ما نزالُ في طريقنا الطويل في البحث عن رواة الحديث النّبويّ الشّريف، مررْنا بديار صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، قرأنا سِيَرَهم، تعلّمنا منهم كيف يخلص الإنسان في طلب العلم، وكيف ينشغل عن الدّنيا في حفظ حديث من أحبّ، جلسنا في مدارسِهم، كم تمنينا أن نكون من طلبتهم من التّابعين والّتي لا زالتْ أسماؤهم حاضرة في كتب الحديث وها نحن نصلُ في مسيرنا إلى راوٍ من التّابعين الأخيار، محدِّثٌ عرِف بحكمته وسدادِ رأيِه حتّى اُشتهرَ بلقب الرأيِّ، إنّه رَبِيعة بنُ أبي عبدالرحمنِ، فتعالا نقرأ في سيرته.
نبذة عن ربيعة الرأي
هو: التّابعيُّ الجليلُ، أبو عُثمانَ، ربيعَةُ بنُ أبي عبدِ الرّحمنِ التّيميّ المدنيُّ، عُرِفَ بربيعةِ الرّأيِ، من رواة الحديث النّبويّ من التّابعين، عُرفَ رحِمَهُ اللهُ بالحفْظِ للحديثِ والفقهِ الإسلاميِّ، ولدَ في المدينة المنوّرة وكانَ منْ أصحابِ الفتوى فيها، ورويَ أنّ أباه توفيَّ وهو في بَطنِ أمّه وترك له مالاً كثيراً أنفقه في سبيل الله وعلى إخوانِه،فَعُرِف بالجود والكرمِ، وعُرِضَ عليه القضاء في آخرِ حياته فأبى، وبقيَ في المدينة المنوّرة حتّى توفّاه الله في العام السّادس والثّلاثين بعد المائةِ من الهجرة النّبويّة يرحمه اللهُ.
روايته للحديث
كان رَبيعة بنُ أبي عبدِ الرّحمنِ من كبار التّابعين الّذين رووا الحديث النّبويّ عن الصّحابة وممّن روى عنهم منهم: أنسِ بنِ مالكٍ والسّائبَ بنِ يزيدٍ وغيره رضي الله عنهم ٍ وقد روى أيضاً عن كثيرٍ منَ التّابعين من أمثالِ: سعيدِ بنِ المُسَيَّبِوعطاءِ بنِ يسارٍ والقاسمِ بنِ محمّد وسالمِ بنِ عبداللهِ ومحمّدِ بنِ يحيى وغيرهم يرحمهم الله، كما روى الحديث من طريقِهِ كثيرٌ منَ المحدّثينَ من أمثالِ: سليمانَ التَّيميِّ وسُهيل بن أبي صالح وشعبةِ بنِ الحجّاجِ وتلميذِه مالكِ بنِ أنس والسّفيانانِ الثوريِّ وابنِ عُيَيْنةَ وغيرهم يرحمهم الله، وكان ثقة في رواية الحديث وروى له كثيرٌ من أصحاب السُّنن.
من رواية ربيعة الرأي للحديث
ممّا وردَ من روايةِ الحديثِ النّبويِّ من طريقِ ربيعة الرّأيِ ما أورده الإمامٌ مسلمٌ في صحيحه: (( حدّثنا يحيى بن يحيى التّميميُّ قال: قرأتُ على مالكٍ عن ربيعةَ بن أبي عبدالرّحمنِ عن يزيدَ موْلى المُنْبَعِثِ عنْ زيدِ بنِ خالدٍ الجُهَنِيِّ أنّهُ قالَ: جاءَ رَجُلٌ إلى النّبيِّ صلّى الله عليهِ وسلّمَ فَسَألَهُ عنِ اللقَطَةِ، فقال: ( اعْرِفْ عِفَاصَها وَوِكاءَها ثمَّ عرِّفْها سَنَةً فإنْ جاءَ صاحِبُها وإلّا فَشَأنَكَ بِها ). قال: فَضَالَّةُ الغَنَمِ؟ قالَ: (لَكَ أوْ لِأخَِيكَ أوْ للذّئبِ ). قال: فَضَالَةُ الإبِلِ؟ قال: (ما لَكَ وَلَهَا مَعَها سِقاؤُها وحِذاؤُها تَرِدُ الماءَ وَتَأكُلُ الشَّجَرَ حَتَّى يَلْقاها رَبُّها )، من كتاب اللقَطَةِ، رقم الحديث1722)).