مفهوم الإقطاع في العصر السلجوقي

اقرأ في هذا المقال


مفهوم الإقطاع السلجوقي:

جاء السلاجقة وكان أمامهم الإقطاع البويهي وذلك أنهم نظروا إلى الأرض نظرة قبلية باعتبارها غنيمة مستندين إلى ذلك بضوء المفهوم الساساني التي تتلائم مع حكم مستبد مطلق يستند إلى قوات عسكرية غازية. ذلك ان السلاجقة نقلوا معهم تقاليدهم الحربية التي كانوا يُقاتلون على أساسها مع شعوب آسيا.

إنَّ حكم الإقطاع الذي انتشر في الدولة العربية الإسلامية جاء نتيجة الدولة العباسية، لقد كان لهذه الحركات والغزوات أثرها في إرساء القاعدة الأساسية للسيادة العسكرية للترك وفي ظهور نظام الإقطاع. إن فهم النظرة الإقطاعية التي حملها السلاجقة يقودنا إلى فهم ماضي السلاجقة ومعرفة المفاهيم الإقطاعية التي حملوها.

إنّ دراسة الناحية الاجتماعية من حيث بداوة السلاجقة الذين كانوا قوماً يحكمهم النظام القبلي كان الطابع المميز لحياتهم قبل قيام دولتهم، فقد كانوا في ترحال دائم وتنقل، إنَّ سهوب آسيا الوسطى التي انطلق السلاجقة الغزاة لم تعرف المدنية والنشاط الحضاري فقد كانت الصحارى والغابات لم تكن فيها نشاط تجاري حضاري وبالتالي فإنَّ المناطق التي سيطروا عليها كانت ضحية تلك الأفكار التي حملوها بخاصة نظم الحكم.

إنَّ ظهور طبقة أبناء القبائل نتيجة النظام القبلي ساعد على انتقال أعداد وفيرة من فروع القبائل السلجوقية إلى إيران وقد أدرك زعماء السلاجقة أهمية تلك القبائل التي أضحت من العناصر المهمة في دولة السلاجقة.

لقد بقى السلاجقة بعيدين عن المدينة حتى أنَّ سلاطينهم كانوا أُميين منهم سنجر آخر ملوك السلاجقة العظام كان أُمياً، لذلك فإن العناصر التركية التي دخلت مع السلطان السلجوقي لم تكن تستطيع أن تغير أسلوب معيشتهم البدائية هذا الأمر دفع الوزير السلجوقي نظام الملك إلى أقتراح أن تؤخذ فرقة من أولادهم وتربى في البلاط ليعتادوا الحياة المدنية وأسلوب نظام الحكم.

كان لقب (سوباشي)، أي قائد الجيش هو لقب رئيس العائلة الغازية التي ينتمي إليها السلاجقة والذي أصبح مسؤولاً عن قيادة الجيوش وتوزيع الإقطاعات وهو الذي يأمر بجباية الضرائب وإزالتها، إنَّ فكرة السلطة المطلقة لدى السلاجقة مقترنة بالقيادة العسكرية والتي في الأصل تعني قيادة القبيلة وقد مثلت الأساس الذي انطلق منه السلاجقة.

إنَّ نظرة السلاجقة للحكم مبنية على أساس نظرية الحق الإلهي في الحكم، يعتبرون زعيمهم الأعلى يستمد حكمه من الله أي بمعنى تفويض إلهي، قال مؤرخ السلاجقة: (اختارالله السلطان وميزه على عباده وجعلهم جميعاً خاضعين له منه يستمدون نفوذهم ودرجاتهم أما هو مستمد قوته من ربه الذي جعله أميناً على عباده). من هذا المنطلق نلاحظ أنَّ الأمراء السلاجقة الإقطاعيين اتحدوا فيما بينهم وأعلنوا لهم إخلاصهم وولائهم.

إنَّ عناصر الجيش السلجوقي تنتمي إلى عناصر بدائية فقد جلب زعماء السلاجقة هؤلاء بأعداد وفيرة وسكنوهم المدن الجديدة واقطعوهم الأراضي، هذا انعكس على تغير البنية الطبقية لهم وبالتالي إرساء قواعد السيادة العسكرية، قال بعض الباحثين معللاً هذه الظاهرة وسيادة الإقطاع بقوله: (إنَّ ضعف الدولة والانحطاط الاقتصادي والاستبداد التركي كل هذه الأسباب كانت سبب سيادة الإقطاع).

نظام الإقطاعي السلجوقي:

إنَّ بداوة السلاجقة وسيادة النظام القبلي البدائي ونظرية الحكم المطلق أثرت في كثير من مظاهر الحياة وشكلت القاعدة السلبية في كثير من مظاهر الحياة العامة في بلاد فارس والعراق والشام. إنَّ أساس تكوين السلاجقة كان عسكرياً وكان استقرارهم في إيران أثر في اقتباس الحضارة الفارسية وتقاليدها وحتى بعد سيطرتهم على بغداد، فقد ظلوا محافظين على تلك النظم والتقاليد الفارسية.

يؤكد بارتولد على هذا التأثير بقوله: (إنَّ النظم الساسانية كان لها تأثير في تاريخ السلاجقة عندما كانوا في إيران ومنهم أخذوا قواعد الحكم المركزية). من تلك نستنتج أنَّ دولة السلاجقة هي عبارة عن مؤسسة عسكرية بحتة مُهتمة بالأساس على الحفاظ على جيش دائم وقوي ومهيأ لِمَا يصنع وهذا ما أكد عليه نظام الملك، من اعتبار ذلك ذا أهمية بالغة.

إنَّ النظام الإقطاعي كان أساس الملكية التي قامت في عهد السلاجقة، إنَّ هذا النظام قد أدى إلى غياب (الملكية قانونياً)، لأنه في الوقع قد استند إلى الملكية القِبَلية المشتركة التي تعتبر أن الأراضي المفتوحة هي ملك الأسرة الحاكمة. إنَّ فكرة الزعامة التي بنى عليها السلاجقة نظامهم العسكري أدى إلى ترسيخ فكرة أنّ حكمهم يشمل جميع الأراضي التي استولوا عليها بقوة السلاح وأنَّ هذا التصور يعطيهم الحق في حكمهم يمتد إلى حيث تستقر قبائلهم التي كانت موزعة على مجموعة من المراعي تحت رياسة زعيم مسؤول عن بطون القبيلة.

إنَّ النظام الإقطاعي السلجوقي بُنِيَ في الأصل إعطاء الإقطاع من أجل أداء الخدمة العسكرية، فكان إجباراً على الأمير المقطع أن يكون هو وقواته تحت سيطرة السلطان السلجوقي في أوقات إعلان الحرب ومن واجبات المقطع أنّ يجهز جنوده بالمؤن والأسلحة على نفقته الخاصة.

لقد تميز الإقطاع السلجوقي بأنه أضحى نظاماً إقطاعياً وراثياً وأضحى المقطع السلجوقي سيداً إقطاعياً في المُقاطعة، وكان هذا الإقطاع ينتقل إلى ورثته من بعده، (إن الإقطاع الذي يتم وراثته هو في الأصل كان سنداً في دولة السلاجقة).
لقد عمل الزعماء الإقطاعيين على جعل الإقطاعات وراثية مستغلين ضعف السلطان وأن نظام الوراثة هذا يؤدي إلى بقاء الإقطاع في عائلاتهم، ومن خلاله يستطيعون أن يمولوا قوة عسكرية تدين بالولاء له، فأصبح بذلك الزعيم الإقطاعي سيداً في إقطاعه مسؤولاً عن حاشية وكذلك عن جميع الضرائب.

ونتيجة النظام الإقطاعي أضحت كل أراضي فارس والعراق والجزيرة والشام مملكة إقطاعية تحت سيطرة الأمراء السلاجقة وأضحى لدى هؤلاء جيوش من الجنود المرتزقة مُنتشرين على الإقطاعيات جاهزين في حالة الحاجة لهم في أوقات الحرب.

المصدر: ❞ كتاب الإقطاع في الدولة العباسية ❝ مؤلفه د. محمد حسن سهيل الدليمي صفحة (48 – 54).❞ كتاب أطلس تاريخ الدولة العباسية ملون ❝ مؤلفه سامي بن عبد الله بن أحمد المغلوث.❞ كتاب الخلافة العباسية في عهد تسلط البويهيين ❝ مؤلفته د. وفاء محمد علي. ❞ كتاب تاريخ الدولة العباسية 132-656هـ ❝ مؤلفه د.محمد سهيل طقوش.


شارك المقالة: