قصة عبادة بن الصامت والمقوقس

اقرأ في هذا المقال


سير الصحابة رضوان الله عليهم مع غيرهم متعددة، وفي هذا المقال سوف نتناول التحدث عن موقف عبادة بن الصامت مع المقوقس.

ما هي قصة عبادة بن الصامت والمقسوس

كانت لفتح مصر احتلال المساحة الواسعة وهذا من الدراسات الذي أرخت العديد من الفتوحات الإسلامية؛ وهذا لأنَّه انطوى على الكثير من الرسائل، وكان أيضاً عبارة عن نقطة فاصلة وهذا فيما يخص مسيرة الفتوحات من بعدها، حيث تم النظر إلى مصر وهذا على اعتبار أنَّها الجائزة وكذلك المركز ذو الأهمية الكبيرة؛ وهذا بغية نشر الدين الإسلامي الحنيف في البداية ومن ثم القضاء وهذا على إحدى الإمبراطوريات ذات الحجم الكبير، والتي عمدت إلى مناطحة المسلمين وهذا لفترات زمنية طويلة، وهذا إلى أن تمكنوا من القضاء عليها كُليةً.

حيث أنَّه كُلما كبر الهدف والمُبتغى تعاظمت معه تلك البطولات المختلفة، كما وأنَّ مشاربها قد تنوعت، كما وأنَّ للموقف الذي قد تفاوض فيه عبادة بن الصامت مع المقوقس الذي كان ملكاً على مصر، الكثير من الدروس والعبر السياسية والإنسانية مختلفة ومتعددة.

حيث أنَّ قصة الرسالة التي قد بعث بها ملك مصر المقوقس وهذا إلى الصحابي عمرو بن العاص وكان يقول له بمعنى كلامه أنَّكم عبارة عن أناس أو قوم قد جُلتم في دولتنا وبلادنا، كما وأنَّكم قد عمدتهم للإلحاح على قتالنا كذلك، كما وأنَّ مقامكم قد طال وهذا في أرضنا، وأنَّكم عبارة عن عصبة صغيرة، وأنَّ الروم عمدت لأن تظلكم، كما وأنَّهم قد جهزوا إليكم، وكان معهم كل من العدَّة والسلاح أيضاً، وأنَّ نيل الروم قد أحاط بكم كذلك.

وقال لهم:” وإنَّما أنتم أسرى في يدينا، وقال لهم ابعثوا لنا رجلاً منكم نسمع من كلامهم، ولعلَّه أن يأتي الأمر فيما بيننا وبينكم على ما تحبون ونحب، وينقطع عنا وعنكم هذا القتال؛ أي يتوقف القتال والحرب التي فيما بين بعضهم، وهذا قبل أن تغشاكم جموع الروم، وحينها لا ينفعنا وينفعكم الكلام قط ولا حتى نقدر عليه، كما وقال لهم لعلَّكم إن تندموا وهذا إن كان هذا الأمر مخالفاً لما تطلبونه ورجائكم، فابعث لنا رجالاً من أصحابك نعاملهم على ما نرضى نحن وهم به من شيء.

وعندما جاءت تلك الرسالة إلى ملك مصر المقوقس إلى عمروا بن العاص عمد إلى حبسهم في حوزته يومين إلى أن يروا الحال الذي كان عليه المسلمين، وبعد ذلك ردَّ عليهم عمرو بن العاص أنَّه لا يوجد بينه وينهم إلّا إحدى ثلاث خصال فقط، الأولى دخول الإسلام، أو إعطاء الجزية، والأخيرة القتال.

وعندما عادت رسائل المقوقس إليه التي كان يسأل فيها عن حال المسلمين، فقالوا حينها بمعنى الرواية أنَّهم قد وجدوا قومناً يفضلون الموت على الحياة، وكذلك التواضع مفضَّل لديهم على الرفعة، وأنَّه لا يوجد أحد منهم لديه رغبة وحاجة في الدنيا، وإنَّما جلوسهم على التراب وكذلك أكلهم على رُكبهم، وقالوا أيضاً أنَّ أميرهم مثله كمثل أي واحد منهم لا يُعرف كبيرهم من صغيرهم ولا سيد فيهم من العبد، وإذا جاء وقت الصلاة لا يتخلف عنها أحد، يعمدون إلى غسل أطافهم وهذا بالماء وكذلك في صلاتهم يخشعون كذلك.

فقال المقوقس ملك مصر حينها بمعنى الرواية والذي يحلف به لو أنَّ هؤلاء استقبلوا الجبال لأزالوها وما يقوى على قتال هؤلاء أحد”، وبعد ذلك عمد المقوقس لأن يبعث رسالة مرَّ أخرى وهذا إلى عمرو بن العاص حيث كان فيها يقول له:” ابعثوا إلينا رُسلاً منكم نعاملهم ونتداعى نحن وهم إلى ما عساه أن يكون فيه صلاح لنا ولكم”.

ولما رأى عمر بن العاص تلك الفرصة عمد لأن ينتهزها وهذا حتى يُعلِّم المسوس وكذلك حاشيته ذلك الدرس وهذا حتى يبقَ أثره إلى اليوم وهذا في نفوس وذوات المسلمين وغيرهم؛ وهذا لأنَّه كان بمثابة الدليل العملي وهذا على مدى المساواة وكذلك العدل الذي يحرص عليه الدين الإسلامي الحنيف.

وبعث عمرو بن العاص إلى ملك مصر المقوقس عشرة من الصحابة رضوان الله عليهم والتابعين كذلك، وكان على رأسهم الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه، حيث أنَّه كان من ذوي البشرة السوداء، وكان طوله حينها يتجاوز المترين.

وأمر عمرو بن العاص الصحابي عبادة بن الصامت أن يكون هو المتحدث الرسمي وهذا باسم الوفد حينها، فركب الصحابة وعلى رأسهم عبادة رضي الله عنهم جميعاً السفن وعبروا حينها من بابليون وهذا إلى الجزيرة، وعندما وصلوا إلى مصر دخلوا على ملكها المقوقس، فتقدَّم عبادة بن الصامت نحوه، وقال المقسوس آنذاك بمعنى الرواية آتوني بآخر يتحدث معي وابعدوه عني هذا الأسود.

فقال له الصحابة الذين بعثهم عمرو بن العاص إليه أن َّ هذا الأسود هو أفضلنا من الناحية العلمية وكذلك في رأيه، كما ويُعد سيدنا وخيرنا والمُم علينا، وأنَّنا كُلنا نرجع إليه وهذا في الرأي والقول، وقد أمرنا أميرنا أن لا نُخالف رأيه وقوله بتةً.

فقال حينها المقوقس : فكيف رضيتكم أن يكون هذا ذو البشرة السوداء أفضلكم؟، وإنَّما ينبغي أن يكون هو دونكم، ردَّوا عليه قائلين حينها:” إن كان الأسود كما ترى فإنَّه من أفضلنا موضعاً، وأفضلنا بالعقل والرأي سابقة وهذا بمعنى الرواية، وليس ينكر السواد فينا.

وبعد ذلك توجه المقوقس إلى الصحابي عبادة بن الصامت وقال له:” تقدَّم يا أسود وكلمني برفق؛ فإني أهاب” أخاف” سوادك، وإن اشتد كلامك على ازددت لذلك هيبةً”.

فجاء عبادة بن الصامت نحو المقوقس وقال له آنذاك:” قد سمعت مقالتك وإنَّ فيمن خلفت من أصحابي ألف رجل أسود كلهم أشدُّ سواداً مني وأفظع منظراً، ولو رأيتهم لكنت أهيب لهم منك لي، وأنا قد وليت أدبر شبابي، وإني مع ذلك بحمد الله ما أهاب مائة رجل من عدوي لو استقبلوني حميعاً وكذلك أصحابي، ولذلك أنا إنَّما رغبتنا وهمتنا الجهاد في الله واتباع رضوانه، وليس عزونا عدونا ممن حارب الله لرغبة في دنيا ولا طلباً للاستكثار منها، إلّا أنَّ الله قد أحلَّ ذلك لنا، وجعل ما غنمنا من ذلك حلالاً”.

استكمل الصحابي عبادة بن الصامت مع ملك مصر المقوقس حيث أنَّ قد أشار إليه، وقال له حينها بمعنى الرواية أنَّه لا يوجد فرق بين المسلم الذي لديه قنطار من الذهب والمسلم الذي لا يمتلك شيء سوى درهماً؛ وهذا لأنَّ غاية أحدنا هو أكله فقط يعمد بها إلى سدِّ بها جوعة في أحد الليالي ونهاره، وشملة يحتلفها.

فإن كان أحدنا لا يمتلك سوى ذلك اكتفى به، وإن كان له قنطار من ذهب عمد إلى انفاقه وهذا في سبيل الله تعالى واقتصر فقط على ذلك الذي بيده، ويبلغه ما كان في الدنيا؛ وهذا لأنَّ نعيم الدنيا لا يعتبر نعيم، وأنَّ رخاؤها لا يُعد رخاء وإنَّما النعيم والرخاء فقط في الآخرة، وهذا بما أمرنا به ربنا، كما وأنَّ نبينا قد أمرنا به وعهد إلينا ألّا تكون همة أحدنا من الدنيا فقط إلّا ما يمسك جوعته ويعمد إلى ستر عورته وكذلك أن تكون همته وشغله هو إرضاء ربه وكذلك جهاد العدو.

وكان المقوقس منصت لكلام عبادة بن الصامت رضي الله عنه حيث أنَّ كلامه كان يحمل من المعاني وكذلك من الإشارات العديد، وقال لمن حوله كذلك: هل أنصتم مثل كلام هذا الرجل قط؟، وقال بمعنى الرواية إني قد خفت من منظره وإنَّ كلامه لأهيب عندي من منظره، كما وقال إنَّ هذا وأصحابه قد أخرجهم الله عزَّ وجل وهذا بغية الخراب في الأرض، وما أظن ملكهم إلّا سيغلب على الأرض كلها”.

ومن ثم توجه المقوقس متوجهاً لعبادة بن الصامت وقال:” أيُّها الرجل الصالح سمعت مقالتك وما ذكرت عنك وعن أصحابك، ولعمري ما بلغتم ما بلغتم إلّا بما ذكرت، وما ظهرتم على من ظهرتم عليه إلّا لحبهم الدنيا ورغبتهم فيها، وقد توجه إلينا لقتالكم من جميع الروم ما لا يحصى عدده”.

حيث أنَّ عبادة بن الصامت استمع إلى كلام المقسوس وهذا دون أن يبتعد عن ثلاثة شروط التي سبق ذكرها، والتي عمد عمرو بن العاص بوضعها.

المصدر: رجال حول الرسول، خالد محمد خالد، 1968م. صور من حياة الصحابة، عبدالرحمن رأفت باشا، 1992م. فضائل الصحابة، الإمام أحمد بن حنبل، 1983م. أُسد الغابة في معرفة الصحابة، الإمام ابن الأثير، 1994م.


شارك المقالة: