لقدْ جاءَ الإسلامُ ليهذّبَ النّفسَ البشريةَ ويدعوها إلى الأخلاق الحميدة ومنها حفظُ اللّسان، وحفظُ اللّسانِ يكونُ منَ الغيبة والنّميمة وعدمِ السّبِ واللّعنِ، وقدْ نهى عليه الصّلاةُ والسّلامُ عنِ اللّعنِ لما فيه منْ طردٍ منْ رحمة الله الّتي لا يسألُ أحدٌ عنها غيره عزّ وجلَّ، وجعل الّعانونُ منَ الخاسرين يومَ القيامة، وسنعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمٌ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، حدّثنا معاويةُ بنُ هشامٍ، عنْ هشامِ بنِ سعدٍ، عنْ زيدِ بنِ أسلمَ وأبي حازمٍ، عنْ أمِّ الدّرداءِ، عنْ أبي الدّرداءِ، سمعتُ رسولَ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ يقول: “إنَّ اللّعّانينَ لا يكونوا شهداءَ، ولا شفعاء يومَ القيامة”)). رقمُ الحديث: 86/2598.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ يوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ البرّ والصّلةِ والأدبِ، بابُ: (النّهيُ عنْ لعنِ الدّوابِ وغيرها)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيّ الجليل أبو الدّرداءِ رضيَ الله عنه، وهو عويمرُ بنُ مالكٍ الأنصاريُّ الخزرجيّ، وهوَ من رواة الحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ رجالِ الحديثِ في السّندِ:
- أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ: وهوَ عبدُ الله بنُ محمّدِ بنِ إبراهيمَ العبسيّ (159ـ235هـ)، وهوَ منْ ثقات رواية الحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- معاوية بنُ هشامٍ: وهوَ أبو الحسنِ، معاويةُ بنُ هشامٍ الأسديُّ (ت: 204هـ)، وهوَ أيضاً منَ الثّقاتِ منْ تبعِ الأتباعِ.
- هشامُ بنُ سعدٍ: وهوَ أبو عبّادٍ، هشامُ بنُ سعدٍ المدنيُّ (ت: 160هـ)،منْ رواة الحديثِ منْ أتباع التّابعين.
- زيدُ بنُ أسلمَ: وهوَ أبو أسامةَ، زيدُ بنُ أسلمَ القرشيُّ (ت: 136هـ)، وهو منَ الثّقات منَ التّابعينَ.
- أبو حازمٍ: وهوَ سلمةُ بنُ دينارٍ الأعرج المخزوميُّ، منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- أمّ الدّرداء: وهي هجيمةُ بنتُ حيي الأوصابية (ت: 81هـ)، وهيَ منَ التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى أدبٍ منْ آدابِ البر والصّلة والأدبِ للمسلمِ، وهو حفظُ اللّسانِ منَ اللّعنِ، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى الله عليه ويلّمَ أنّ اللّعنَ محرمُ وأنّ صاحبهُ لا يكونُ شهيداً ولا شفيعاً يومَ القيامةِ، وفي عدمِ ذكره في الشّهداء والشّفعاءِ دليلُ على حرمةِ فعله في الدّنيا، وينبغي للمسلمِ أنْ لا يكثر اللّعنَ لأنّ اللّعنَ طردٌ منْ رحمة الله ولا متصرّفَ في رحمته إلّا هوَ ، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- تحريمُ اللّعن على المسلم.
- اللعَّانونَ يحرمون منَ الشّهادة والشّفاعة يومَ القيامة.