لا شك بأنّ البعض يعلمون بضع أمور حول مفاهيم أو مجالات الذكاء الاصطناعي بشكل عام، ولكنّ الكثيرين قد يقفون حائرين أمام هذا المصطلح، لذلك دعونا أولاً نسأل عن ما هو الذكاء الاصطناعي؟ وما الفائدة التي تكمن من وجوده؟
مفهوم الذكاء الاصطناعي
تعتمد معظم أمثلة الذكاء الاصطناعي التي نسمع عنها اليوم من أجهزة الحاسوب التي تلعب الشطرنج إلى السيارات ذاتية القيادة، هذه تعتمد اعتماد كبيراً على التعلُّم العميق ومعالجة اللغة الطبيعية، وباستخدام هذه التقنيات، يمكن تدريب أجهزة الحاسوب على إنجاز مهام محددة من خلال معالجة كمية بيانات كبيرة والتعرّف على الأنماط الموجودة في البيانات.
يوجد الذكاء الاصطناعي في كل مكان، فهو يوجهك لما عليك شراؤه عبر الإنترنت مستقبلاً، ولفهم ما تقوله للمساعدين الافتراضيين مثل (Amazon’s Alexa) و(Apple’s Siri)، وللتعرّف على من وماذا يوجد في أي صورة ما، وكذلك اكتشاف الرسائل غير المرغوب فيها، أو كشف طرق الاحتيال ببطاقات الائتمان.
بكل بساطة يشير الذكاء الاصطناعي إلى محاكاة الذكاء البشري من خلال إنشاء أجهزة مبرمجة لها القدرة على التفكير مثل الإنسان وتقليد أفعاله، كما يتم إطلاق هذا المصطلح على أيّة آلة تمتلك صفة مرتبطة بالعقل البشري مثل القدرة على التعلم وذلك حل مختلف المشكلات.
تكمن أهمية هذا العلم بأنّه قد أدخل هذه الأجهزة إلى جميع أشكال الحياة ممّا جعلها تُوفّر على الإنسان الكثير من الجهد والكثير من الوقت كذلك الأمر، وفيما يلي سوف نتحدث عن مجموعة من مجالات الذكاء الاصطناعي، هذا العلم الذي أصبح أساسياً في حياتنا اليوم، وما هي الغاية من كل منها.
أهم مجالات الذكاء الاصطناعي
إنشاء اللغات الطبيعية (Natural Language Generation NLG):
تعمل الـ (NLG) على تكوين محتوى مفيد من خلال تفسير مجموعة البيانات المتوفرة، حيث أنّ هذه التكنولوجيا لها القدرة على معالجة كميات هائلة من البيانات في ثوان قليلة، وتحويلها إلى لغة مكتوبة يسهل على الإنسان فهمها، إذ أظهر هذا العلم نفسه من خلال قدرته على عرض التقارير المالية وأوصاف المنتجات وملفات تعريف الشبكات وخطط التسويق وغيرها خلال وقت قصيرجداً.
التعرف على الكلام (Speech Recognition):
التعرف على الكلام: أبرز مجالات الذكاء الاصطناعي التطبيقية، وهو يعني قدرة البرنامج على تحديد الكلمات والعبارات المحكيّة وتحويلها إلى نمط قابل للقراءة آلياً، إذ يحتوي نظام التعرّف على الكلام البدائي على مفردات وعبارات محددة، كما يتطلب منك التحدث بشكل واضح جداً لفهم هذا الكلام، أمّا في الأنظمة الحديثة الأكثر تطوراً فإنّها قد أصبحت تمتلك القدرة على فهم ما يُقال في حالات التكلم بصورة طبيعية.
التعلم الآلي (Machine Learning):
أو تعلم الآلة، وهو واحد من مجالات الذكاء الاصطناعي والتي تؤمن أنظمة لديها القدرة تلقائياً على التعلّم والتطوّر من خلال تجاربها دون الحاجة إلى أن تكون مبرمجة فعلياً على ذلك، حيث يُركز التعلّم الآلي على تطوير برامج الكمبيوتر بحيث تتمكن من الوصول إلى البيانات واستخدامها لتعليم أنفسها بشكل آلي.
إدارة القرار (Decision Management):
إذ إنّ هنالك أجهزة ذكية لديها القدرة على وضع مجموعةٍ من القواعد لجعل أنظمة الذكاء الاصطناعي أكثر منطقية، وبذلك فإنّها سوف تتمكن من استخدامها في عمليات التدريب الأولي وعمليات الصيانة المستمرة وغيرها.
لقد تم فعلياً إدخال إدارة القرار في مجموعة متنوعة من تطبيقات الشركات لتتمكن من اتخاذ القرار الصحيح بشكل آلي، وبدون شك أنّ هذا الإجراء سيجعل العمل مريحاً للغاية.
التعلم العميق (Deep Learning):
التعلم العميق: أحد أكثر مجالات الذكاء الاصطناعي شيوعاً اليوم، وهو عبارة عن وظيفة من وظائف الذكاء الاصطناعي تحاكي طريقة عمل العقل البشري في معالجة البيانات وإنشاء أنماطٍ يمكن استخدامها في صنع القرار، وهو فعلياً مجموعة فرعية من (Machine Learning) ولكن أكثر عمقاً وتعقيداً، و يطلق عليه كذلك بالتعلم العصبوني العميق.
أتمتة العمليات الآلية (PRA)
Robotic Processes Automation:
يشير الـ (PRA) إلى البرامج التي يمكن برمجتها بسهولة لتقوم بمجموعة من المهام الأساسية من خلال تطبيقات قادرة على فعلِ ما يفعله الإنسان، حيث أنّه من الممكن تلقينها آلية سير العمل عن طريق مجموعة من الخطوات المتتالية، إذ أنّ الهدف من إنشاء هذا المجال هو تقليل عبء أداء المهام البسيطة ذات العمليات التكرارية على الموظفين وما سوف يؤديه ذلك إلى استثمار الكثير من وقتهم وجهدهم.
تحليل النص (Text Analysis)
من أبرز مجالات الذكاء الاصطناعي اليوم، وهي عبارة عن عملية يستطيع فيها البرنامج تحليل النصوص بطريقة تمكنه من فهم معناها بشكل آلي، إذ إنّ الغاية من تحليل النص هو الحصول على بيانات منظمة ذات مغزى، وبذلك يمكن اعتبار هذه العملية نوعًا من التشريح للمستندات غير المنظمة وتحويلها إلى بيانات سهلة الإدارة وممكنة التفسير.
شبكات الأنداد (Peer To Peer Networks P2P):
أو شبكة نظير لنظير (peer-to-peer)، وتتكون هذه الشبكة من مجموعة أنظمة الكمبيوتر المتصلة مع بعضها البعض عبر الإنترنت، بحيث يكون لديها القدرة على تناقل الملفات عبر الشبكة دون الحاجة إلى خادم مركزي.
بمعنى آخر، فإنّ كل كمبيوتر في شبكة (P2P) سيصبح عبارة عن خادم إضافة إلى كونه عميل، والمتطلبات الوحيدة التي يجب توفرها لجهاز الكمبيوتر لكي يتمكن من الانضمام إلى هذه الشبكة هو عبارة عن إتصال بالإنترنت وإحدى البرامج الشائعة أمثال (Kazaa, Limewire, Bearshare) وغيرها.
التعرف على ردات فعل الوجه (Emotion Recognition):
وهي عبارة عن تقنية موجودة في برنامج ما بحيث يتمكن من قراءة ردات فعل وجه الإنسان باستخدام تقنيات معالجة الصورة المتقدمة، وهو توجّه حديث في مجالات الذكاء الاصطناعي اليوم، وقد كما قد حاولت الشركات الجمع بين الخوارزميات المعقدة وتقنيات معالجة الصورة التي ظهرت في السنوات العشر الأخيرة للحصول على فهم أعمق لمشاعر الإنسان من خلال صورة وجهه.
التعرف على الصور (Image Recognition):
حازت هذه التكنولوجيا اهتماماً واسعاً عن دون عن كل مجالات الذكاء الاصطناعي الأخرى، إذ يمكن من خلالها كشف وتحديد عنصر أو ميزة ما في الفيديوهات والصور، لتتمكن من إيجاد صور أخرى ذات صلة بها، إذ أنّ الذكاء الاصطناعي اليوم قد أصبح قادراً أثناء عمليات البحث عن الصور من القيام بمجموعة من الأبحاث في مواقع التواصل الإجتماعي للحصول على صور ومقارنتها مع مجموعة واسعة من البيانات لتحديد أيّها أكثر صلة.
وبذلك سنجد أنّ مجالات الذكاء الاصطناعي التي لطالما كانت في العقود الماضية ضرباً من الخيال، قد أصبحت واقعاً في زمننا الحالي، كما أنّها قد دخلت وبقوة على جميع مجالات حياتنا لتجعل مجال الأعمال أكثر متعة وفاعلية من أي وقتٍ مضى، وهو ما يفتح آفاق واسعة على المستقبل الذي لا شكّ سيحمل لنا إنجازات تكنولوجية تفوق تصوّر العقل البشري اليوم.