لقدْ فرضَ الله تعالى الصّلاة على الأمّةِ، وجعلَ لها منَ الأحكامِ ما بيّنهُ عليه الصّلاة والسّلام لأصحابه منْ أحكامِ صلاةِ الجماعةِ للمسلمينَ، ولقدْ بيّنَ عليه الصّلاةُ والسّلامُ أنَّ لإمامةِ الصّلاةِ شروطاً يجبُ أنْ تكونَ في الإمامِ حتّى يصلّي بالنّاسِ، وأنَّ أحقَّ النّاسِ بالإمامةِ هوَ أقرأهمْ لكتابِ اللهِ تعالى، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا قتيبةُ بنُ سعيدٍ، حدّثنا أبو عوانةَ، عنْ قتادةَ، عنْ أبي نضرةَ، عنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “إذا كانوا ثلاثةً، فليؤُمُّهمْ أحدُهمْ، وأحقُّهمْ بالإمامةِ أقرؤهمْ”)). رقمُ الحديث: 289/672.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ المساجدِ ومواضعِ الصّلاةِ، بابُ: (منْ أحقُّ بالإمامة)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي سعيدٍ الخدريِّ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ أبو سعيدٍ، سعدُ بنُ مالكِ بنِ سنانٍ الخدريُّ، وهوَ منَ الصّحابةِ المكثرينَ للحديثِ، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- قتيبةُ بنُ سعيدٍ: وهوَ أبو رجاءٍ، قتيبةُ بنُ سعيدٍ الثّقفيُّ (148ـ240هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ تبعِ أتباع التّابعينَ في الحديثِ.
- أبو عوانةَ: وهوَ الوضّاحُ بنُ عبدِ اللهِ اليشكريُّ (122ـ175هـ)، وهوَ منَ الرّواةِ الثّقات للحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- قتادةُ: وهوَ أبو الخطّابِ، قتادةُ بنُ دِعامةَ السّدوسيُّ (60ـ117هـ)، وهوَ منَ المحدّثينَ الثّقاتِ منَ التّابعينَ.
- أبو نضرةَ: وهوَ المنذرُ بنُ مالكَ بنِ قطعةَ العبديُّ (ت: 108هـ)، وهوَ منَ التّابعينَ الثّقاتِ في الرّوايةِ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى شرطِ الإمامةِ للصّلاةِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ الثّلاثةَ إذا اجتمعوا للصّلاةِ أنْ يؤمّهمْ احدهمْ، ويجبُ أنْ يكونَ أقرؤهمْ لكتابِ اللهِ تعالى، وقدْ ذهبَ أهلُ العلمِ إلى أنَّ شرطَ الإمامةِ هوَ الأقرأُ لكتابِ اللهِ وتقديمهُ على الأفقهِ وهذا مذهبُ الحنابلةِ والأحنافِ، بينما ذهبَ المالكيّة والشّافعيةِ إلى أنَّ الفقهَ هوَ مقدّمٌ على الأقرأ، لكنَ ما بيّنهُ الحديثُ هوَ أنَّ الأقرأ لكتابِ اللهِ هوَ مقدّمٌ، وكما وردَ في حديثِ ابنِ مسعودٍ رضيَ اللهُ عنهُ: (يؤمُّ القومَ أقرؤهم لكتابِ اللهِ، فإنْ كانوا في القراءةِ سواء فأعلمهمْ بالسنّةِ)، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- حثُّ الإسلامِ على صلاةِ الجماعةِ لمنْ همْ فوقَ الثّلاثة.
- الأقرأ لكتابِ الله مقدّمٌ على غيره في الإمامة.