مراحل تحسين الرسم العثماني:
وصل الرسم العثماني إلى درجات كبيرة من التحسين، بحيث لم يكن على درجة واحدة من التحسين، وكان هناك تغير في الصدر الأول على شكل نقط، مثال ( جاء وضع الفتحة في أول حرف الكلمة، على شكل نقطة، والضمة على آخره، والكسرة تحت أوله) ثم كان الضبط بالحركات المأخوذة من الحروف، وهو الذي أخرجه الخليل، فالفتح شكلة مستطيلة فوق الحرف، والكسر كذلك تحته، والضم واو صغرى فوقه، والتنوين زيادة مثلها، وتُكتب الألف المحذوفة والمبدل منها في محلها حمراء، والهمزة المحذوفة تُكتب همزة بلا حرف حمراء أيضًا، وعلى النون والتنوين قبل الباء علامة الإقلاب حمراء، وقبل الحلق سكون.
وكانت تعرى عند الإدغام والإخفاء، ويعرى المدغم ويشدد ما بعده إلا حرف (ط) قبل التاء فيتم تسكينها مثال قوله تعالى: “فرطْت”. ثم كان القرن الثالث الهجري فجاد رسم المصحف وتحسن، وتنافس الناس في اختيار الخطوط الجميلة وابتكار العلامات المميِّزة، فجعلوا للحرف المشدد علامة كالقوس، ولألف الوصل جرة فوقها أو تحتها أو وسطها. على حسب ما قبلها من فتحة أو كسرة أو ضمة.
ثم يتم إدراج الناس بعد ذلك في ووضه كل سورة لها اسم، كذلك عدد كل آية، والرموز التي تشير إلى رؤوس الآي، ووضع علامة الوقف اللازم “لا” والجائز جوازًا مستوى الطرفين “ج” والجائز مع كون الوصل أولى “صلي” والجائز مع كون الوقف أولى “قلي” وتعانق الوقف بحيث إذا وقف على أحد الموضعين لا يصح الوقف على الآخر ” ” والتجزئة، والتحزيب، إلى غير ذلك من وجوه التحسين، وكان العلماء في بداية الأمر يكرهون ذلك خوفًا من وقوع زيادة في القرآن مستندين إلى قول ابن مسعود رضي الله عنه : “جرِّدوا القرآن ولا تخلطوه بشيء”.
والبعض يفرق بين النقط الجائز، والتي تعتبر من علامات الوقف. وفواتح السور التي لا تجوز. وقد كره بعض العلماء، أسماء السور، وعدد الآيات، وكتابة الأعشار والأخماس، فيه لقول ابن مسعود: “جرِّدوا القرآن” وأما النقط فيجوز، لأنه ليس له صورة فيتوَّهم لأجلها ما ليس بقرآن قرآنًا. وإنما هي دلالات على هيئة المقروء فلا يضر إثباتها لمن يحتاج إليها”.
وقد اختلف العلماء في نهاية الأمر إلى الإباحة والاستحباب، وقال جماعة من السلف “لا بأس بنقط المصاحف”، ونقل عن بعضهم أنه قال: “لا بأس بتشكيل المصحف”، وقال النووي: “نقط المصحف وشكله مستحب لأنه صيانة له من اللحن والتحريف، وقد وصلت العناية بتحسين رسم المصحف اليوم ذروتها في الخط العربي.