إمارة أنطاكية: هي دولة تم تأسيسها بعد الحملة الصليبية الأولى التي قام بها الصليبيون على مدينة أنطاكية، وقد استمر حكمها تحت الحكم الصليبي قرابة المائة عام وذلك بعد قيام الممالك بالسيطرة عليها، تعتبر أنطاكية أول مملكة أسّسها الصليبيون في منطقة الشرق والتي كانت تتمتع بموقع تجاري في تلك المنطقة.
إمارة أنطاكية:
كانت بداية سيطرة الصليبيين على مدينة إنطاكية عندما كان الصليبيين متوجهين إلى آسيا الصغرى للقيام بعملية تأسيس مملكة صليبية لهم، فقام الجيش الصليبي بالتوجه نحو أنطاكية والتي كانت واقعة في ذلك الوقت تحت حكم المسلمين، فبدأت القوات الصليبية بعملية حصار أنطاكية ومنعت أي شخص بالدخول أو الخروج، وقد كانت عملية حصار أنطاكية فترة طويلة والتي أخذ الجنود الصليبيين يشعرون بالجوع وخاصةً في فصل الشتاء؛ ممّا اضطرهم ذلك إلى أكل الجياد الخاصة بهم، فتم بعد ذلك دخول الصليبيين إلى داخل المدينة والذي أدى دخولهم إلى حصول مذبحة بينهم وبين المسلمين.
بعد مدة الحصار الطويلة التي قام بها الصليبيين قام أمير الموصل بالذهاب إلى أنطاكية وقام بمحاصرة الصليبيين، فوجد الصليبين أنفسهم محاصرين من داخل وخارج المدينة ولا يوجد لديهم الغذاء يأكلونه وأصبحوا حينها يشعرون بالضعف لطول فترة الحصا؛ ممّا دفعهم ذلك إلى طلب السلام من الأمير “قوام الدين أبو السعيد” أمير أنطاكية، إلا أنّه رفض طلبهم ومنعم من الخروج إلا من خلال القتال، فرأى قائد الصليبيين بأنّه لا يمكنه الخروج للقتال وحمل السيف، فقام بإقناع جنوده بأنّ حربة المسيح التي تم طعن المسيح فيها موجودة في أنطاكية، فقام برفع معنويات جنوده حتى قام بالوقوف إلى جانبه.
بعد المعنويات التي حَصل عليها الجنود الصليبيين وقناعته بوجود الحربة الصليبية في أنطاكية قاموا بالدخول إلى أنطاكية وعَملوا على تفريق المسلمين وإضعاف قوتهم، وسقطت مدينة أنطاكية في أيدي الصليبين بعد أن قاموا بهزيمة المسلمين، ولكن بعد عملية سيطرتهم عليها بدأوا يواجهون المشاكل والتي من أهمها من سوف يقوم بالسيطرة على المدينة، حيث بدأ الأمراء الصليبيين يتنافسون على حكم أنطاكية، في كل أمير كان يرى هو الأحق في الحكم، وكانت سوف تصل بينهم إلى الصراع المسلح إلى أن قاموا بالاتفاق على عملية تقسيم المدينة فيما بينهم.
سقوط أنطاكية:
قامت القوات الصليبية بمحاصرة أنطاكية خلال فصل الشتاء وقد كان الصليبيون يعانون من قلة المونة لديهم، كما كانت هناك عدة خلافات بين القادة العسكريين للحملة؛ ممّا دفع أمير حلب إلى استغلال ذلك الخلاف والقيام بالتصدي للقوات الصليبية أثناء فترة الحصار، ولكنه لم يتمكن من هزيمته وخاصةً بعد حصولهم على التعزيزات العسكرية من إيطاليا، فتمكن الصليبيين من التصدي لذلك الهجوم وبقائهم في مكانهم محاصرين أنطاكية.
كانت تعتبر مدينة أنطاكية من المدن التي تم بناؤها بشكل جدران منحدر، فلم يكن بمقدرة أية قوات عسكرية من الدخول إليها، في تلك كان الصليبيون يقيمون بالقرب من القلعة، حيث كانوا يدعون بأنّهم يقومون بحماية أسوار المدينة من الهجمات المضادة، ولكنهم في الواقع كان يكون لهم وقاموا بتسليم المدينة إلى أعدائهم، فقام القائد الذي قوم بحماية أسوار المدينة بالاتفاق مع الأعداء وقام بفتح أبواب المدينة أمام القوات الصليبية، والذين قاموا وعده بإعطائه الذهب والأموال مقابل فتح الأبواب لهم؛ ممّا أدى ذلك إلى غضب الحاكم وقام بمعاقبته.
تمكن الصليبيون من دخول مدينة أنطاكية عبد عملية الخيانة التي تمت، وقاموا بنشر القوات الصليبية في جميع أنحاء أنطاكية، خلال تلك العملية قام سكان المدينة بالتصدي لعملية الهجوم، لكنهم لم يتمكنوا من مقاومة القوات الصليبية والتي كانت تكثرهم عدداً، فتمكن الصليبيين من السيطرة على مدينة أنطاكية بعد مدة حصار طويلة.
بداية سيطرة الصليبيون على أنطاكية:
في بداية حملات الصليبيين كانوا يسعون إلى عملية توسعة أراضيهم ومملكتهم، فبدؤوا في ذلك الوقت بعمليات حرق الزرع والتخريب، وقاموا بطلب المساعدة من إيطاليا، ثم قاموا بالدخول إلى مدينة اللاذقية والتي كانت تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية حينها، فقاموا بإخراج حاكمها منها وأخذوا يستولون على المدن الواحدة تلو الأخرى، ومن ثم قام الصليبيون بتجهيز جيوشهم والذي تم تمديدها لهم من قِبل إيطاليا، فأخذوا حينها بالتوجه إلى الإمبراطورية البيزنطية، إلا أنّهم تم هزيمتهم من قبل الروم؛ ممّا جبرهم ذلك على التنازل عن إمارة أنطاكية ولكي تصبح تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية.
قام الصليبيون بتنفيذ معاهدتهم مع الإمبراطورية البيزنطية ورفضوا التنازل عن أنطاكية لهم بشكل كامل، فحصل بينهم خلافاً وقد كان الحكام بلاد الشام مستائين من الصراع الدائر على إمارة أنطاكية والذي أخذوا بالبحث عن حليف للوقوف إلى جانبهم ضد الهجوم المشترك عليهم، فجرى صراع كبير بين الصليبيين والمسلمين والذي نتج عنه هزيمة المسلمين في تلك المعركة، فقام المسلمين بتجهيز جيوشهم مرةً أخرى بشكل أكبر والذين تمكنوا من هزيمة الصليبيين والذي لم يستطيعوا الصمود أمام قوات المسلمين ودفعهم ذلك النصر إلى التراجع بعد خسارتهم الكثير من القتلى.
بعد تلك الهزيمة التي تعرض لها الصليبين أصبحت أنطاكية تابعة للمملكة الصليبية التي تم تأسيسها في بلاد الشام “مملكة بيت المقدس الكاثوليكية”، قام حاكم حلب الأمير “نور الدين زنكي” بغزو أنطاكية وسعى في السيطرة عليها وتخليصها الحكم الصليبي، فتمكن من السيطرة على بعض الأجزاء فيها، ولكنها من لم يتمكن من السيطرة عليها والتي أصبحت تحت حكم الإمبراطورية البيزنطية، وقد أصبحت الإمبراطورية البيزنطية مسيطرة على أنطاكية بشكل كامل وأخذ البيزنطيون يجهزون جنودهم من الجيوش الأنطاكية، والتي أصبحت كلاَ من أنطاكية والإمبراطورية البيزنطية يشكلون تحالف معاً.
تم فك التحالف بعد ذلك بين الإمبراطورية البيزنطية وأنطاكية؛ وذلك بعد وفاة الإمبراطور البيزنطي، فأخذت القوات البيزنطية بسحب قواتها العسكرية من أنطاكيا ورفعت عنها الوصاية التي كانت مفروضة عليها، فبدأت أنطاكية بالتعرض للهجمات من الأساطيل الإيطالية، كما بدأت الصراعات بين دول الفارس ودولة المماليك في السيطرة على أنطاكية، فقامت أنطاكية خلال ذلك الصراع بالوقوف إلى جانب الفُرس في ذلك الصراع؛ ممّا أدى إلى غضب الملك “الظاهر بيبرس” والذي قرر الهجوم على أنطاكية والعَمل على السيطرة عليها.
قام “الظاهر بيبرس” بعملية تجهيز جنوده قام بغزو أنطاكية والذي قام بتقسيم جنوده وتمكن من محاصرة أنطاكية حتى تمكن من الدخول والسيطرة عليها، وقام بجمع الذهب والغنائم ووزعها بين الناس، ويعتبر سقوط انطاكية بيد “الظاهر بيبرس” من أقوى الهزائم التي تعرض لها الصليبيين أثناء حملاتهم الصليبية، والذي يعتبر سقوطها نهاية لحكم الصليبين في المنطقة.