مازِلْنا نَجُوبُ في رِحْلَتِنا في ديارِ المُحَدِّثينَ نبْحَثُ عنْ أخْبارِهم وسيرَتِهمْ وجُهودِهِم في حفظِ الحديثِ النَّبويِّ ونَقْلِه إلى الأجْيالِ منْ بَعْدِهِم، ليتَّصِلَ سَنَدُهُ إلى كلِّ زمانٍ ومكانٍ برُواةٍ نَذَروا أنْفُسَهمُ لهذا العِلمِ الشَّريفِ، رحَلوا في طلبِ العِلمْ ورَحَلَ العِلمُ مَعَهُمْ ليتَسَلَّمُهُ منْ جاءِ بَعْدَهُ، ففي البدايَةِ كانَ عندَ صحابَةِ رسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ ثمَّ جاءَ بعدَهُمُ التَّابعونَ ثمّ انتَقَلَ إلى أتْباعِ التَّابعينَ، وهانَحْنُ في ديارِ تَبَعِ التَّابعينَ، ونَصِلُ في رِحْلَتِنا إلى البَصْرَةِ حيثُ الوَضَّاحِ بنِ عبدِ اللهُ اليَشْكُرِيِّ ، فتعالوا نَقْرأُ في سيرَتِهِ معَ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ.
نبذة عن الوضّاح اليشكريّ:
هوَ: المُحَدِّثُ، أَبو عَوانَةَ، الوَضَّاحُ بنُ عبدِ اللهِ اليَشْكُريُّ، منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، يرْجِعُ أصْلُهُ إلى بلادِ فارِسَ، وكانَ منَ السَّبِيِّ، واليشكُرِيُّ نسبَةً إلى موْلاهُ يزيدَ بنِ عطاءٍ اليشْكُرِيِّ، ولدَ في جرْجانَ منْ بلادِ فارِسَ، وتلَقَّى العِلمَ حتَّى صارَ منْ مُحدِّثِي البَصْرَةِ وقيلَ أنَّهُ خُيِّر بينَ العِتْقِ وتعلُّمِ الحديثِ فاخْتارَ علمَ الحديثِ، وكانتْ وفاتُهُ في البَصْرَةِ في العامِ السَّادِسِ والسَّبعينَ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ يرْحَمُهُ اللهُ.
روايته للحديث:
كانَ أبو عوانَةَ اليشْكُريُّ منْ رواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ منْ أتْباعِ التَّابعينَ، وقدْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ كثيرٍ منَ الرُّواةِ منْ أمثالِ: موسَى بنِ أبي عائِشَةَ وزيادِ بنِ عِلاقَةَ وجَعْفَرِ بنِ إياسٍ وعثمانَ بنِ عاصمَ أبي حَصٍينٍ وسليمانَ بنِ مهرانَ الأعْمَشِ وسُليمانَ الشَّيبانِيِّ وعبدِ الملِكِ بنِ عُمَيْرٍ وعمرِو بنِ دينارٍ وقتادَةَ بنِ دِعامَةَ وعاصِمٍ الأحْوَلِ وهلالِ بنِ أبي حُمَيْدٍ ومنصورِ بنِ المُعْتَمِرِ وبُكَيْرِ بنِ الأخْنَسِ وعبدِ الملِكِ بنِ عُمَيْرٍ والأسودِ بنِ قيسٍ وأبِي إسْحاقَ الشَّيْبانِيِّ وبيانِ بنِ بشْرٍ وسُهيلٍ بنِ أبي صالِحٍ وسِماكِ بنِ حَرْبٍ وغيرِهم كثيرُ يرْحَمُهُمُ اللهُ.
أمَّا منْ رَوَى الحديثَ منْ طريقِ أبي عَوانَةَ اليشْكُرِيِّ فمِنْهُمْ: مُحَّمَدٌ السَّدُوسِيُّ وعليِّ بنِ الحَكَمِ الأنْصارِيُّ وقُتَيْبَةُ بنُ سعيدٍ وموسَى بنُ إسْماعيلَ البَصْرِيُّ ومُحَمَّدُ بنُ عبدِ المَلِكِ الأمَوِيُّ وشيبانُ بنُ فَرُّوخَ وفُضَيْلُ بنُ حُسينٍ الجَحْدَرِيُّ وغيرِهم يرحَمُهُمُ اللهُ، كما كانَ منَ الثِّقاتِ عندَ أهْلِ الحديثِ وحديثُهُ عندَ جماعَةِ الحديثِ.
من روايةِ الوضّاح اليشكريّ للحديث:
مِمَّا جاءَ في كُتُبِ الحديثِ منْ روايَةِ أبي عوانَةَ اليشْكُرِيِّ ما أورَدَهُ الإمامٌ مُسْلِمُ بنُ الحجَّاجِ يرحَمُهُ اللهُ في الصَّحيحِ منْ كتابِ المساجِدِ ومواضِعِ الصَّلاةِ: (( حدَّثَنا يَحْيَى بنُ يَحْيَى، وسعيدُ بنُ منْصورٍ وأبو الرَّبيعِ، وقُتَيْبَةُ بنُ سعيدٍ، قالَ يحْيَى: أخْبَرَنا، وقالَ الآخَرونَ: حدَّثَنا أَبُو عَوانَةَ، عنْ بُكَيْرِ بنِ الأخْنَسِ، عنْ مُجاهِدٍ، عنِ ابنِ عبَّاسٍ قالَ: فَرضَ اللهُ الصَّلاةَ علَى لِسانِ نَبِيِّكُمْ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فِي الحَضَرِ أَرْبَعاً، وفِي السَّفَرِ رَكْعَتَيْنِ، وفِي الخَوْفِ رَكْعَةً )) رقمُ الحديثِ 687/5.