لازلنا نجوب بلاد الحديثِ النَّبويِّ الشَّريف، نبحثُ عنْ سِيَرِ التّابعين الأخيار الّذين استلموا رسالة نقلِ الحديثِ النَّبويِّ الشّريف من الصّحابة بوّّابة النقل والرّواية، لازموهم حيثُ رحلوا وانتقلوا وجلسوا في مجالِسِ علْمِهم بعدَ تنقُّلِهم في الأمصارِ الإسلاميّة، فأخذوا ميراث العلم ونقلوة لأتْباعِهم ليَتَّصِل سندُ الحديث لهذه الأمَّةِ حتّى وقتنا الحاضِر، وها نحن في سلسلة كتابتنا لا زلنا نتوقّفين في ديار التّابعين وسنكتبُ في هذه السُّطورِ عنْ راوٍ منْهم، إنَّه بكرُ بنُ عبدِ اللهِ المُزَنيُّ قتعالوا نقرأ في سيرَتِه العَطِرَةِ.
نبذة عن بكر المزني:
هو: التّابعيُّ الجليل، أبو عبدِ اللهِ، بَكْرُ بنُ عبدِ اللهِ المُزَنِيُّ، البَصْريُّ، منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، كان يسكُنُ البصْرةَ بالعِراقِ، وأدرك جيلَ الصَّحابَةِ وروى عنهم الحديثَ واشْتُهِرَ بالعلم والتقوى حتّى قيل عنه دعوته لا تُرَدُّ، وكانتْ وفاتُهُ في العامِ السَّادِسِ بعدَ المائةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّة يرحمُه الله.
روايته للحديث:
كانَ الرّاوي بَكْرُ بنُ عبدِ اللهِ المُزنيُّ من رواة الحديثِ النَّبويِّ وقدْ أدْركَ جيلّ الصَّحابة وروى عنهم، وممّن روى عنهمْ منْهُمْ: أنسِ بنِ مالكٍ والمغيرَةِ بنِ شُعْبَةَ وعبدِ اللهِ بنِ عبَّاسٍ وعبدِ الله بنِ عمرَ بنِ الخَطَّابِ وغيرهم رضيَ اللهُ عنهُم، كما روى عن عددٍ منَ التَّابعينَ منْ أمثالِ: الحسنِ البصْريِّ وعُروَةِ بنِ المُغيرَةِ بنِ شُعْبَةَ والنّضرِ بنِ أنس بنِ مالكٍ وأبي العالِيَةَ الرِّياحيِّ وغيرهم رحِمَهُمُ الله جميعاً.
كما روى الحديثَ منْ طريقِ الرَّاوي المُحَدِّثِ بكرٍ المُزَنيِّ كثيرٌ من المحدِّثينَ منْ أمثالِ: ثابتٍ البُنانِيِّ وداوودَ بنِ أبي هندٍ وحمَيْدٍ الطَّويلِ وسليمانَ التَّيمِيِّ وعامرٍ الأحْوَلِ وقَتَادَةَ بنِ دِعامَةَ وعاصِمٍ الأحولِ وغيرِهم رحمهمُ الله، كما كانَ منَ الثِّقاتِ في الرِّوايَة وحديثُه عند جماعَةِ الحديثِ.
من رواية بكر المزني للحديث:
ممَّا وَرَدَ منْ روايَةِ الحديثِ منْ طريقِ بكرِ بنِ عبدِ اللهِ المُزنيِّ ما أورَدَهُ الإمامُ البخاريُّ في الصَّحيحِ:(( حدَّثنا عليُّ بنُ عبدِ اللهِ، قالَ: حدَّثَنا يَحْيَى، قالَ: حدَّثَناحُمَيْدٌ، قالَ: حدَّثنا بكرٌ، عنْ أبي رافِعٍ، عنْ أَبي هُريرَةَ أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ لَقِيَهُ فِي بَعْضِ طَريقِ المَدِينَةِ وَهُوَ جُنُبٌ، فانْخَنَسْتُ مِنْهُ فَذَهَبَ فاغْتَسَلَ، ثمَّ جاءَ فَقالَ: (أَيَْنَ كُنْتَ يا أَبا هريرَةَ؟) قالّ: كُنْتُ جُنثباً فَكَرِهْتُ أنْ أُجالِسُكَ وأَنا على غيرِ طَهَارَةٍ، فقالَ: ( سُبْحانَ اللهِ، إنَّ المُسْلِمَ لا يَنْجَسُ). من كتابِ الغُسْلِ، رقمُ الحديثِ238 )).