تتعدّد المشكلات الاجتماعية وتتَغيّر باختلاف المجتمعات ويوجَد في المجتمع مجموعة من هذه المشاكل ومنها مشكلة الرّهاب الاجتماعي التي تظهر في المجتمعات غير الديموقراطية حيث تٌمارِسه الفئة الحاكمة على المواطنين في هذه المجتمعات.
مشكلة الرّهاب الاجتماعي:
الرّهاب الاجتماعي: تظهر هذه المشكلة في المجتمعات غير الديمقراطية أو ذات البناء المُتصلّب ذات الحزب الواحد أو الحاكم أو الرَّجل الأوحَد أو الأسرة الحاكمة أو الطائفة الدينية الحاكمة التي يكون فيها الفرد من غير أبناء الوطن أو من غير المؤيدين للفئة الحاكمة، مرصوداً في سلوكه وتفكيره وحديثه وعلاقاته مع الآخرين.
فإذا بدا منه أيَّ شيء ضِدّ الفئة الحاكمة فإنَّه يُعاقب أشدَّ عقاب وهذا في أحسن الأحوال مع باقي أفراد أسرته، لذا يكون الفرد هنا مَهزوماً داخلياً خائفاً مِمّن حوله يَشكّ بهم على أنَّهم وكلاء للأجهزة الأمنية الحكومية وعليه يبدي ولاءه لهذه الأجهزة وللنظام ورموزه، وعلى مَرّ الزمن يبدأ الفرد في هذه المجتمعات يعاني من خوف دائم في مواجهته للآخرين التي بدورها تتحوَّل هذه المُعاناة إلى شعور قَمعي داخلي يردع التفكير الحرّ وموضعيته الحَقّه وصراحته الطبيعية وتحت هذا الشعور الخانق يبدأ هذا الفرد العيش في حالة رهاب اجتماعي فيفضّل الانعزال التامّ عن المجتمع كما يشعر بالاكتئاب الشديد أحياناً.
المرآة المُهَشَّمة:
عندما يأخذ الفرد بآراء وأحكام ورؤى الآخرين المحيطين بهِ من أصدقاء وزملاء ورموز مُهمّة في حياته الشخصية والعَملية والفكرية، فإنَّ ذلك يُشَكّل عنده مرجعاً ذاتياً يتفاعل معه عند اتخاذ قرار أو فعل سلوكي معين. ولكنْ عندما يَشعر الفرد أنَّ الآخرين المحيطين به لا قِيمَة لهم عنده وأنَّ الناس الذين حوله لا يخرجون عن كَونِهم ذئاباً مفترسة تحاول إيذاءه وتجريحه، أو أنَّ المادّة هي التي تتّحكم في أحكام آراء الآخرين عندئذ تَجده يَحتقرها ولا يأخذ بها أو إذا كان الآخرون من الوصوليين والانتهازيين وأصحاب المصالح المؤقتة معه، عندها يَشعر بندم وأسف لِما هو عليه فلا يَرجِع إلى أحكامهم أو يأخذ بها ويعتمدها في رؤية ذاته النفسية والسلوكية والفكرية.
هذه المشكلة الاجتماعية تَتعارض مع ما جاء به “جارلس هرتن كولي” وهوعالِم اجتماع أمريكي قديم صاحب نظرية الإنسان في المرآة، التي عَنى بها أنَّ الإنسان يرى ذاته في أحكام وآراء الاخرين المحيطين به التي شَبَّهها كالمرآة التي يشاهد الفرد صورته فيها. والمقصود هنا هو أنَّ المرآة لا تكون صافية دائماً إذ أحياناً تكون مُهَشَّمة لا يستطيع الفرد أنْ يشاهد صورته فيها لعدم استكمالها لكلّ أجزاء صورة الفرد الواقف أمامها لذلك لا يستطيع رؤية صورته الحقيقية عليها ولا ترتَسم ملامحه عليها. وهذه المشكلة هي إحدى إفرازات التغيُّر الاجتماعي السََّريع.