لقدْ كانَ في سِيَرِهِم عبرَةٌ وعِضاتٌ لكُلِّ منْ أرادَ حفْظَ هذا الدّينِ بِكُلِّ مصَادِرِهِ، رَحَلوا في طلبِ الحديثِ ونقْلِه، كانوا يسافرونَ من بَلَدٍ إلى آخَرَ حتَّى يحفظوا وينشرُوا مسكَ رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسّلَّمَ، أنَّهُمْ رُواةُ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، منْ كَتَبُوا أَسْماءَهُمْ بِحروفٍ منْ ذهب في كتبِ الحديثِ المُختلِفَةِ، هم من أخذوا الحديثَ من الصَّحابَةِ إلى آخِرِ أجيالِ السَّنَدِ ولازلنا نبحث عنهم وتوقَفْنا في ديار التَّابِعين الأخْيارِ لنسْأَلَ عنْ راوٍ منْهمْ اسْمُهُ الجارودُ بنُ أبي سَبْرَة، وبعد البحث عنه، نشارِكُكُم في الحديثِ عنْ سيرَتِهِ معَ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.
نبذة عن الجارود بن أبي سبرة:
هوَ: التَّابعيُّ الجليلُ: أبُونَوْفَلٍ، الجارودُ بنُ أبي سَبْرَةَ سالِمِ بنِ سَلَمَةَ، وقيلَ الجارودُ بنُ سِبْرَةَ، الهُذَلِيُّ، منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، كانَ يقالُ لهُ البَصْرِيُّ لإقامَتِهِ في البَصْرةِ بالعراقِ، أدْرَكَ زَمنَ الصَّحابَةِ ورَوى عنْهُمُ الحديثَ النَّبَويّ، وكانَتْ وفاتُهُ في العامِ العِشْرين بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ وقيلَ في الواحِدِ والعِشْرينَ بَعْدَ المائَةِ يَرْحَمُهُ اللهُ.
روايَتُهُ للحديث:
كانَ الجارودُ بنُ أبي سَبْرَةَ منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ، وقدْ روى الحديثَ عنْ جيلِ الصَّحابةِ ممَّن أَدْرَكَهُم منْ أمْثالِ: طَلْحَةَ بنِ عُبَيْدِ اللهِ وأنسِ بنِ مالِكٍ ومُعاوِيَةَ بنِ أبي سُفيانَ وأُبَيِّ بنِ كعبٍ وغيْرِهمْ رضِيَ اللهُ عنْهمْ جميعاً.
أمَّا منْ رَوَى الحديثَ عنِ الجارودِ بنِ أبي سَبْرَةَ فهم رواةٌ كثيرونَ منْهم: توبَةُ العَنْبَرِيَُ وثابتُ البُنانِيُّ وقَتادَةُ بنُ دِعامَةَ ورِبْعِيُّ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الجارُودِ وغيرُهُم رَحِمَهُمُ اللهُ، كما كانَ منَ الثِّقاتِ عندَ اهلِ الحديثِ وروى لهُ الإمامُ أبو داوودَ منْ أهل السُنَنِ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
من رواية الجارود بن أبي سبرة للحديث:
مِمَّا جاءَ منْ رِوايَةِ الحديثِ منْ طريقِ الجارودِ بنِ أبي سَبْرَةَ ما أوْرَدَهُ الإمامُ أبو داوودَ في السُنَنِ في كتابِ الصَّلاةِ من بابِ التَّطَوُّعِ على الراحِلَةِ والوِتْرِ: ((حدَّثَنا مُسَدَّدٌ، حدَّثَنا رِبْعِيُّ بنُ عبدِ اللهِ بنِ الجارُودِ، حدَّثَنا عمْرو بنُ الحَجَّاجِ، حدَّثَنِي الجارودُ بنُ أبي سَبْرَةَ، حدَّثَنِي أنَسُ بنُ مالِكٍ، أنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمّ كانَ إذا سَافَرَ فأَرَادَ أنْ يَتَطَوَّعَ، اسْتَقْبَلَ بِناقَتِهِ القِبْلَةَ فَكَبَّرَ، ثُمَّ صَلَّى حيثُ وِجَّهَهُ رِكابُهُ )). جكم الحديثِ حَسَنٌ ورَقَمُهُ 1225.