لقد كانَ الحديثُ النَّبويُّ الشَّريفُ منَ العلومِ الّتي أولَتْها الأمَّةُ الإسْلاميَّةُ كثيراً منَ الإهْتِمامِ وذلك لمكانَتِها التَّشْريعيَّةِ، ولقدْ تتابَعتِ الأُمَّةُ في حفظِهِ ونَقْلِه من زمنِ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم منْ طريقِ الصَّحابَةِ رُضوانُ اللهِ عليهمْ خيرُ القُرون من الثِّقاتِ العُدولِ إلى التَّابعينَ خير قرنٍ بعدَ الصَّحابةِ لحديثِ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: ( خير القرُون قرنِي ثُمَّ الّذين يلونَهمْ ثمَّ الّذين يَلونَهم)، ومازالت مسيرةُ بحثنا في الرُّواةِ المُحَدِّثينَ منَ التَّابعينَ لِنصل إلى راوٍ منْهمْ كانَ منَ الفقهاء المحدِّثينَ في البصْرَةِ ومشهودٌ لَهُ في العِلْم، إنَّه عُثْمانُ البَتِّيُّ رَحِمَهُ اللهُ، فتعالوا نَقْرأُ في سيرَتِهِ في الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.
نبذة عن عثمان البتي:
هوَ: التَّابعيُّ الجليلُ، عُثْمانُ بنُ سُليمانَ بنِ جَرْموزٍ البَتِّيُّ، منْ رُواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، ويقالُ لهُ عُثْمانُ البَصْرِيُّ، كانَ منْ علماءِ البصْرةِ وفُقَهائِها، ولُقِّبَ بفقيهِ البَصْرَةِ، وكانَ منَ المُحدِّثينَ فيها، يقالُ لهُ البَتِّيُّ نسبةً إلى البّتُوتِ الّذي كانَ يبِيعه وهو الكِساءُ الغليظُ منَ الصُّوفِ أوِ الوَبْرِ، أدْرَكَ منَ الصَّحابَةِ أنَسُ بنُ مالِكٍ رَضِيَ اللهُ عنْهُ وكانَتْ وفاتُهُ في العامِ الثَّالِثِ والأَرْبَعينَ منَ الهِجْرَةِ يرْحَمُهُ اللهُ.
روايته للحديثِ:
كانَ عُثمانُ بنُ سليمانَ البَتِّيُّ منْ رُواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، وقدْ رَوَى الحديثَ النَّبويَّ الشَّريفَ عنْ أنَسِ بنِ مالكٍ منَ الصَّحابَةِ رضيَ اللهُ عنْهُمْ، كما روى الحديثَ عنْ جُملَةِ منَ التَّابعينَ كالحسنِ البَصْرِيِّ وعامِرٍ الشَّعْبِيِّ ونُعَيْمَ بنُ أبي هندٍ وعبدِ الحميدِ بنِ سَلمَةَ وغيْرِهِم يَرْحَمُهُمُ اللهُ.
أمَّا منْ رَوَى الحديثَ عنْ عثْمانَ البَتِّيِّ فَمِنْهُم: حمَّادُ بنُ سَلَمَةَ وسُفْيانُ الثَّورِيُّ وعُثْمانُ بنُ عُثمانَ الغَطَفانِيُّ وهُشَيْمُ بنُ بَشِيرٍ وإسْماعيلُ بنُ عُلَيَّةَ وغيرُِهمْ يرْحَمُهُمُ اللهُ، كما كانَ منَ الثِّقاتِ عندَ كثيرٍ منْ أهلِ الحديثِ وروى له أصحابُ السنن الأربعةِ والإمامُ أحمدُ بنُ حَنْبَلٍ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
من رواية عثمان البتي للحديث:
مِمَّا ورَدَ منْ روايَةِ الحديثِ منْ طريقِ عُثمانَ البَتِّيِّ ما أوْرَدَهُ الإمامُ النَّسائِيُّ رَحِمَهُ اللهُ في السُّنَنِ في كتابِ الطَّلاقِ: (( أخْبَرَنا مَحْمُودُ بنُ غَيْلانَ، قالَ: حدَّثَنا عبدُ الرَّزَّاقِ، قالَ: حَدَّثَنا سُفْيانُ ـ الثَّورِيُّ ـ ، عنْ عُثْمانَ البَتِّيِّ، عنْ عبدِ الحَمِيدِ بنِ سَلَمَةَ الأنْصارِيِّ، عنْ أَبِيهِ عنْ جَدِّهِ، أنَّهُ أَسْلَمَ، وأَبَتِ إمْرأَتُهُ أنْ تُسْلِمَ، فَجَاءَ ابْنٌ لَهُمَا صَغِيرٌ لمْ يَبْلُغِ الحُلُمَ ، فأجْلَسَ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّمَ الأَبَ هاهُنَا والأُمَّ هاهُنا، ثمَّ خَيَّرَهُ، فقالَ: ( اللَّهُمَّ إهْدِهِ )، فَذَهَبَ إلى أَبِيهِ. )). حكمُ الحديثِ صَحيحٌ ورَقَمُهُ 3495.