المدن الذكية:
مع ازدياد توجه الناس في السنوات الأخيرة إلى اقتناء المزيد من تقنية إنترنت الأشياء في المزيد من قطاعات الحياة، بدأنا نشهد انتشار فكرة المدن الذكية حول العالم؛ حيث تستخدم المناطق الحضرية العديد تقنيات إنترنت الأشياء وأهمها: أجهزة الاستشعار لجمع البيانات وإدارة موارد المدينة وخدماتها وعملياتها بشكل أفضل، ممّا يجعل المدينة في النهاية أكثر أمانًا ويمكن أن يحسن نوعية حياة السكان.
ونظرًا لأن تقنية المدينة الذكية هذه غير مرئية تقريبًا لأولئك الذين لا يقومون بتشغيلها، فقد لا يدرك الكثيرون خارج صناعة التكنولوجيا التأثير الكامل الذي يمكن أن تحدثه تقنية إنترنت الأشياء في الحياة الحضرية.
هل يمكن تطوير مدن ذكية لمجتمعات منخفضة الدخل؟
قام (Alan Marcus) رئيس الاستراتيجية الرقمية في (Planet Smart City) وهي شركة تصمم وتبني المنازل الذكية بأسعار مناسبة وبأقل تكلفة مقرنة بغيرها، للعمل بالشركة بعد نحو عشر سنوات من عمله كرئيس للتكنولوجيا والإعلام والرقمية في المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، وكان (Marcus) قد شارك في العمل من أجل تحقيق التوازن بين التأثير البيئي والاجتماعي والربحي إلى جانب مشاركته في تطوير السياسات الرقمية التي تساهم في الصالح العام.
وحول هذا، قد أشار إلى أنّ الفكرة بدأت حين أراد العودة إلى الصناعة، وأراد أن يرى ما إذا كان بإمكانه العثور على شركة ترغب في صنع توازن بين التأثير والربحية، وأن يرى كيف يمكننا الاستفادة من المعلومات الرقمية كسلعة اجتماعية، وشيء يتم مشاركته مع المجتمع بدلًا من استخدامه لتحويل هذا المجتمع إلى مجرد عميل.
منزل ذكي قليل التكلفة:
وبالفعل استطاع (Marcus) أن يصل لهدفه في هذا الكيان (Planet Smart City)، حيث يعتبر مهتم في النشاطات التجارية، ومن أهم أهدافة أن المدن الذكية لن تكون مقتصرة على الأثرياء وحسب، حيث سبق وأطلقت الشركة بالفعل العديد من الأحياء الذكية بأسعار معقولة ومناسبة لهم، وذلك في المجتمعات منخفضة الدخل كالبرازيل وإيطاليا والهند، من خلال استخدام التكنولوجيا الذكية والرقمية، والبنية التحتية المرنة، والتخطيط الحضري الذكي.
حيث يظن العديد من الناس أنّ المدن الذكية بوجه عام هي أحياء للأثرياء فقط من الطبقة العليا إلى المتوسطة، والتي تحتوي على أحدث التقنيات، وعندما نقول منزل ذكي، فإن ذلك بالطبع يشمل كل الأدوات الرائعة، إلا أن ما يركز عليه حقًا هو الأمور الأكثر منطقية للمجتمع الذي نخدمه، وقد يعني هذا أي شيء من الأدوات التي تصل إلى كل منزل، أو المساحات الخضراء وإلى أنظمة الإضاءة الذكية أو المراقبة.
المجتمعات الذكية بحاجة إلى تخطيط ذكي:
فعند الحديث عن الذكاء في المنازل، فلا بد أن نتحدث عن التخطيط المجتمعي الفعال من حيث المساحة، واستخدام المواد والظروف البيئية، وعوضاَ عن بناء منزل بمساحة 65 متر مربع، يمكن بناء منزل بمساحة 64 أو 63 متر مربع، واستغلال الأمتار المربعة الإضافية لبناء نادٍ، أو ملعب كرة قدم، أو صالة ألعاب رياضية خارجية كما تم بالفعل في (Smart City Laguna) بالبرازيل.
كما أنّ هناك أمور مثل هذه تعمل على تحسين المجتمع، وبالمقابل تكون تكلفتها في كثير من الأحيان قليلة جداَ إلى حد ما في الصورة الكبيرة بالنظر إلى تكلفة بناء المجتمعات واسعة النطاق؛ حيث تبلغ التكاليف الإضافية لدمج ميزات مثل الإضاءة الذكية أو شبكات (WiFi) في المساحات المشتركة نحو 2 إلى 3% من تكلفة البناء.
حيث أشار الخبير إلى أنه لا بأس إذا ما خسرنا نسبة قليلة من هامش الربح الذي يتراوح بين 40 – 50% على المنازل النموذجية لتصبح مجتمعاتنا أكثر جاذبية، وحتى نتمكن من البيع بشكل أسرع؛ ما يساعدنا في تعويض التكاليف، ووضع بصمتنا على مساكننا يمنحنا علامة تجارية أقوى.
دور التكنولوجيا في تطور المدن الذكية:
تم دمج التقنيات في البنية التحتية (Infrastructure) لمدينة (Planet Smart City) والمنطقة المجاورة لها، وتم تمكينها للمساعدة في تطوير ودعم المجتمع في شكل نظام أساسي بالهواتف الذكية يسمى (Planet App)، لا سيما أن هذه الأداة تسمح للسكان بالتفاعل مع بعضهم البعض ومع المجتمع الأوسع بعدة طرق، مثل تمكين بدء مجموعات المجتمع، أو حجز المساحات، أو الموارد المشتركة.
ومن الأمثلة على ذلك قد يكون شراء مطرقة في مجتمع منخفض الدخل مكلف لهم مادياً، في حين يمكن أن يكون لدى الجميع مجموعة من الأدوات المشتركة كالمطرقة، وربما مكنسة كهربائية، أو بكرة طلاء يمكن للمقيمين الحجز لاستخدامها، وهو ما يمكن المنظومة من تتبع هذه الأدوات ومكانها وحالتها، ولا شك في أن هذا قد يغير قدرة العديد من الأشخاص على ممارسة الحياة بطريقة أكثر إنتاجية؛ نظرًا لقدرتهم على الوصول إلى هذه الأشياء التي قد لا يستطيعون تحمل تكاليفها.
فهم الاحتياجات الفريدة:
لا شك في أن قاعدة النجاح الأساسية هي ضمان التأكد من أن البنية التحتية وكذلك التأكد من أنّ الخدمات المقدمة هي تلك التي يريدها ويحتاجها المجتمع المحلي، وللقيام بذلك، تعمل الشركة مع الأشخاص داخل المجتمع للتأكد من أنها تستجيب بالفعل لمجموعة فريدة من احتياجاتهم. ومن ذلك أهمية فهم الفروق الدقيقة المحلية، فربما يكون الأمن مهمًا لمجتمع واحد، بينما يكون النقل هو الخطوة الأولى والأهم في مكان آخر، نحن نعلم أين نركز لأننا نستمع إلى المجتمع، فلكل مشروع مدير مجتمع يعيش ويعمل هناك، وهذا يؤدي إلى بناء الثقة؛ ما يسمح لنا بالتعمق بشكل أكبر في المجتمع وإنشاء خدمات أكثر ذكاءً بالنسبة لهم.
حيث إنهم يدركون ما يحدث وله الدور الفعال في التحقق من صحة الميزات التي نفكر في تقديمها، بالإضافة إلى إعطاء أفكار للخدمات الجديدة التي يريد المجتمع رؤيتها، وكذلك من المهم أن يكون هناك مركز للكفاءة، وهو في الأساس مركز البحث والتطوير الخاص بالتقنيات؛ حيث يتعاون كل من المهندسون المعماريون، المهندسون والمديرون ثم يعمل المخططون ومطورو البرامج وقادة مديري المجتمع والمنهجيين معًا لمعرفة أفضل الحلول.
تحسين الحياة في المستوطنات غير الرسمية في كينيا:
وقد أعلنت مدينة (Planet Smart City) سابقاًً عن دخولها في شراكة مع برنامج الأمم المتحدة للمستوطنات البشرية لإطلاق أحدث مشروعاتها، ووعدت الشركة بأن هذا المشروع الذي يهدف إلى تقديم حلول جديدة للمجتمعات الفقيرة في نيروبي، وكينيا سيكون شيئًا مختلفًا عن باقي مشروعاتها.
وتركز الشركة على نشر الحلول الرقمية والأتمتة داخل المستوطنات غير الرسمية في كيبيرا وماثاري، والتي من شأنها تحسين الظروف المعيشية ومساعدة المجتمعات في تنسيق المبادرات المحلية، ومن المقرر استخدام تطبيق (Planet) كمحور رقمي لتمكين المشاركة المجتمعية؛ ما يتيح للسكان الوصول إلى الأخبار، والخدمات مثل الرعاية الصحية، والاستماع إلى التدريب أو فرص العمل.