مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس

اقرأ في هذا المقال


في الآونة الأخيرة حظي مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس باهتمام كبير في العلوم الاجتماعية الأخرى، حيث يلقي فحص البحث منذ عام 1980 الضوء على عدة محاور حيث تُظهر مجموعة كبيرة من المؤلفات أن العلاقات بين الأشخاص حيوية ومهمة للصحة الجسدية والعقلية للأفراد، وتظهر الدراسات أن الأفراد من المحتمل أن يعانون من الاكتئاب والقلق واعتلال الصحة النفسية وغيرها من المشاكل الجسدية إذا كانوا يفتقرون إلى العلاقات الشخصية ذات النوعية والكمية العالية، والاكتشاف المثير للاهتمام هنا هو أن جودة وكمية العلاقات أمران حاسمان للصحة العامة للأفراد ورفاهيتهم.

مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس

في مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس يكون اثنان من المشاركين مترابطين حيث يؤثر سلوك كل منهما على نتائج الآخر، بالإضافة إلى ذلك يتفاعل الأفراد مع بعضهم البعض في سلسلة من التفاعلات المترابطة وتؤثر على بعضها البعض، حيث يشكل الأفراد أنواعًا مختلفة من العلاقات مع أشخاص آخرين، بعضها قريب على سبيل المثال الوالد والطفل، الزوج والزوجة، والصداقات وأخرى ليست قريبة على سبيل المثال الجار، المعلم والطالب.

ركزت معظم الأبحاث حول العلاقات الشخصية على تلك العلاقات الوثيقة والقريبة وذات الترابط العالي، في كتاب مؤثر حدد علماء النفس العلاقة الوثيقة بأنها علاقة قوية ومتكررة وذات ترابط متنوع يستمر لفترة طويلة من الزمن، ومنها كان لمفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس تاريخياً مكانة مركزية وهامة بالتحديد في علم النفس الاجتماعي والعلوم الاجتماعية الأخرى، وكان بعض علماء النفس الاجتماعي المؤسسين مهتمين بقضايا الجذب والعلاقات الشخصية.

السياق التاريخي لمفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس

في ستينيات القرن الماضي كان التركيز الأولي لبحوث العلاقات بين الأشخاص على عملية الجذب بين الأشخاص، في المقام الأول بين الغرباء الذين يجتمعون لأول مرة، بدلاً من التركيز على العلاقات أنفسهم التي قد تتطور نتيجة للانجذاب، حيث تم تطوير هذا البحث بشكل أساسي من دراسات اختيار الشريك التي بدأها لأول مرة علماء اجتماع الأسرة في ثلاثينيات وأربعينيات القرن العشرين.

عادة ما يتم تصور الانجذاب على أنه موقف تجاه الآخر يتكون من المشاعر والإدراك والسلوكيات ويمكن أن يكون سلبيًا أو إيجابيًا بطبيعته، واعتمدت معظم الأبحاث المبكرة حول عملية الجذب بين الأشخاص على مقاييس التقرير الذاتي لتقييم العوامل التي تؤدي إلى انجذاب الشخص إلى شخص آخر.

على سبيل المثال سأل نموذج الغريب الزائف المستجيبين لتقييم مدى انجذابهم إلى شخص آخر بعد تقديم الحد الأدنى من المعلومات حول هذا الشخص الآخر، في هذه النماذج كان المستجيبين يشاركون بالفعل في تجربة، حيث تم التلاعب بالمعلومات المقدمة للمستجيبين، وكان الأشخاص الآخرين عادةً آخرين افتراضيين.

أجرى بعدها علماء النفس العديد من دراسات التفاعل التعريفي حيث تمت مطابقة المستجيبين الحقيقيين مع بعضهم البعض ومنحهم الفرصة للتفاعل، وبعد ذلك أبلغوا بأنفسهم عن انجذابهم لكل منهم آخر، وفي الثمانينيات وجه الباحثين انتباههم إلى المشاعر والظواهر الأكثر حدة التي تحدث في العلاقات الشخصية الفعلية، وإلى السياق الاجتماعي لأنواع مختلفة من العلاقات المحددة، على الرغم من أن الجاذبية كانت مهمة ربما حتى ضرورية لشخص معين وغيره لبدء علاقة شخصية.

بدأت غالبية الأبحاث في التركيز على نبض أو جودة هذه العلاقات الشخصية وارتباطها بالعمليات الداخلية على سبيل المثال الإدراك والاكتئاب والصحة النفسية والجسدية وخارج على سبيل المثال المتعلقة بالرضا عن العمل والضغط المالي وتماسك الأسرة والفرد.

بالإضافة إلى ذلك بدأ الباحثين في دراسة تأثير العوامل في شخص محدد على سبيل المثال الاكتئاب وشخص ثاني على سبيل المثال من حيث الجاذبية الجسدية، إلى جانب مزيج من هذه العوامل بين الشخصين على سبيل المثال الصراع.

اتجاهات جديدة في مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس

يؤكد البحث النفسي على عمليات ارتباط محددة ذات صلة بمراحل مختلفة من مسار حياة العلاقة، وتميل هذه الأدبيات إلى التنظيم وفقًا لنوع العلاقة وتركز على العوامل المهمة لتطوير العلاقة من خلال الجذب والتشابه وعوامل الخلفية، والحفاظ على العلاقة من حيث التواصل، الصراع والتدخل الأسري والدعم، وفسخ العلاقة من حيث العوامل القانونية والآثار على الأطفال والتكيف.

هناك أيضًا أدلة قوية تشير إلى أن العوامل التي تتنبأ بالطلاق أو فسخ العلاقة تختلف باختلاف مرحلة مسار الحياة في العلاقة، كما وجد أن العمر أو مرحلة مسار الحياة للفرد ذات صلة بالعمليات العلائقية المهمة لتقييم الأفراد للعلاقة أي المتمثل في جودة العلاقة.

علاوة على ذلك فإن التركيز الأخير على مسار الحياة لكل من العلاقة والفرد قد ركز الاهتمام الأكاديمي على أهمية التمييز المفاهيمي بين نية الحفاظ على العلاقة من حيث الالتزام والشخصية التقييمات داخل العلاقة كما يراها الأفراد من حيث جودة العلاقات الشخصية في علم النفس.

كان الاتجاه الثاني الجديد في أبحاث مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس هو التركيز على جعل الثنائي وحدة التحليل بدلاً من الفرد، هذا التغيير منهجي ومفاهيمي على حد سواء وقد أصبح مساهمة مهمة في الأدبيات المتعلقة بمفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس، يجد علماء النفس الخاصين العلاقات الآن أنه من المهم جمع المعلومات من كلا العضوين بدلاً من عضو واحد فقط، وتقييم كيف يمكن أن تؤثر هذه التقارير بشكل مختلف على رفاهية واستقرار العلاقة.

بالتالي نظرًا لأهمية التفاعل الرمزي في علم النفس الاجتماعي كان هناك اتجاه جديد آخر لبحوث مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس يتمثل في تطبيق مفاهيم تفاعلية رمزية لدراسة رفاهية العلاقة واستقرارها، حيث يتم إنشاء الذات من التفاعلات وردود الفعل من الآخرين، والسياق العلائقي أكثر بروزًا لكيفية رؤية الأفراد لأنفسهم، علاوة على ذلك لفهم كيفية تعريف الكبار ووصف أنفسهم للآخرين، يتجه علماء العلاقات مباشرة إلى سياق علاقاتهم وحالتها.

الاتجاه الجديد في أبحاث مفهوم العلاقات الشخصية في علم النفس هو دراسة بناء المعنى داخل العلاقات من أجل جودة العلاقات واستقرارها، ففي هذه الدراسات هناك اعتراف بأن الأفراد قد يبنون معاني لعلاقتهم، بناءً على السياق الاجتماعي لتلك العلاقة والفرد، والذي بدوره له تأثير كبير على تقييمات الأفراد وحالة تلك العلاقات، حيث يطلب العديد من علماء العلاقات الآن من الأزواج أو الثنائيات بشكل منفصل أو مشترك استخدام السرد أو الحساب كتقنية قصصية لاكتساب فهم أفضل لمعاني الأفراد لعلاقتهم والعمليات العلائقية بمرور الوقت.

تسمح هذه التقنية للأفراد بأن يكون لهم صوت في تقاريرهم حول علاقاتهم ويسمح بالاختلافات في التقارير كنتيجة للبيئة الاجتماعية والثقافية التي يتم تضمين العلاقة فيها، ويدرك هذا النهج أيضًا أن هذه القصص تصوغ وتتحكم وتتنبأ وتشكل الخبرات العلائقية للأفراد بمرور الوقت، ومنها تم فحص البيئة الأكبر والظروف الهيكلية التي يمكن أن تكون ضارة أو مفيدة لرفاهية الأفراد الشركاء.

بدأ علماء العلاقات في ربط العوامل الاجتماعية والثقافية أو ما يسميه علماء النفس المعايير أو المعاني الثقافية أو الإعدادات أو الظروف أو الأشخاص خارج العلاقة، بجودة العلاقة واستقرارها، وأحد العوامل السياقية المحددة التي حظيت بقدر كبير من الاهتمام مؤخرًا هي الشبكات الاجتماعية، أو الرابط بين العلاقة والأشخاص خارج الثنائي، على وجه التحديد كان علماء العلاقات مهتمين بتأثير الشبكات الاجتماعية للعائلة والأصدقاء على استقرار ونوعية العلاقات.


شارك المقالة: