الأسرى من بني هاشم ورجال قريش:
لقد وقع في أسر جيش الإسلام والمسلمين عدد من رجالات قبلية بني هاشم، ومن سادتهم الذين اشتركوا معهم في القتال ضد جيش المسلمين بعد أن خرجوا من مكة المكرمة، وقد كان على رأس هؤلاء الأسرى العباس بن عبد المطلب عم رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم.
وكان الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم في قد أصدر أمره قبل بدء القتال في المعركة بأن لا يقتل جنده أي أحدٍ من رجال قوم بني هاشم، ممن قد خرجوا مع قریش والجيش.
وقد جاء في أمره هذا قوله: “إني عرفت رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً (أي غصباً دون رضى)، لا حاجة لهم بقتالنا، فمن لقى أحد منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله، ومن لقي أبا البحتري بن هشام فلا يقتله”.
وكان الصحابي الجليل أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة (اسمه هشيم أو هاشم بن عتبة، وهو أحد السابقين في الإسلام) رضي الله عنه موجوداً في جيش النبوي الإسلامي مع جيش المسلمين، عندها قال عندما سمع ما أمر به نبي الله محمد صلى الله عليه وسلم، فقال: “أنقتل آباءنا وإخواننا وعشيرتنا، ونترك العباس؟ والله إن لقيته لألحمنّه بالسيف”، وكان عتبة بن ربيعة، وهو والد الصحابي أبي حذيفة، وعمه شيبة وابن عمه الوليد أول من قتل من المشركين مبارزة.
وعندما بلغ النبي محمد صلى الله عليه وسلم ما قاله أبي حذيفة قال: “حاضراً يا أبا حفص، أيضرب وجه عم رسول الله؟ فقال عمر، يا رسول الله دعني أضرب عنقه بالسيف فو الله لقد نافق، بأن يمس أبو حذيفة بأي أذى”. ولكن النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم لم يسمح له بذلك، وقد ندم أبو حذيفة ندماً شديداً على ما قاله.
وبعد ذلك قاموا بتنفيذ كل ما قال النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم من تعليمات ومن إرشادات، فلم يقتل أي أحد من بني هاشم في جيش المشركين.
ولكن النبي محمد صلى الله عليه وسلم كان قد أمر بعدم قتلهم، لكنه لم يمانع جنود الإسلام والمسلمين من القيام بأسرهم ووضعهم في القيود، فقد أسروا جميعهم وسيقوا في القيود مع الأسرى إلى المدينة المنورة.
أما عن أبو البحتري بن هشام وهو غير هاشمي ولم يكن منهم، فقد نهى النبي الكريم محمد صلى الله عليه وسلم عن قتله، معترفاً له عمّا سبق من فضله وتقديراً لمواقفه المشرفة التي وقفها أيام محنة الإسلام في مكة المكرمة قبل الهجرة، حيث لم يصدر منه أي إيذاء لنبي الله محمد صلى الله عليه وسلم بل كان على رأس النفر من عقلاء المشركين وسادتها، الذين عملوا على تحطيم الحصار الاقتصادي الذي ضربنه قريش على بني هاشم وبنى الطلب في الشعب.
وقد كان أبو البحتري هذا في مقدمة الرجال الذين استنكروا هذا الحصار، وعملوا على تمزيق الصحيفة التي علقها أعداء نبي الله في جوف الكعبة المشرفة، وذلك بعد أن وقعت عليها جميع قبائل قريش التي في مكة المكرمة بمقاطعة بني هاشم وبني المطلب اقتصادياً واجتماعياً، لوقوفهم بشكل (قبلي) بجانب رسول الله صلى الله عليه وسلم.