نظرية هربرت سبنسر في التغير الاجتماعي

اقرأ في هذا المقال


يُعدُّ هربرت سبنسر أحد مُمَثلي الدارونيّة، فقد عكس أكثر من أي مُنظر آخر تأثُرهِ بمؤلفات تشارلز داروين، وبخاصة كتابه (أصل الأنواع)، في تحليلاته الاجتماعيّة، وبخاصة تحليله النظري للتطور الاجتماعي.

فقد قام سبنسر بكتابة (دراسة علم الاجتماع) باستخدام عدد من المفاهيم التي طوّرها داروين مثل: التنوّع البنائي، والتخصُّص الوظيفي، والارتقاء التكيُّفي لتحليل عمليّة التغيّر في المجتمع التي نظرَ اليها على أنَّها عمليّة تطوّر طبيعيّة تُشبه التطوّر البيولوجي، تؤدِّي بالمجتمع إلى الوصول إلى مرحلة أعلى في الارتقاء.

مراحل تطور المجتمع عند هربرت سبنسر

يُوضح سبنسر في نظريته أنَّ المجتمع الإنساني ينتقل في تطوره من مرحلة التجانس إلى مرحلة اللاتجانس. ويكون المجتمع في المرحلة الأولى بسيط البناء غير مُتخصِّص الوظائف.

فالبناء الواحد مثل الأسرة، أو الجيرة مثلاً يقوم بعدد كبير من الوظائف مثل: الوظائف الإنتاجيّة، والاستهلاكيّة، ووظيفة الحماية، والترفيه، والوظيفة الدينيّة. ويرى سبنسر أنَّ ذلك يُضعِف قدرة البناء على القيام بوظائفه، ويؤدي بالتالي إلى عدم الكفاءة في القيام بهذه الوظائف.

المجتمع اللامتجانس عند سبنسر

أمَّا المجتمع اللامُتجانس عند سبنسر فإنَّه مُعقَّد التركيب أو البناء، نتيجة لتنوّع الأبنية الاجتماعيّة التي يتضمَّنها وتَكاثُر أعدادها. ونتيجة لذلك يظهر التخصُّص الوظيفي، فيتَخصّص كل بناء بوظيفة واحدة ممّا يؤدي إلى زيادة قدرته على القيام بهذه الوظيفة، ويؤدِّي أيضاً إلى تأدية هذه الوظيفة بكفاءةٍ كبيرة تُيَسّر الوصول إلى مرحلة أعلى من الارتقاء التَكيّفي.

وترتبط عمليّة التنوّع البنائي، وعملية التخصُّص الوظيفي في تحليلات سبنسر بعوامل بيولوجيّة إلى حدٍّ كبير وأهمها ازدياد حجم المجتمع الذي يؤدِّي إلى ظهور حاجات ووظائف جديدة يجب تلبيتها فتتفرَّع الأبنية الاجتماعيّة وتتنوّع نتيجة لذلك لتتمكَّن من القيام بهذه الوظائف الجديدة فيتعقَّد تركيب المجتمع ويظهر التخصُّص الوظيفي، وتزداد القدرة التكيّفيّة.

أهم أفكار هربرت سبنسر

أُعجِبت الطَّبقة الرأسمالية الصَّاعدة بأفكار هربرت سبنسر سيّما أنَّها كانت تطالب بعدم تدخُّل الدولة في الاقتصاد فتبنًَّت هذه الأفكار ممَّا أعطاه مزيداً من الشهرة والنفوذ الأكاديمي وتالياً أهم هذه الأفكار:

1-اُعتُبِرَ سبنسر في حياته ممثِّلاً للداروينيّة الاجتماعيّة.

2-اُشتُهِرَ بمحاولة توحيد النظريّة الاجتماعيّة مع النظريّة الداروينيّة فأكَّد في كتاباته على أنَّ المجتمع جزءً من الطَّبيعة يخضع لقوانينها.

3- طالب بعدم التدخُّل في عمليّة التطوّر مؤكِّداً على أنَّ المجتمع يخضع في تطوُّره لقوانين خاصَّة به هي جزء من القوانين الطبيعيّة، وتدخُّل الدولة أو الجماعات الأخرى في هذه العمليّة يُعيقها، وقد يؤدي إلى نتائج سلبيّة.

مفاهيم هربرت سبنسر في التغير الاجتماعي


هربرت سبنسر، الفيلسوف والعالم الاجتماعي الإنجليزي، كان أحد أبرز رواد فكر الاجتماع في القرن التاسع عشر. وُلِد في 27 أبريل 1820 وتوفي في 8 ديسمبر 1903، وقد كرس حياته لدراسة تطور المجتمع وتفاعلاته الديناميكية. تأثر سبنسر بالفلسفة التطورية لتشارلز داروين، وقد قام بتطبيق هذه الفلسفة في مجال الاجتماع، مما أدى إلى ولادة نظرية “الداروينية الاجتماعية” أو “الداروينية الاجتماعية”، وهي فكرة تتناول تطور المجتمع بمنطق تشارلز داروين للتطور البيولوجي.

التطور والتغير

سبنسر يعتبر أن التغير الاجتماعي يشابه تطور الكائنات الحية، حيث يتم بناء المجتمع على التكيف والتحسين المستمر. في نظره، يتحرك المجتمع نحو حالة من التكامل والتطور المستمر نتيجة لضغوط التكيف والبقاء. يؤكد سبنسر على أن التغيرات في المجتمع ليست عشوائية بل هي نتيجة لقوى تشغيل طبيعية.

الاستعادة والتكامل

في نظرية سبنسر، يعتبر التغير ضروريًا للبقاء. يشير إلى أن المجتمع يمر بمراحل من التفكك والفوضى ليعود بعد ذلك إلى حالة من التكامل. يُظهر هذا الدوران بين فترات الانفصال والتماسك أن التغيير يسهم في استمرار التطور والتكامل الاجتماعي.

التنافس والتكيف

تعتبر المنافسة والتكيف أحد الجوانب الرئيسية في نظرية سبنسر. يرى أن المجتمعات تتنافس من أجل النفوذ والموارد، وتقوم بتكيف هياكلها وأنظمتها لتلبية احتياجاتها. هذا التفاعل بين التنافس والتكيف يشكل جزءًا لا يتجزأ من عملية التغير الاجتماعي.

الدوران الاجتماعي

يشير سبنسر إلى أن المجتمعات تمر بدورة اجتماعية متكررة تشبه دورة حياة الكائنات الحية. يبدأ الدوران بفترة من الاندفاع والابتكار وينتهي بفترة من التكامل والتثبيت. يرى أن هذا الدوران يعكس التحولات الطبيعية والاقتصادية والاجتماعية في المجتمع.

في الختام، نظرية هربرت سبنسر في التغير الاجتماعي تعكس رؤية فريدة لتفاعل المجتمعات وتطورها. يركز على التكيف والتنافس كعناصر أساسية في عملية التغير، مما يساهم في فهم عميق للديناميات الاجتماعية على مر العصور.


شارك المقالة: