نالت مصر اهتماماً واضحاً وقوياً في العصر الروماني، إلى جانب أنه ساهم في انتعاشها في عصر النهضة، وعندما استكملت ثروة البقايا المصرية في مدينة روما بالمعلومات التي قدمها زوار مصر نفسها، وسيطر التقليد الكلاسيكي على وجهات النظر حول مصر بأنّها كانت أرض الحكمة القديمة، وكان يُعتقد أنّ هذه الحكمة تكمن في الكتابة الهيروغليفية والتي كان يُعتقد أنّها تنقل أفكارًا رمزية عميقة، وليس -كما تفعل في الواقع- أصوات النصوص وكلماتها.
القرن الخامس عشر – القرن الثامن عشر
بين القرنين الخامس عشر والثامن عشر كان لمصر مكانة ثانوية ولكنها مهمة في النظرة العامة للعصور القديمة، وأصبحت آثارها معروفة بشكل تدريجي من خلال عمل العلماء في أوروبا والمسافرين في البلد نفسه، حيث أرقى منشورات هذا الأخير كانت بقلم ريتشارد بوكوك وفريدريك لودفيج نوردن وكارستن نيبور، الذين ساعدت جميع أعمالهم في القرن الثامن عشر على تحفيز إحياء الفن والهندسة المعمارية الأوروبية، وكخليفة للمسيحية تم مراجعة اللغة القبطية ودراستها للغة المصرية القديمة من القرن السابع عشر وذلك بواسطة الباحث اليسوعي الألماني أثناسيوس كيرتشر (Athanasius Kircher) للوصول إلى ذلك المفتاح للمصريين.
كانت رحلة نابليون الأول وغزو مصر القصير في عام 1798 تتويجًا لاهتمام القرن الثامن عشر بالشرق، ورافق الحملة مجموعة من العلماء الذين ثبتّوا تاريخ الدولة القديمة والمعاصرة وفي الأعوام من 1809-1828 تم إصدار وصفًا لمصر، وتعد هذه الدراسة الأكثر توسعًا وإلمامًا التي تمت دراستها من قبل عملية فك رموز الكتابة الهيروغليفية.
وتم اكتشاف حجر رشيد الشهير الذي يحمل مرسومًا من بطليموس الخامس إبيفان بالهيروغليفية والخط الديموطيقي والأحرف الأبجدية اليونانية، وخلال الرحلة الاستكشافية حين استسلمت فرنسا تنازلت بريطانيا عن حجر رشيد في مصر وبذلك أصبحت ضمن ملكيات المتحف البريطاني في مدينة لندن، وفي عام 1822 قام جان فرانسوا شامبليون بفك شفرات هذه الوثيقة بصورة كبيرة.
اللغة المصرية التي كشف عنها فك الشفرات وعقود من الدراسة اللاحقة هي عضو في عائلة اللغات الأفرو آسيوية -سابقاً (Hamito-Semitic)- والمصري هو الأقرب إلى الفرع السامي للعائلة، ولكنه مميز في كثير من النواحي، وخلال عدة آلاف من السنين تغيرت بشكل كبير، ولا يوفر النص كتابة حروف العلة وذلك لأنّ الأسماء الملكية من الأشكال اليونانية عرفت من مانيتو قبل زمن بعيد من تواجد الأشكال الكتابة المصرية فإنّ تلك التي استخدمت حتى هذا اليوم هي علاوة عن مزيج من الأشكال اليونانية والأشكال المصرية.
القرن التاسع عشر
في النصف الأول من القرن التاسع عشر تم تصدير أعداد كبيرة من الآثار من مصر لتشكل نواة المجموعات في العديد من المتاحف الكبرى، ونتيجة الاستعاضة بإزالة هذه الآثار بدلاً من التنقيب عنها قد أدى ذلك إلى التسبب بالضرر الكبير والجسيم في تلك المواقع الأثرية جنبًا إلى جنب مع التنمية الاقتصادية، ولكن في ذات الوقت عمل العديد من الرحالة والعلماء بزيارة البلاد وسجلوا الآثار، وفي الأعوام من 1842-1845 قامت البعثة البروسية بقيادة عالم المصريات والآثار واللغوي كارل ريتشارد ليبسيوس (Karl Richard Lepsius) بإنتاج سجلًا أكثر أهمية ودقة والذي تم استكشافه في مواقع من أقصى الجنوب في مصر حتى وسط السودان.
في منتصف القرن التاسع عشر تطور علم المصريات كموضوع في فرنسا وبروسيا، وتم إنشاء دائرة الآثار ومتحف للآثار المصرية في مصر من قبل عالم المصريات الفرنسي أوغست مارييت، وهو الحفار العظيم الذي سعى للحفاظ على المواقع من الإزالة والتي تؤدي إلى الدمار، وكذلك البروسي هاينريش بروغش الذي عمل على أحراز تقدم ملحوظ في تفسير العديد من النصوص وذلك لفترات متعددة وعمل على نشر أول قاموس مصري كبير.
أما فيما يتعلق بالتنقيب المنهجي فقد قام فلندرز بيتري وذلك في عام 1880 في البدء لأكثر من 40 عامًا، مما شكل إطارًا أثريًا لكل الفترات الأساسية والرئيسية لحضارة الثقافة المصرية، ولكن باستثناء فترة عصور ما قبل التاريخ البعيدة، وكان بيتري هو البادئ بالكثير من الأساليب الأثرية لكن جورج أندرو رايزنر تجاوزه لاحقًا الذي قام بالتنقيب عن المؤسسات الأمريكية من عام 1899 إلى عام 1937، ويعد أدولف إيرمان من مدينة برلين من أعظم علماء المصريات في أواخر القرن التاسع عشر فهو الذي وضع فهم المصريين واللغة على أساس وقاعدة سليمة وكتب الأعمال العامة التي نظمت لأول مرة ما كان معروفًا عن الفترات السابقة.
منذ تسعينيات القرن التاسع عشر تم نشر نسخ طبق الأصل بشكل كامل من الآثار المصرية مما يعطي سجلاً منفصلاً والذي يصبح أكثر حيوية مع تحلل النسخ الأصلية، وكان جيمس هنري برستد من المعهد الشرقي في جامعة شيكاغو رائد هذا النقش العلمي، والذي بدأ عمله في عام 1905 وبعد ذلك بوقت قصير انضم إليه آخرون، ويعمل العديد من العلماء الآن في الكتابة.
القرن العشرين
في النصف الأول من القرن العشرين تم إجراء بعض الاكتشافات الأثرية البارزة ومنها أنّه:
1- اكتشف هوارد كارتر مقبرة توت عنخ آمون في عام 1922.
2- قبور ملوك الأسرة الحادية والعشرين والثانية والعشرين في تانيس في الأعوام 1939-1944 التي وجدها عالم المصريات الفرنسي جان بيير ماري مونتيه.
3- بينما عثر كل من والتر بريان ايمري والسير أرشيبالد لورانس لاري باتريك كيروان على مقابر لثقافة بالانا (من القرن الرابع إلى القرن السادس الميلادي) في النوبة في 1931-1934، والذي سبق الرفع الثاني لسد أسوان.
قبل الانتهاء من السد العالي بأسوان قبل الانتهاء من السد العالي بأسوان تم تسجيل في منطقة النوبة المصرية والنوبة السودانية نتيجة عمليات تنقيب على المواقع بشكل دولي في أواخر الخمسينيات والستينيات من القرن الماضي، وتعد النوبة السفلى الآن واحدة من أكثر المناطق الأثرية استكشافًا في العالم، وتم نقل معظم معابدها العديدة إما إلى أرض مرتفعة قريبة كما حدث لأبو سمبل وفيلة أو إلى أماكن مختلفة تمامًا بما في ذلك المتاحف الأجنبية المختلفة، وكان للحملة أيضًا نتيجة مرحب بها تتمثل في تقديم مجموعة واسعة من الخبرات الأثرية إلى مصر بحيث ارتفعت معايير التنقيب والتسجيل في البلاد بشكل كبير.
استمرت أعمال التنقيب والمسح ذات الأهمية الكبرى في العديد من الأماكن، فعلى سبيل المثال في سقارة وهي جزء من مقبرة مدينة ممفيس القديمة، وقد اكتشفت عدة مناطق جديدة من السرابيوم باكتشافات مهمة وغنية كما يتم أيضًا في المملكة الحديثة استكشاف مقبرة رئيسية بشكل دقيق.
علم المصريات مع ذلك هو موضوع تفسيرية في المقام الأول، وكانت هناك مساهمات بارزة فعلى سبيل المثال في الفن حيث أسس هاينريش شيفر مبادئ تجسيد الطبيعة واللغة، وتم إلقاء ضوء جديد على النصوص وكُتب أغلبها بمقياس بسيط يمكن أن يكون بمثابة أساس للأعمال الأدبية المتطورة، والبيئة المادية والبنية الاجتماعية والملكية والدين هي مجالات أخرى تم فيها إحراز تقدم كبير، بينما يتم باستمرار تحسين إعادة بناء الخطوط العريضة للتاريخ بالتفصيل.