هناك مجموعة من المجالات الرئيسية التي يتاولها الابتكار الاجتماعي كقضايا مهمة ومُلِحَّة وضرورية، وهناك بعض العلماء حدّدوا هذه المجالات بستَّة مجالات رئيسية.
مجالات الابتكار الاجتماعي:
حدّد “بولفورد وهاكيت وداست” الأنشطة الملحوظة في إطار مجالات الابتكار الاجتماعي في العدديد من دول العالَم، وذلك على النحو التالي:
1- وسائل وطرق جديدة للحصول على أفكار جديدة: وذلك على نحو متنامي ومتزايد، وقد ظهرت أفكار جديدة ناتجة عن العمليات التنافسية لكسب التحديات، وتحقيق مستوى عالي من التميز في جميع أنحاء العالم على مستوى الحكومات والشركات، وكذلك على مستوى الشركات والمؤسّسات متعدّدة الجنسية، حيث سخّرت جميع مواردها وقواها من أجل التَّوصّل إلى أفكار جديدة لمواجهة التحديات المجتمعية ومطالبها الضرورية، ومن الأمثلة على ذلك: مركز “nesta’s” في المملكة المتحدة الذي يتعامل مع الكثير من النماذج والتحديات لتحسين حياة كبار السن وتقليل العُزلة الاجتماعية، والبحث عن أفكار جديدة لتقليل مستوى البطالة وحصول العاطلين على العمل المناسب.
2- زيادة البنية التحتية ودعم الشركات المُبتدئة: وذلك عن طريق إنشاء المختبرات والمراكز وحاضنات أفكار الابتكار، وأيضاً المُمَوّلات للمشاريع الجديدة في جميع أنحاء العالَم بشكل عام وفي الجامعات بشكل خاص، ومن أمثلة هذه المراكز مركز الابتكار الاجتماعي في جامعة سنغافورة للإدارة، مركز “lien” حيث يُمَوَّل بعضها بدعم من الحكومة والبعض الآخر يُمَوَّل بشكل خاص ومستقل.
3- التوجّه نحو المشاركة: ظهر مفهوم المشاركة الاقتصادية في منتصف الألفية وبعد الأزمة المالية العالمية، ومن خلال تمكين تقنية قوية تسمح للمواطنين بالمشاركة في الموارد على نحو أكثر فاعلية، وقد تمَّ التّوسع في المشاركة وتوسعت وتطورت هذه الفكرة، فأصبح هناك الكثير من الأماكن للابتكار والسوق والتعاون عن طريق الإنترنت بين الحكومة والمواطنين.
4- أُطر التَّوسع: انطلقت هذه السياسات من منظور القناعة بأنَّ الابتكار الاجتماعي ضروري لتلبية الحاجات الضرورية في المجتمع، وتحتاج هذه المبادرات التي ثبت نجاحها في نطاق ضيق إلى التوسيع والتعميم، وذلك للوصول بها إلى معظم الناس في المجتمع؛ لتكون أكثر تأثيراً، ومن هذا المنطلق اقتضت الحاجة لجعل الناس يدركون مفاهيم الاستراتيجيات المتنوعة والمختلفة، ويسيرون على منهاج ونظام دينامي ونماذج تساعدهم وتمكنهم لنمو وتطوّر مشاريعهم.
5- الابتكارات النظامية: تسعى عمليات الابتكار الاجتماعي في جميع أنحاء العالم نحو اكتمال وشمول أبعادها، والبراعة في تطوير المشاريع الجديدة والأفكار والمؤسَّسات والمنتجات لمعالجة المشاكل واحتياجات المجتمع، وبالتالي يكون تأثير هذه الابتكارات محدود في محيط مجتمعها؛ لأنَّها في الغالب ما تبقى صغيرة ومركزية في محيط المجتمع وبالتالي لا يمكن إحداث التغيير المطلوب على نطاق أشمل وأوسع إلّا من خلال إنشاء نُظم أيكولوجية داعمة تتميز بهياكل وسياسات تنظيمية داعمة، وأيضاً مُوجِّهة لها نحو تحقيق التغيير الواسع الشامل المرغوب والمطلوب، مِمّا يُمَكّن الابتكارات الاجتماعية أنْ تكون أكثر استدامة.
6- أدوات تمويل مُبتَكرة للابتكار الاجتماعي: حيث تُشير أدبيات الاقتصاد والإدارة أنَّ هناك ثلاث طرق لتمويل الابتكار الاجتماعي، تتمثّل بما يلي:
- انتشار نموذج “unltd”: وهي المنظمة الرائدة في مجال دعم ومزود الخدمة في الولايات المتحدة، حيث أنَّها تقدم أكبر شبكة في العالَم للموارد والدّعم لأصحاب المشاريع الاجتماعية، وذلك من خلال الاستثمار المباشر في الأفراد، كما أنَّها تُشجع روح المبادرة الاجتماعية من خلال توقير مصادر تمويل مالية للأفكار الجيدة وقد انتشر هذا النموذج في بعض الدول.
- سندات الأثر الاجتماعي: وهي شكل من أشكال العقد “اتفاق مشروط” على أساس النتائج في القطاع العام، وهي وسيلة مُبتكرة لجذب استثمارات جديدة على هيئة عقود اتفاق على أساس الأداء، حيث تعود بالفائدة على الأفراد والمجتمعات، وتُسَلَّم تلك الاستثمارات من قِبَل مقدمي الخدمة، فإذا لم تتحسَّن الخدمة أو النتائج المتوقعة؛ فإنَّ تلك الاستثمارات لا تُرَدّ، وتشبه سياستها إلى حدّ كبير الاستثمار في الأسهم، وقد انتشر هذا النوع من النماذج في بعض الدول ويجري العمل على تطويرها.
- الاستثمار الاجتماعي من خلال الاعتماد على منظمات كبيرة للاستثمار المجتمعي: والتي تسعى إلى تطوير سوق الاستثمار في المجتمع، من خلال تحسين فرص الحصول على التمويل لمؤسّسات المجتمع، ورفع مستوى الوعي للمستثمرين وتبصيرهم بالفرص الاستثمارية المتوفرة، وهناك نوعان رئيسيان من الاستثمار الاجتماعي تتمثّل في:
أولاً: الديون: وتتكون من عدّة أنواع منها القروض المضمونة والتي تتّسم بالأمن كونها تشترط رهناً عقارياً على الممتلكات والأصول، وأيضاً النوع الثاني يتمثّل في الاقتراض في حدود مُتَّفق عليها وهي طريقة مباشرة يتم من خلالها إقراض كامل المبلغ دون تجزئة، والنوع الثالث يُعرَف بالقروض غير المضمونة والتي تزداد فيها الفوائد وتُعتبر من الأشكال الأكثر حاجة لمؤسّسات القطاع الاجتماعي.
ثانياً: الأسهم: يتم الاستثمار في أسهم الشركات التي يُتَوَّقَع أنَّها ستنمو وتزدهر، وفي المقابل يمكن الحصول على أرباح، وهذه الطريقة أقلّ شيوعاً من القروض، لأنَّ مؤسّسات القطاع الاجتماعي لا تسمح في كثير من الأحيان بهذا النوع من التمويل.