لقدْ جاءَ الإسلامُ آمراً بكثيرٍ منَ الأخلاقِ والآدابِ الّتي منْ شأنها تقويمُ النّفسِ ونشر المحبّة والألفةِ بينَ النّاسِ، ومنها صلةُ الرّحم، وصلةُ الرّحمِ واجبةُ على كلِّ مسلمٍ، ويستحقُّ قاطعها العقوبةَ يومَ القيامةِ وقلة البركةِ والقطعِ في الدّنيا، وسنعرضُ حديثاً في فضلِ صلة الرّحم.
الحديث
أوردَ الإمامُ مسلمُ يرحمهُ الله في الصّحيحِ: ((حدّثنا أبو بكرِ بنُ أبي شيبةَ، وزهيرُ بنُ حربٍ ـ واللّفظُ لأبي بكرٍ ـ قالا: حدّثنا وكيعٌ، عنْ معاويةَ بنُ أبي مُزَرِّدٍ، عنْ يزيدَ بنِ رومانَ، عنْ عروةَ، عنْ عائشةَ قالت: قال رسولُ الله صلّى الله عليه وسلّمَ: “الرّحمُ معلّقةٌ بالعرشِ، تقولُ: منْ وصلني وصلهُ اللهُ، ومنْ قطعني قطعهُ الله”)). رقمُ الحديث: 17/2555.
ترجمة رجال الحديث
الحديثُ المذكورُ أوردهُ الإمامُ مسلمُ بنُ الحجّاجِ النّيسابوريُّ في الصّحيحِ في كتاب البرّ والصّلةِ، بابُ: (صلة الرّحم وتحريم قطيعتها)، والحديثُ جاءَ منْ طريقِ الصّحابيّةِ الجليلةِ أمِّ المؤمنينَ عائشةَ رضي اللهُ عنها، وهي عائشةُ بنتُ أبي بكرٍ الصّدّيقِ القرشيّة، وهيَ منَ المكثرات للحديثِ منَ الصّحابةِ، أمّا بقيّة رجال سندِ الحديث:
- أبو بكر بنُ أبي شيبةَ: وهوَ أبو بكرٍ، عبدُ اللهِ بنُ محمّدِ بنِ أبي شيبةَ العبسيّ (159ـ235هـ)، وهوَ منْ ثقات الحديث منْ تبعِ أتباع التّابعينَ.
- زهيرُ بنُ حربٍ: وهوَ أبو خيثمةَ، زهيرُ بنُ حربٍ الحرشيُّ (160ـ232هـ)، وهوَ منَ الرّواة الثّقات من تبعِ أتباع التّابعين.
- وكيعٌ: وهوَ أبو سفيانَ، وكيعُ بنُ الجرّاح الرّؤاسيُّ (127ـ196هـ)، وهوَ منْ مشاهير ثقات المحدّثينَ الفقهاء منْ أتباع التّابعينَ.
- معاويةُ بنُ أبي مُزَرّدٍ: وهوَ معاويةُ بنُ عبدِ الرّحمنِ بنِ يسارٍ المدنيُّ، وهوَ من رواة الحديثِ الثّقات منْ أتباع التّابعينَ.
- يزيدُ بنُ رومانَ: وهوَ أبو روحٍ، يزيدُ بنُ رومانَ الأسديُّ (ت: 129هـ)، وهو راوٍ ثقة منَ التّابعينَ.
- عروة: وهوَ أبو عبدِ اللهِ، عروةُ بنُ الزّبيرِ بنِ العوّامِ القرشيُّ (23ـ94هـ)، وهوَ منْ ثقات المحدّثينَ منَ التّابعينَ.
دلالة الحديث
يشيرُ الحديثُ إلى فضلِ الرّحمِ في الإسلامِ، وقدْ بيّنَ النّبيُّ صلّى اللهُ عليه وسلّمَ أنّ الرّحمَ معلّقةُ بعرشِ الرّحمنِ، وتنادي بصلةِ منْ يصلُها وقطيعةِ منْ يقطعها، وذهبَ أهلَ العلمِ إلى أنَّ النّطقَ للرّحمِ إنّما هوَ منْ طريقِ الملائكةِ، ومعنى ذلكَ أهميّةُ الصّلة لها ووجوبها عندَ اللهِ تعالى، أمّا الصّلةُ والقطعُ فيكونُ بالدّنيا بالبركةِ لمنْ وصلها والقطيعة لمنْ قطعها، أمّا في الآخرةِ فبالعذابِ وعدمِ دخولِ الجنّة معَ السّابقينَ لدخولها، والله تعالى أعلمُ.
ما يرشد إليه الحديث
منَ الفوائدِ منَ الحديث:
- الرّحمِ معلّقةٌ بعرشِ الرّحمنِ لأهميّتها وفضلها.
- وجوبُ صلة الرّحم وكبيرةِ قاطعها.