عناصر الرقابة المصرفية من منظور إسلامي

اقرأ في هذا المقال


تقوم عملية الرقابة المصرفية في المصارف الإسلامية على عدّة عناصر، لتحقيق الهدف التي وُجدت من أجله، فتعتمد على الأهداف والضوابط الإدارية، والمعايير الكمية والنوعية للرقابة، إضافة إلى الأساليب المستخدمة في المتابعة والقياس، وفيما يلي سيتم الحديث عن كل من هذه العناصر من منظور مصرفي إسلامي.

أهداف الرقابة المصرفية من منظور مصرفي إسلامي:

  • حماية أموال الودائع: وهذا الأمر يُعتبر من أساسيات الشريعة الإسلامية، ويُقصد بالحماية هنا الضمان، أمّا الأموال التي تودع في المصارف الإسلامية بهدف الاستثمار، فإنّها تكون معرّضة للربح أو الخسارة ولا يجوز الضمان فيها وقد تكون معرّضة لمخاطر الاستثمار.
    واستخدمت في المصارف الإسلامية الوسائل التي تُخفف من أثر مخاطر الاستثمار على العملاء، وضمان البنك للأضرار الناتجة من التقصير بسبب سوء الإدارة والمتابعة من قِبل العاملين في البنك، واتّباع إجراءات تحرّزية لمواجهة النقص في أصول الودائع، إضافة إلى العمل على إيجاد وسائل جديدة لحفظ الأموال المودعة بهدف الاستثمار، وأساليب تغطية الخسارة حال حدوثها.
  • ضبط التوسّع النقدي والائتماني: تحديد القدرة المتاحة للمصرف على استقبال الودائع، وإمكانية التوسّع النقدي والائتماني، وتحديد العناصر اللازم معرفتها لتحقيق هذا الهدف، إضافة إلى العمل بالخصائص التي تعمل على تحقيق التوازن المالي التلقائي.
  • توجيه النشاط التمويلي: قيام الأنشطة الاقتصادية حسب الأولويات التي يُفضّلها أفراد المجتمع، ومراعاة ترتيب المصالح ضمن الضروريات والحاجيات والتحسينات، وهذا من أهم مقاصد الاقتصاد الإسلامي، كما يتم في البنوك الإسلامية اتباع الأساليب التي تعمل على تحقيق هذا الهدف، ضمن ما يتوافق مع صيغ التمويل الإسلامي والعمل المصرفي الإسلامي.
  • المحافظة على سلامة المراكز المالية للمصرف الإسلامي: وهذا الهدف الأساسي للإدارة العليا في المصارف الإسلامية، ويجب العمل على تحقيقه واستخدام الوسائل التي تساعد على ذلك وتكون فعالة ويجوز العمل بها في المصارف الإسلامية.
  • جلب وتعبئة المدّخرات: يُعتبر هذا الهدف من الأمور التي يُستحبّ العمل عليها، لأنه السبب الرئيس لزيادة الادّخار القومي، عن طريق زيادة إمكانية استقبال الودائع في المصارف الإسلامية، وبالتالي تنمية الاقتصاد القومي بشكل عام في الدول.

الضوابط الإدارية والتنظيمية من منظور مصرفي إسلامي:

  • ضوابط التأسيس: يجب ألّا تتعارض ضوابط التأسيس مع سمات المصارف الإسلامية، ووفقاً للضوابط والقيود الخاصة بأحكام الشريعة الإسلامية.
  • ضوابط الإدارة والنشاط: في العادة يتم قبول كل الضوابط التي تتعلّق في الإدارة والأنشطة الاقتصادية في المصارف الإسلامية، إلّا بعض الضوابط التي تتعلّق بالأنشطة المخالفة للتعاليم الإسلامية ومبادئ الاقتصاد الإسلامي، مثل المعاملات التي تدخل في شُبهات ربوية، وتحديد أسعار الفائدة، ولم تأخذ المصارف الإسلامية بالتأمين إلّا ما يقوم على نفس أساس التأمين التعاوني، ولحماية الودائع في البنوك تم تقديم اقتراحات لإنشاء صندوق مركزي قائم على أُسس شرعية إسلامية، يختص بحماية حسابات الاستثمار والودائع في المصارف الإسلامية.
  • ضوابط التغيّرات: قبول التغيرات الخاصة برأس المال كزيادة أو تخفيض، والتغيّرات الحاصلة حسب حاجة المنطقة، إضافة إلى اتباع الأحكام الإسلامية في البيوع وتقويم الأصول، عند القيام بعمليات الاندماج مع مصرف آخر غير إسلامي.
  • ضوابط التصفية وإيقاف النشاط: وهنا يتم معاملة أصحاب الأموال عند التصفية كمساهمين، أما باقي الضوابط في هذا المجال فلا تختلف عنها في المصارف التقليدية.

المعايير الكمية للرقابة على الائتمان من منظور مصرفي إسلامي:

  • نسبة الاحتياطي النقدي: لا تختلف نسبة الاحتياطي النقدي على الحسابات الجارية عن مثيلتها في المصارف التقليدية، ويتم تخفيض النسبة على الحسابات التي يُسمح السحب منها كحساب الاستثمار العام أو المشترك، ويتم إعفاء الحسابات التي يكون السحب فيها مقيّد من نسبة الاحتياط النقدي، مثل حسابات الاستثمار الطويلة.
  • نسبة السيولة: يتم اتباع تطوير احتساب نسبة السيولة اعتماداً على الموجودات الفعلية في المصرف الإسلامي، مع إضافة بعض البنود المقترحة مثل التوظيفات الدولية، وصكوك المضاربة المصدرة من مصرف إسلامي، والمرابحات القصيرة الأجل، كذلك شهادات المرابحات التي يتم إصدارها من قِبل شركة أو منظّمة إسلامية.
  • أسعار الفائدة والخصم: عدم جواز استخدام أعار الفائدة والخصم في المصارف الإسلامية، خوفاً من حدوث مشكلة وظيفة الملجأ الأخير، وتمّ طرح بعض البدائل المشروعة في المصا رف الإسلامية، مثل تخصيص نسب الاحتياطي النقدي لتغطية العجز، التنسيق مع المصارف المحلية والدولية للحصول على الإمدادات، وطلب السيولة من البنك المركزي في معاملات المضاربة والمشاركة، وغيرها الكثير من المقترحات البديلة والمشروعة لأسعار الفائدة والخصم في المصارف الإسلامية.
  • السقوف الكلية: تعتبر المصرف التقليدية أكثر قدرة على مواجهة الأضرار الناتجة من تحديد السقوف؛ لأنها تحصل على مرونة من نظام التمويل بالقروض، وتُحدث هذه الخطوة نتائج وآثار سلبية على ربحية المصرف الإسلامية ، وتخفيض الأرباح التي توزّع بين المساهمين؛ لأنها ترتبط بالنتائج المُتحققة من غير الوضع المطلوب في تحقيق الفائدة.

معايير الرقابة النوعية على الائتمان من منظور مصرفي إسلامي:

  • معايير التوسّع الائتماني: يُسمح العمل بهذه المعايير في المصارف الإسلامية، دون مواجهة أي اعتراضات أو مشكلات.
  • الهوامش النقدية للائتمان: الهوامش النقدية المتّبعة في المصارف التقليدية، غير متوافقة مع صيغ التمويل الإسلامية، وتم تقديم معايير مقترحة بديلة، مثل اختلاف نسبة حصة الشريك في المشاركة، ونسبة ضمان الجدّية في بيوع المرابحة، ونسبة مقدّم الثمن في البيوع الآجلة.
  • الضوابط المباشرة على مجالات الائتمان: تم قبول بعض هذه الضوابط في المصارف الإسلامية، كحدود المساهمة في الشركات التي تتبع للمصرف، وضوابط التمويل لبعض الأنشطة الاقتصادية والسلع وغيرها. وبالمقابل هناك بعض الضوابط المحظورة في المصارف الإسلامية، مثل حظر إصدار أذون السندات لحاملها، وحظر التعامل في العقار والمنقول.
  • تحديد نوعية الضمانات: رغم أهمية الضمانات في التمويل الإسلامي، إلّا أنّها لا تكتفي في منح التمويل، فالهدف منها الأساس في إنشاء عمليات منح التمويل، وتكون الضمانات معيار لإثبات جدارة العميل الذي يطلب التمويل، وهذا المعيار قابل للاستخدام والتطوير حال موافقته لصيغ التمويل الإسلامية.
  • أسعار الفائدة والخصم التفضيلية: في المصارف الإسلامية لا يجوز التعامل بأسعار الفائدة؛ بسبب عدم مشروعيتها.

أساليب المتابعة والمقاييس من منظور مصرفي إسلامي:

  • المتابعة الإحصائية: لا يوجد اعتراضات على وجود نظام متابعة وقياس في المصارف الإسلامية، لكن هناك اختلافات في تصميم الجداول وتاريخ استيفائها، وهذه لا تعارض مع مبادئ المصارف الإسلامية رغم أنّها تُشكّل عبئاً عليها، حيث أنّها تتطلّب تطويراً قائماً على التفاهم والاتفاق بين رؤساء الإدارات في المصارف الإسلامية والمصارف المركزية، وهذا ما تمّ العمل به في بعض الدول الإسلامية.
  • مدى تناسب التفتيش المصرفي التقليدي مع المصارف الإسلامية: بما أنّ التفتيش المصرفي يعني التحقق من مدى تطبيق المعايير والضوابط المصرفية المفروضة، من قوانين وتعليمات وقرارات وأوامر مباشرة، فإنّ هذا لا يتعارض مع مبادئ المصارف الإسلامية، لكن قد تواجه بعض المصارف الإسلامية مشكلات في عمليات التفتيش الميداني بسبب عدم وضوح ضوابط العمل وأساليبه لدى الموظفين القائمين على عمليات التفتيش الميداني، ومن المفروض القضاء على مثل هذه المشكلات في ظل المصرفية الإسلامية.

شارك المقالة: