لقد خلقَ الله تعالى الإنسان واستخلفه في الأرضِ، جعلَ الدّنيا دارُ امتحانٍ وابتلاء، وأوجبَ على المؤمنِ الإيمان بالقدرِ خيره وشرّه، ودعاهُ إلى الصّبرِ على المصيبة، كما بيّنَ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ في كثيرٍ منْ شواهد الحديثِ أجرُ الصّابرينَ على المصيبةِ منَ المؤمنينَ، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثني حرملةُ بنُ يحيى، أخبرنا عبدُ الله بنُ وهبٍ، أخبرنا حيوةُ، حدّثنا ابنُ الهادِ، عنْ أبي بكرِ بنِ حزمٍ، عنْ عمرةَ، عنْ عائشةَ قالت: سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّمَ يقولُ: “ما منْ شيءٍ يصيبُ المؤمنَ حتّى الشّوكةِ تصيبه ـ إلّا كتبَ اللهُ بها حسنةً، أوْ حُطّتْ عنهُ بها خطيئةٌ”)). رقمُ الحديث: 51/2572.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ البرّ والصّلة والأدبِ، بابُ: (ثوابُ المؤمن فيما يصيبه منْ مرضٍ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيّة الجليلةِ أمّ المؤمنينَ عائشةَ رضيَ الله عنها، وهي عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ الصّدّيقِ القرشيّة، وهي منَ المكثراتِ في رواية الحديث منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّةُ اسنادِ الحديثِ منَ الرّجال:
- حرملة بن يحيى: وهوَ أبو حفصٍ، حرملةُ بنُ يحيى بنِ عبدِ الله التّجيبيُّ (160ـ243هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- عبدُ الله بنُ وهبٍ: وهوَ أبو محمّدٍ، عبدُ الله بنُ وهبٍ القرشيُّ (125ـ197هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواة منْ تبع الإتباع في الرّواية.
- حيوة: وهو أبو زرعةَ، حيوةُ بنُ شريحِ بنِ صفوانَ التّجيبيُّ (ت: 158هـ)، وهوَ ثقةٌ في رواية الحديث منْ أتباع التّابعينَ.
- ابن الهاد: وهوَ أبو عبدِ الله، يزيدُ بنُ عبدِ الله بنِ أسامة اللّيثيُّ (ت: 139هـ)، وهوَ منْ ثقات الرّواة منَ التّابعينَ.
- أبو بكر بن حزم: وهوَ أبو بكرِ بنُ محمّدِ بنِ عمرو الأنصاريُّ (36ـ120هـ)، وهوَ من ثقات التّابعينَ في رواية الحديث.
- عمرة: وهي عمرة بنتُ عبدِ الرّحمنِ بنِ سعدٍ الأنصاريّة (ت: قبل 98هـ)، وهي منْ راويات الحديثِ الثّقات منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ الشّريفُ إلى ثوابِ المؤمنِ في الصّبرِ على المصائبِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ المؤمنَ يثابُ على الصبر على المصيبةِ منْ مرضٍ وابتلاءات بشتى أنواعها، وضربَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ مثلاً على المصيبةِ ولو كانتْ صغيرةً فإنّ المؤمنَ يثابُ عليها بكسب الحسنات أوْ أنْ يحطّ عنه منْ سيئاته، ولا يزالُ كذلكَ حتّى يلقى الله بدونِ خطايا، وذلكَ للمؤمنِ إذا صبر واحتسبَ ذلكَ في سبيل الله.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- وجوبُ الإيمان بالقدر خيره وشرّه للمؤمن ومنه الابتلاءُ.
- ثوابُ وأجر المؤمن في صبره على المصيبة.