لقدْ خلقَ الله تعالى الإنسانَ، وجعلَ لهُ الدّنيا دارُ امتحانٍ وابتلاء، وجعلَ لهُ منَ الابتلاءاتِ في الدّنيا، فتكونُ لهُ منَ الاختبار، أيصبرُ أمْ يكفر، وكانَ للمؤمنِ في الصّبرِ على الابتلاء والشدّةِ منَ الأجرِ العظيمِ عندَ اللهِ تعالى في تكفير السّيئات ومضاعفة الحسنات، وسنعرضُ حديثاً في ذلك.
الحديث
أوردَ الإمامُ التّرمذيُّ يرحمهُ اللهُ في السنن: ((حدّثنا هنّادُ، حدّثنا أبو معاويةَ، عنِ الأعمشِ، عنْ إبراهيمِ، عنِ الأسودِ، عنْ عائشةَ، قالت: قالَ رسولُ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ: “لا يصيبُ المؤمنَ شوكةٌ فما فوقها إلّا رفعه الله بها درجةً، وحطّ عنهُ بها خطيئةٌ”)). حكمُ الحديثِ صحيحُ ورقمهٌ: (965).
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ أبو عيسى، محمّدُ بنُ عيسى بنِ سورةَ التّرمذيُّ في السّنن في أبواب الجنائزِ عنْ رسولِ الله صلّى اللهُ عليه وسلّمَ، بابُ: (ما جاءَ في ثواب المريض)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ أمّ المؤمنينَ عائشةَ بنتِ أبي بكرٍ الصّدّيقِ رضيَ اللهُ عنهما، وهيَ منَ المكثراتِ في رواية الحديثِ منَ الصّحابة، أمّا بقيّةُ رجالِ سندِ الحديث:
- هنّادٌ: وهوَ أبو السّريِّ، هنّادُ بنُ السّريِّ بنِ مصعبٍ التّميميّ (152ـ243هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديثِ منْ تبع أتباع التّابعينَ.
- أبو معاوية: وهوَ محمّدُ بنُ خازم التّميميُّ السّاعديُّ (113ـ194هـ)، وهوَ منْ أتباع التّابعينَ الثّقات في رواية الحديث.
- الأعمشُ: وهوَ أبو محمّدٍ، سليمانُ بنُ مهرانَ الأسديُّ الكاهليُّ (61ـ145هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
- إبراهيمُ: وهوَ أبو عمران، إبراهيمُ بنُ يزيدَ النّخعيُّ (46ـ96هـ)، وهوَ منْ ثقات التّابعينَ في رواية الحديث.
- الأسود: وهو أبو عمرو، الأسودُ بنُ يزيدَ النّخعيُّ (ت: 74هـ) وهوَ أيضاً منْ ثقات التّابعينَ المحدّثينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثِ إلى فضلِ الصّبر على الشّدة والابتلاء، ومنها مرضُ المؤمنِ وما يصيبه منْ توابعه، وقدْ بيّن النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ المؤمنَ في ذلكَ إذا صبرَ كانَ لهُ أثرٌ في تكفير السّيئات ورفعِ الدّرجاتِ عندَ الله، وقدْ خصّ النّبيُّ صلّى الله عليه وسلّمَ المؤمنَ في ذلكَ لتكليفه بالعبادات دونَ سواه، ولأنّ الإيمانَ يوجبُ عليه أنْ يصبرَ محتسباً ذلكَ عندَ الله تعالى، ومخلصاَ النّيّة في ذلك، كما ضربَ النّبيُّ عليه الصّلاة والسّلامُ مثالاُ لدرجة الابتلاء بالشّوكة لصغرها ولعظمِ أجرِ الصبر عليها وعلى ما كان أعظمَ منها أو أصغر، والله تعالى أعلم.
ما يرشد إليه الحديث
من الفوائد من الحديث:
- فضلُ الصبرِ على الابتلاءات والشدائدِ للمؤمن عندَ الله.
- على المؤمن الصبر على المرضِ والشدّة محتسباً ذلكَ عند الله تعالى.