العقود المالية الإسلامية كثيرة ومتعدّدة، ومصنّفة إلى مجموعات حسب خصائص ومضامين كل عقد منها، وأهمها ما يقع ملكية العين، كالبيع والهبة والقرض والشركة والمضاربة والمزارعة والمساقاة، وهي من العقود التي يكثر التعامل بها، وفي هذا المقال سنتناول واحد من العقود المالية المسمّاة الذي يقع على ملكية العين، وهو عقد البيع، فما معنى البيع؟ وما حكمه؟
تعريف عقد البيع:
عقد البيعهو تبادل المال بالمال، وهو عند بعض الفقهاء تبادل الأموال بهدف الاكتساب والربح، والتعريف الأكثر اعتماداً لعقد البيع هو أنّه مبادلة المال بالمال بالتمليك والتملُّك، بهدف الاكتساب على أساس التأبيد. وفي القانون الأردني يُعرف عقد البيع على أنّه تمليك المال مقابل العوض للأبد، ونستبعد عقد الهبة من مضمون البيع؛ لأنّه يتضمّن التمليك على سبيل التبرّع، وكذلك الإجارة لأنّها تتضمّن مبادلة المنافع بالمال، ويخرج القرض من مضمون البيع كونه تمليك للمال لأجل محدّد على أن يتم ردّه بعد انتهاء الأجل.
كما تتضمّن عملية البيع عمليتان في آنٍ واحد، وهما خروج السلعة المُباعة من ملكية البائع وانتقالها إلى ملكية المشتري، وبالمقابل خروج الثمن من ملكية المشتري إلى ملكية البائع، وبالتالي يدخل في عقد البيع عمليتي البيع والشراء، وهما عمليتان إذا اجتمعتا افترقتا وإذا افترقتا اجتمعتا، أي أنّ البيع إذا ذُكر وحده فإنّه يشتمل على البيع والشراء معاً، أمّا إذا ذُكر البيع والشراء معاً فكل واحدٍ منهما يدلّ على نفسه.
حكم عقد البيع:
البيع بشكلٍ عام من العقود المالية الإسلامية الجائزة شرعاً، لقوله تعالى في سورة البقرة آية 275 “”، كما دلّ على جواز عقد البيع نصوص شرعية كثيرة من السنة النبوية الشريفة، ومنها قول النبي محمد _صلّى الله عليه وسلّم_ عندما سئل: أيُّ الكسب أطيب؟ “عمل الرجل بيده وكلّ بيعٍ مبرور”. والأصل في حكم عقد البيع الجواز، ولكن هناك أحكاماً أخرى لعقد البيع مبنية على حالات غير اعتيادية في عقد البيع:
- عقد البيع المحرّم: يكون عقد البيع محرّماً، إذا تضمّن ركناً محرّماً، مثل أن يشتمل على بيع سلعة محرّمة مثل بيع الخمر أو بيع الخنزير، أو إن وُجد شرطاً محرّماً في صيغة العقد أو في العاقدين.
- عقد البيع المكروه: وهو العقد المشروع في مضمونه وصفته، لكن أُلزم بصفة غير لازمة، مثل البيع في وقت صلاة الجمعة.
- عقد البيع المندوب: وهي أن يقسم إنسان على آخر ببيع سلعة لا يقع عليه في بيعها ضرر.
- عقد البيع الواجب: وهو العقد الذي يرتبط بضرورة، مثل شراء الحاجيات اللازمة لحفظ النفس من طعامٍ وشراب.
والحكمة من مشروعية البيع هي أنّه من العقود التي تبني علاقات التضامن والتعاون بين الأفراد، ومن العقود التي تتعلّق بها حاجة الإنسان إلى ما في يد غيره، لرفع الحرج وتأمين ضروريات الحياة.