ما زلنا في رحلة بين تراجم الصّحابة رضوان الله عليهم، ذلك الجيل الذي حمل أمانة التبليغ بعد رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، فكانوا نقَلَة الوحي وحفّاظه، حفظوا القرآن والحديث النّبوي في صدورهم وكتبوها ليكونوا أوّل طبقة لسندها، وكان لهم الدّور الأبرز في حفظ الحديث النّبويّ الشّريف، فلا حديثٌ يقبل دون وجودهم لانقطاعه، ونصل إلى أحد الصّحابة الأجلّاء إلى سيرة عوف بن مالك المحدّث العدْلُ فتعالوا معنا لسيرته العطرة.
نبذة عن عوف
هو الصّحابي الجليل أبو عبدالله، عوف بن مالك الأشجعيّ من صحابة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم، كان ممّن حضر فتح مكّة المكرّمة وشهد غزوة مؤتة وكان ممّن لحق الفتوحات الإسلاميّة وكان مشاركاً فيها وفي فتح القسطنطينيّة، كان قد روى أحاديثاً عن النّبي صلّى الله عليه وسلّم، وعاش بعد النّبي صلّى الله عليه وسلّم إلى سنة ثلاث وسبعين للهجرة النّبويّة.
روايته للحديث
كان عوف بن مالك من رواة الحديث عن النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم، فروى له البخاريّ ومسلم وجماعة الحديث كثيراً من الروايات، وكان قد روى الحديث عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وحدّث عنه عدد من الصّحابة كأبي هريرة عبدالرحمن بن صخر الدّوسيّ ويزيد بن الأصمّ ومن المخضرمين الّذين لم يلتقوا برسول الله صلّى الله عليه وسلّم أبو مسلم الخولانيّ وروى عنه كثيرٌ من التّابعين كعامر الشّعبي وشدّاد وغيرهم كثير.
من حديث عوف
من ما جاء من طريق الصّحابي الجليل عوف بن مالك ما أورده الإمام البخاريّ في صحيحة ما رواه عوف بن مالك أنّه قال: أتيت النّبيّ صلّى الله عليه وسلّم في غزوة تبوك فقال:(أعْدُدْ ستاً بين يدي السّاعة موتي ثم فتح بيت المقدس ثم موتان يأخُذ فيكم كقِعاص الغنم ثم استفاضة المال حتى يُعطى الرجل مائة دينار فيضلّ ساخطاً ثم فتنة لا يبقى بيت من العرب إلّا دخلَتْه ثمّ هدنة تكون بينكم وبين بني الأصفر فيغْدُرون فيأتوكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفاً).
وما رواه الإمام مسلم في صحيحة من طريق بن جبير عن أبيه عن عوف أنّه قال:((كنا نرقي في الجاهلية فقلنا يارسول الله صلّى الله عليه وسلّم كيف ترى في ذلك؟ فقال: ( لا بأس بالرُّقى مالمْ يكنْ فيه شرك).