لقدْ خلقَ اللهُ تعالى الإنسانَ واستخلفهُ في الأرضِ ليعمّرها بمرضاتهِ، وقدْ كتبَ لهُ ملائكةً يكتبونَ ما بعملُ في هذه الحياة ليحاسبَ على عمله في الآخرة، ولكنَّ اللهَ تعالى رحيمٌ يرحمُ العبدَ بما نوى بهِ منَ الأعمالِ، فكيفَ تكتبُ الحسناتُ والسّيئات بالنّيّةِ قبلَ العملُ تعالوا نستعرضُ حديثاً في ذلكَ.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ يرحمهُ اللهُ في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو بكرُ بنُ أبي شيبةَ، وزهيرُ بنُ حربٍ، وإسحاقُ بنُ إبراهيمَ ـ واللّفظُ لأبي بكرٍ ـ وقالَ الآخرانِ: حدّثنا ابنُ عيينةَ، عنْ أبي الزّنادِ، عنِ الأعرجِ، عنْ أبي هريرةَ، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “قالَ اللهُ عزّ وجلَّ: إذا همَّ عبدي بسيئةٍ فلا تكتبوها عليهِ، فإنْ عمِلها فاكتبوها سيئةً، وإذا همَّ بحسنةٍ فلمْ يعملها فاكتبوها حسنةً، فإنْ عملها فاكتبوها عشراً”)). رقمُ الحديث: 203/128.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتابِ الإيمانِ، بابُ: (إذا همَّ العبدُ بسيئةٍ)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيِّ الجليلِ أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنهُ، وهوَ عبدُ الرّحمنِ بنُ صخرٍ الدّوسيُّ، وهوَ منْ أكثرِ الصّحابةِ روايةً للحديثِ، أمّا سندُ الحديثِ منَ الرّجالِ البقيّة:
- أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ: وهوَ عبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بنِ أبي شيبةَ العبسيُّ (159ـ235هـ)، وهوَ من ثقاتِ الحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو خيثمةَ، زهيرُ بنُ حربِ بنِ شدّادَ الحرشيُّ (160ـ232هـ)، وهوَ أيضاُ منْ ثقاتِ تبعِ الأتباعِ.
- إسحاقُ بنُ إبراهيمَ: وهوَ أبو يعقوبَ، إسحاقُ بنُ إبراهيمَ الحنظليُّ (161ـ237هـ)، منْ ثقاتِ الحديثِ منْ تبعِ الأتباعِ.
- ابنُ عيينةَ: وهوَ أبو محمّدٍ، سفيانُ بنُ عيينةَ الهلاليُّ (107ـ198هـ)، وهوَ منْ ثقاتِ المحدّثينَ منْ أتباعِ التّابعينَ.
- أبو الزّناد: وهوَ عبدُ الله بنُ ذكوانَ القرشيّ (64ـ130هـ)، وهوَ من ثقاتِ رواةِ الحديثِ منْ أتباع التّابعينَ.
- الأعرجُ: وهوَ أبو داوودَ، عبدُ الرّحمنِ بنُ هرمزَ بنِ كيسانَ المدنيّ (ت: 117هـ)، وهوَ منَ الشّيوخِ المحدّثينَ منَ التّابعينَ عنِ الصّحابةِ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ النّبويُّ إلى كيفيّةِ كتابةِ الملائكةِ للحسناتِ والسّيئاتِ قبلَ وبعدَ النّيّةِ فيها، وقدْ بيّنَ النّبيذُ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنَّ اللهَ تعالى أمرَ ملائكتهُ بعدمِ كتابةِ السّيئاتِ للعبدِ إذا نواها ولمْ يعملْ بها، فّإذا عملها تكتبُ سيئةًَ واحدةً، أمّا الحسناتُ فتكتبُ حسنةً إذا نواها الإنسانُ ولمْ يعملْها، فإذا عمِلها تكتبُ لهُ أضعافاً عشرَ حسناتٍ، وذلكَ منْ رحمةِ اللهِ للعبدِ ونفسه الخطّاءةِ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- رحمةِ اللهِ تعالى بكتبةِ الأعمالِ للإنسانِ.
- السيّئةُ لا تكتبُ إلّا إذا عُملتْ والحسنةُ تكتبُ نيةً وعملاً.