مشكلة الانحلال الأخلاقي

اقرأ في هذا المقال


تعتبر مشكلة الانحلال الأخلاقي من المشاكل الاجتماعية الخطيرة والتي تهدد أمن واستقرار المجتمع، وذلك لأنها تعتمد على أخلاق الأفراد التي تحدد أشكال السلوك، وبسبب عدم وجود الأخلاق وظهور سلوكيات معادية وأفعال خاطئة سينتج العديد من المشاكل الاجتماعية الخطيرة والتي تحتاج لتدخل من أجل معالجتها.

مشكلة الانحلال الأخلاقي

إن إطلاق النار الجماعي والكراهية والعنصرية والظلم الاجتماعي والفظاظة والاحتيال والتفوق العرقي هي مجرد أمثلة قليلة على الانحلال الأخلاقي في المجتمع، وقد حدثت هذه الأشكال المتطرفة من السلوك بسبب تدهور الأخلاق والسلوك الأخلاقي، حيث أن الأخلاق هي النظام الذي يحدد من خلاله السلوك الصائب والخطأ أي المرشد إلى السلوك الصالح أو الصحيح، وتصف النظرية الأخلاقية كيف يتخذ الناس في أفعالهم وأحكامهم اليومية قرارات بشأن الصواب والخطأ.

فالسلوك الأخلاقي هو مجموعة من المعايير مثل تلك المنصوص عليها في مدونة الأخلاق، والأخلاق هي معايير السلوك السائدة التي تمكن الناس من العيش بشكل تعاوني في مجموعات؛ لأنها توفر إرشادات للسلوك، وغالبًا ما تتطلب الأخلاق أن يضحي الناس بمصالحهم قصيرة الأجل لصالح المجتمع، وخير مثال على ذلك هو التخلي عن الثروة الشخصية لمساعدة الآخرين المحتاجين، على سبيل المثال تتصرف شركة ما بشكل أخلاقي عندما تتخلى عن الأرباح لتتصرف بطريقة مسؤولة اجتماعيًا.

وإحدى المشاكل المتعلقة بالطريقة التي يتم بها تحديد الأخلاق اليوم هي أنها تعتمد على الذاتية لمعظم الناس، بعبارة أخرى يحدد الأفراد ما هو أخلاقي وغير أخلاقي لأنفسهم في وضعهم الفريد، ولا توجد معايير سلوك مقبولة بشكل عام، وهذا المعيار الموضوعي للصواب مقابل الخطأ يخلق الكثير من المشاكل في المجتمع، وهذا يعني أن ما هو جيد أو سيء لشخص ما يمكن أن يختلف عن ما هو عليه بالنسبة لشخص آخر، فقد يعتقد شخص ما أن الكذب من أجل المضي قدمًا أمر جيد لأسباب شخصية بينما يقول آخر إنه أمر سيء لأنه يهدد الثقة التي يضعها الآخرون فيه.

فكيف يمكن أن يتم تعلم العيش في مثل هذه البيئة؟ كما يمكن أن تخلق الموضوعية جميع أنواع المشاكل الاجتماعية مثل سرقة شيء ما أو تدمير الممتلكات الشخصية ثم تبريرها في ظل الظروف كما فعل اللصوص عندما تظهر الفرصة نفسها وتبريرها بسبب الظلم الاجتماعي المتصور، ويقول بعض علماء الاجتماع إن الانحلال الأخلاقي يُعزى إلى انخفاض الحضور الديني، ووفقًا لمسح أجراه هاؤلاء العلماء فإن انخفاض الحضور الديني في الكنائس والمعابد هو سبب جزئي على الأقل.

وجاءت نتائج الاستطلاع لعام 2020 على أن نسبة الحضور الديني كل أسبوع مره 24٪ والحضور مرة واحدة في الشهر 9٪ ونادرًا ما يحضر 25٪ والذين لم يحضروا أبدًا 29٪، ووفقًا للاستطلاع أفاد علماء الاجتماع أن أقل من نصف البالغين لا يحضرون ولا ينتمون إلى كنيسة أو مسجد، ويقول بعض علماء الاجتماع أن في بعض المجتمعات قد أدى عدم الحضور الديني بالنسبة للعديد من الناس إلى ظهور مشكلة الانحلال الأخلاقي وهذا يعني أن معظم الناس أصبحوا غير متدينين أو هناك ضعف ديني لديهم بغض النظر عن الذين لا يعتنقون أي إيمان أو من تتجاوز التجربة العادية.

النزعة الإنسانية لضعف التدين ومشكلة الانحلال الأخلاقي

وليست النزعة الإنسانية لضعف التدين واسعة النطاق مثل الإلحاد الذي يتعلق فقط بعدم وجود الله أو ما هو خارق للطبيعة، فهناك مجتمعات ترى أن الحياة أكثر بكثير من التدين، وتتناول القيم والمعنى والهوية في الحياة بعيداً عن الدين، وإلى هذا الحد تخلق معايير السلوك الأخلاقي، إذ أن هناك دليل شامل للفعل الأخلاقي الذي يحدد أسلوب حياة الشخص، كما هناك طريقة للوجود ودليل للعمل من أجل شخص صالح، لذلك يقول علماء الاجتماع أن السلوك الأخلاقي السوي تمامًا مثل أخلاق الشخص المتدين ولكن يسترشد بمجموعة خارجية من معايير السلوك.

وإن مشكلة النزعة الإنسانية باعتبارها المصدر الوحيد للأخلاق هي أنها تعتمد أكثر على التحديد الذاتي للصواب مقابل الخطأ، ويمكن لكل شخص تحديد الصواب والخطأ لأنفسهم، ونتيجة لذلك لا توجد معايير سلوك مقبولة بشكل عام للمجتمع بأسره، والقضية هي ما إذا كان الشخص يمكن أن يكون أخلاقيًا ولكن ليس متدينًا؟ والجواب الواضح هو نعم، إذ يعتقد أن الشخص يمكن أن يكون أخلاقيًا وإنسانيًا، وبعد كل شيء تتطلب النزعة الإنسانية معيارًا للسلوك يعامل كل شخص على إنه إنسان له حقوق معينة.

وعلى الرغم من أن الحقوق لا يتم تحديدها من خلال الدين بل من خلال مسار السلوك مثل مدونة الأخلاق الخارجية، ما ينقص هو قوة أعلى ليكون المرء مسؤول أمام نفسه وعن أفعاله خارج نفسه، وتحديدًا فإن ما تطلبه الديانات السماوية بشكل عام من أفعال الفرد الأخلاقية هي دليل على ضرورة وجود النزعة الإنسانية الأخلاقية في كيانات الفرد، لكن لا يتم رؤية ذلك يحدث في المجتمع اليوم، حيث الأمة ممزقة ومقسمة إلى معسكرين منفصلين للصواب والخطأ، وتم تعريف معيار السلوك بشكل متزايد من خلال ثقافة الإلغاء.

حيث يتم تحديد السلوك من قبل شخص واحد أو مجموعة من الأشخاص لديهم نفس المعتقدات، فقد يكون المرء ضد التيار السائد وقد يتجنب شريحة من المجتمع ويتشوش على وسائل التواصل الاجتماعي، ويتعارض مع المعايير السائدة لثقافة الإلغاء وقد يتم إلغاؤها أيضًا، ولا يهم ما إذا كان قد ارتكب العمل العدواني مؤخرًا أو في الماضي البعيد، فالمشكلة هي أن أياً من الأشخاص لم يعد في مأمن.

ما هي حلول مشكلة الانحلال الأخلاقي

لقد قلبت التكنولوجيا والاتجاهات السريعة المتزايدة في العولمة المجتمع رأساً على عقب، فالشباب هم الضربة السريعة في هذه الاتجاهات المتغيرة، وهناك انحلال أخلاقي هائل في المجتمع، ويرجع ذلك إلى عدم وجود رقابة على الأفلام ومقاطع الفيديو والموسيقى التي يشاهدها الأطفال ويستمعون إليها، ويشعر الآباء والأوصياء باهتمام أقل بما يتعلق بأطفالهم ورفاهية القاصر.

وقد يقول المرء إنهم يفعلون كل هذا بدافع من الوفرة الشبابية، لكن أي شاب نشأ في خوف الله سيواجه قيودًا فيما يفعله الشخص، فكم عدد المدراء أو المعلمين أو المدربين في هذه الأيام يحاولون تصحيح طلابهم الذين يرتدون ملابس غير لائقة ويأتون إلى المدرسة؟ وأيضاً الفتيات اللواتي يرتدين زيًا ضيقًا وصغيرًا للغاية والأولاد في سراويلهم التي يرتدونها حيث يسحبون سراويلهم تحت الملاكمين، وهذه هي التكنولوجيا والاتجاهات المتغيرة في التعليم.

ومن وجهة نظر علماء الاجتماع أن الطلاب الذين يأتون إلى المدرسة بهذا الشكل سينتهي بهم المطاف غدًا كأوغاد في المجتمع، وسوف يرتدون ملابس عراة غدًا إما يتعاطون المخدرات أو يصبحون مدمنين على الكحول، ويرتكبون جريمة أو أخرى، لذلك يجب تعليم الشباب الطريق الصحيح للحياة الإيجابية، فالأولاد الذين يرتدون سراويل ممزقة ويقولون شعرهم ويرتدون حلقة في أذن واحدة ستجعلهم هذه المظاهر والمرفقات أشخاص  غير مسؤولين ولئيمين.

والنساء والفتيات اللواتي يرتدين التنانير القصيرة والفساتين لإغواء الرجال وإغرائهم في فخهم الفاسد يحطون من أنوثتهم ويجعلونهم بلا قيمة أمام رجالهم، فاللبس غير اللائق عمل إجرامي؛ لأنه يمكن أن يجعل المغوي في حالة لا يمكن السيطرة عليها لارتكاب الجريمة، ويجب على المجتمع أن يصحح هذا الاتجاه لأنه إذا ترك دون رادع فإن الكلمة التالية التي يجب صياغتها بعد المجتمع هي الانحلال الأخلاقي.


شارك المقالة: