.

وتوفي طاهر بن الحسين فجأةً عام (207 هجري)، فتولّى ابنه طلحة المصر مُدّة سبع سنوات، وقيل باسم أخيه عبد الله، وعندما توفي طلحة، انتقل عبد الله إلى مرو. وكان أحمد بن أبي خالد يُساعد طلحة في خراسان ويقوم له بالأمر. وظفر المأمون بعمه إبراهيم بن المهدي عام (209 هجري)، مُتخفياً بلباس امرأةٍ، كما ظفر ببعض الذين بايعوه، وتكلم الحسن بن سهل بإبراهيم فعفا عنه المأمون، ولكنه قتل بعض أنصاره.

وفاة الخليفة المأمون:

أظهر المأمون عام (212 هجري)، القول بمحنة خلق القرآن، وتفضيل علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، على سائر الصحابة، وقال: هو أحسن الناس بعد رسول الله، وفي عام (218 هجري)، حدثت المحنة للعلماء بسبب القول يخلق القرآن، وقد تعرّض عدد منهم للتعذيب ومنهم الإمام أحمد بن حنبل. وبايع من بعده لأخيه المعتصم أبي إسحاق محمد بن الرشيد. وبينما هو في بلاد الروم إذ أدركته الوفاة في (25) محرم من عام (218 هجري)، فدفن في
طرسوس.


شارك المقالة: