لقد كانَ للمرأة على مرِّ التّاريخِ الإسلاميِّ دورٌ في نَهضةِ الأمَّة في جميعِ مجالاتِ الحياةِ، فنَجِدُها الممَرِّضَةُ والطَبيبَةُ والمحدِّثة، ولوْ تًصَفَّحنا كتبَ الحديثِ ورواتِهِ من الصَّحابَة لوجدْناهُنَّ في مقدِّمَةِ منْ رووا الحديثَ عنِ النَّبي صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ، وخيرُ مثالٍ على ذلكَ أمَّهاتُ المؤمنين عائِشَةُ بنتُ أبي بكرٍ الصِّدِّيقِ وأمُّ سلمَة وغيرهُنَّ رضيَ اللهُ عنْهنَّ، واسْتَمَرَّت مسيرَة النِّساءِ في علمِ الحديثِ إلى عصْرِ التّابعينَ الأخيارِ ووُجِدَ منْهُنَّ منْ كُنَّ راوِياتٍ ومُحّدِّثات، وها نَحنُ نصلُ في بحثِنا المُتَواضِعِ إلى عصرِ التّابعين ووجدنا في طريقِنا سيرَةُ إمرأةٍ منَ التّابِعياتِ كانَ لَها الفَضْلُ في رِوايَةِ الحديثِ النَّبَوِيِّ، إنَّها المُحّدِّثَةُ عائِشَةُ بنْتُ طَلْحَةَ بنِ عُبيْدِ اللهِ، فَتعالوا نقرأُ في سيرَتِها مَع الحديث.
نبذة عن عائشة بنت طلحة:
هيَ التَّابِعِيَّةُ الجليلَةُ، عائِشَةُ بنتُ طَحَةَ بنِ عُبَيْدِ الله، منْ رُواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، ووالِدُها طلْحَةُ بنُ عبيدِ اللهِ أحَدُ العَشَرَةِ المُبَشَّرينَ بالجَنَّةِ، وأمُّها أمُّ كُلْثومٍ بنتُ أبي بكرٍ الصِّدِّيق، وخالَتُها أمُّ المؤمِنينَ عائِشَةُ بنتُ أبي بكرٍ، ونشَأَتْ عندَ خالَتِها عائِشَةَ في المَدينَةِ المُنَوَّرَةِ وأخَذَت منْها الحديثَ وكانتْ من التّابعيات صاحباتُ العلمِ والفِقْهِ، وكانَتْ وفاتُها عليْها رَحمُة اللهِ تعالى في العامِ العاشِرِ بعدَ المائَةِ منَ الهِجْرَةِ النَّبويَّةِ.
روايتها للحديثِ:
كانت التابِعيُّة المُحَدِّثَةُ عائِشَةُ بنتُ طلْحَةَ منْ رُواةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ، وقدْ روتِ الحديثَ النَّبويَّ عنْ خالَتِها أمِّ المؤْمنينَ عائِشَةَ بنتِ أَبي بكرٍ رَضِيَ اللهُ عنْها.
أمَّا روايَةُ الحديثِ منْ طريقِ عائِشَةَ بنتِ طلْحَة فقدْ روى الحديثَ عنْها كثيرٌ منَ الرُّواةِ منْ أمثالِ: طَلْحَةُ بنُ يحْيَى بنِ طَلْحَةَ وعطاءُ بنُ أبي رَبَاحٍ والمنْهالُ بنُ عمرٍو وابنها طلْحَةُ بن عبدِ اللهِ وحبيبُ بن أَبي عَمْرَةَ وغيرِهمْ رَحِمَهُمُ الله، كما كانَتْ منَ الثِّقاتِ في روايَةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ وحديثها عندَ جماعةِ الحديثِ رَحِمَهُمُ الله جميعاً.
من رواية عائشة بنت طلحة للحديث:
مِمَّا ورَدَ منْ روايَةِ الحديثِ النَّبويِّ الشَّريفِ منْ طريقِ المُحّدِّثَةِ عائَِشَةَ بنتِ طَلْحَةَ ما أورَدَه الإمامُ مسلمُ بنُ الحَجَّاجِ في صَحِيحِهِ في كتابِ الصِّيامِ: (( وحَدَّثَنا أَبو بكرِ بنِ أَبي شَيْبَةَ، حدَّثَنا وَكيعٌ، عنْ طَلْحَةَ بنِ يَحْيَى، عنء عَمَّتِهِ عائِشَةَ بنتِ طَلْحَةَ، عنء عائِِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنينَ، قالَتْ: دَخَلَ عَلَيَّ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ ذاتَ يَوْمٍ، فَقَالَ: (هلْ عِنْدَكُمْ شَيْءٌ؟). فَقُلْنا: لا. قالَ: ( فإنِّي إذَنْ صائِمٌ ). ثُمَّ أَتَانا يَوْماً آخَرَ، فَقُلْنا: يا رَسولَ اللهِ، أُهْدِيَ لَنَا حَيْسٌ، فَقالَ: (أرِينِيهِ، فَلَقَدْ أَصْبَحْتُ صائِماً؛ فأكَلَ). رقمُ الحديثِ1154/170 )).