اقرأ في هذا المقال
- نشأة حكام طيبة وتأسيس الأسرة
- الملك الفرعوني إنيوتف الثاني (2082 – 2131)
- الملك الفرعوني إنيوتف الثالث (2079 – 2082)
نشأة حكام طيبة وتأسيس الأسرة:
تأسس في طيبة منذ أيام الأسرة السادسة بيت حاكم. كما جرت في معظم الأقاليم عندما حست الحكومة المركزية بالضعف في منف، وتم فصل بعض أولئك الحُكام مقابرهم في صخور تلال جبانة طيبة في البر الغربي من النيل حيث يوجد عدد قليل منها بين مقابر العصور الأخرى.
ولا يوجد معلومات كثيرة عن أولئك الحكام خلال مدة التي تلت الأسرة السادسة. ولكن لا يثيرنا شك في تواجد بيت واحد قوي أو أكثر من بيت في هذه المنطقة الغنية، وأنَّ هذا البيت كان يعيش تارة في سلام، ويتنازع على السيادة تارة أخرى مع جيرانه في أرمنت في الجنوب وقفط في الشمال، حتى انتهت أيام الأسرات السابعة والثامنة في منف.
ثم تكونت بعد ذلك الأسرة التاسعة في أهناسيا. ولكن عندما تطورت الأمور وانتقل الحكم إلى ما نُسميه الأسرة العاشرة في أهناسيا أحس بيت طيبة بأنه لا يقل في أحقيته للملك عن ملوك الشمال فأعلنوا عدم طاعتهم لإهناسيا، وكونوا منهم ومن جيرانهم الأقربين اتحاداً في الجنوب، أيّ أنَّ الأسرة الحادية عشرة في الجنوب تبدأ في الحقيقة منذ بدء الأسرة العاشرة في الشمال. لكن هؤلاء الجنوبيين احتاجوا إلى وقت طويل يزيد عن ثمانين عاماً حتى أصبحوا يحكمون البلاد كلها دون منازع، أصبح الملك منتوحوتب الثاني ملك مصر كلها ووحد البلاد لتبدأ فترة جديدة في تاريخها.
ومؤسس هذا البيت الذي لُقِبَ باسم الأسرة الحادية عشرة لاحقاً، يُسمى (إنيوتف)، (يكتبه أحياناً بعض الأثريين أنتف)، ولا نعرف عنه أكثر من أنه كان مؤسس هذا البيت وأنَّ أمه تُسمى (إكو)، وأنَّ أهل طيبة فيما تلا ذلك من الأيام كانوا ينظرون إليه نظرة تقديس خاصة، وكانوا يلتمسون بركته.
وتم ذكر اسم هذا الشخص أيضاً في لوحة الأجداد التي أسسها تحتمس الثالث في الكرنك كأول حاكم للأسرة الحادية عشرة، ولكنهم لم يكتبوا اسمه في خانة ملكية بل اكتفوا بأنهم كتبوا ألقابه (الحاكم والأمير الوراثي إنيوتف المبجل). لم يدع إنيوتف الملك منذ البداية بل ظل على استقلاله الذاتي بإقليمه ولم يقطع صلته بملوك الشمال إذ ذكر على لوحته الشهيرة التي عثر عليها ماربيت في القرن الماضي وتوجد الآن في متحف القاهرة أنه الحاكم. الأمير الوراثي، والسيد العظيم لإقليم طيبة الذي حاز على رضاء الملك كحارس لباب الجنوب، العماد العظيم لمن يحيى الأرضين (يشير طبعاً إلى الملك)، الكاهن الأكبر إنيوتف.
وفي زمن من الأزمان في أواخر أيام حكمه، كتب إنيوتف هذا، وكان يُسمى أيضاً (سهر تاوي)، أو مهدئ الأرضين، اسمه في خانة ملكية وأصبح معروفاً لنا باسم إنيوتف الأول، وأحاط نفسه برجال البلاط، ودفن في قبر كبير أمامه صف من الأعمدة المقطوعة في الصخر، وكان هناك هرم من الطوب فوق قبره في جهة الطارف، وهي المنطقة الشمالية من جبانة طيبة.
الملك الفرعوني إنيوتف الثاني (2082 – 2131):
وتلاه إنيوتف الثاني المُسمى (واح عنخ)، وقد حكم نحو خمسين عاماً على الأقاليم الخمسة الجنوبية في الصعيد، وبدأ في عهده التوسع نحو الشمالي، وبدأ الطيبيون في مُهاجمة الإقليم السادس، وهو إقليم ثيني حيث توجد جبانة أبيدوس، ولكن الإهناسيين ظلوا على قوتهم خصوصاً وأنَّ أمراء أسيوط الأقوياء كانوا حلفاء لهم.
كان إنيوتف الثاني مُعاصراً لإختوي (أو – خيتي)، أمير أسيوط، وفي مقبرة هذا الأخير نقرأ بعض إشارات عن جمع الجنود وإعداد الرماة والتفاخر بالأسطول ولكنه لا يذكر وقائع حربية صريحة بينه وبين الطيبيين، ويفتخر أختوي أمير أسيوط في مقبرته بأنَّ الملك (أي ملك أهناسيا)، عينه حاكماً وهو ما زال في طفولته وأنه تعلم السباحة مع أبناء الملك.
ولكن الأمور لم تكن على هذا المجرى من الهدوء والاطمئنان الذي نراه في نقوش أختوي في أسيوط، فإنا نعلم أنَّ غيره من الأمراء في الشمال مثل أمراء بني حسن وأمراء البرشا أخذوا بدورهم يعلنون استقلالهم ويؤرخون الحوادث بتاريخ حكمهم، وبعبارة أخرى أخذ زمام الأمور يفلت من أيدي ملوك أهناسيا.
ومن رسومات مقبرة (تف إب)، ابن أختوي الذي أتى من بعده في حكم أسيوط نقرأ شيئاً عن حروبه مع الطيبيين في (ثنيي)، إذ يتحدث عن معاركه مع أعداء الملك ويقول عن زعيم الطيبيين إنه وقع في الماء وأنَّ سفنه تفرقت واستطاع أنّ يُملي عليه ما يريد. ولكن رغم هذا التفاخر بنفسه وبقوة جنوده فإنَّ الحقيقة كانت انتصار طيبة وضم إقليم ثنيي إليها فأصبح تحت حكم إنيوتف الثاني ستة أقاليم من الصعيد، وأصبح الحد الشمالي لملك الطيبيين عند مدينة كوم أشقاو (أفروديتويوليس)، كما نعرف ذلك من عدة مصادر أخرى وهي لوحات بعض موظفي إنيوتيف التي عثر عليها في طيبة.
كان إنيوتف الثاني من الحكام الأذكياء ويمتلكون القوة، وقد أحسن إدارة الأقاليم الستة وبدأ في تشييد بعض المعابد وبخاصة للإله (مونتو)، ورمم الهياكل والمعابد التي كانت للآلهة الأخرى في تلك الأقاليم، وبنى لنفسه قبراً كبيراً كان يعلوه هرم من الطوب، وأمام هذا الهرم أقام لوحة.
ولقبر هذا الملك ولوحته قصص مميزة. تم ذكرها في بردية أيوب (Abbot papyrus)، التي تم التعرف منها على كافة تفاصيل سرقات مقابر الملوك في الأسرة العشرين، إذ زارت لجنة التحقيق هذا المكان وأشارت إلى تلك اللوحة بأنها كانت في مكانها أمام الهرم، وأنَّ رسم الملك على هذه اللوحة وكلبه المُسمى (بحك)، بين قدميه، ويزيد التقرير بأنهم فحصوا القبر في ذلك اليوم ووجدوه سليما لم يُسرق.
وعثر مارييت في عام ((1860، على هذه اللوحة وتركها في مكانها ثم عثر عليها رجال الآثار مرة أخرى في عام (1882)، ورغم تحطيمها فإنَّ أجزاءها جمعت إلى بعضها وهي الآن في المتحف المصري، ونرى عليها (إنيوتف)، واقفأً ومعه خمسة من كلابه سماها بأسماء ليبية وكتب إلى جانب ثلاثة منها معانيها باللغة المصرية.
ومن المعتقدات أنَّ هذه اللوحة لم تكن موجودة فقط عند قاعدة الهرم بل كانت هناك لوحات صغيرة مختلفة بأسماء الموظفين المقربين إليه عثر على بعض منها في المكان نفسه أثناء حفائر مارييت (mariette)، ثم حفائر ماسبرو (maspero)، ودارسي (Daressy)، بعد ذلك، وتسرب أكثرها إلى المتاحف الأوروبية والأمريكية.
الملك الفرعوني إنيوتف الثالث (2079 – 2082):
ومات بعد أن حكم خمسين سنة فتبعه ابنه (نب تيي نفر)، على العرش، ويُسمى أيضاً إنيوتف وكان مُتقدماً في العمر فلم يبقَ في الحكم إلا سنوات قليلة، ولم يبقَ من عهده إلا القليل وأهمه لوحة أحد موظفيه المُسمى (مججي).