أقوال الصحابة رضي الله عنهم في ذم الغناء وآلات اللهو والتحذير منها:
إنّ كلّ ما يُسمع من الغناء، ومصحوبٌ بآلةٍ موسيقيةً فهو محرمُ باتفاق المذاهب الأربعة، واستدامةُ مسقطٍ للشهادة ويخلُ بالمروءة التي من الواجب المحافظة عليها، وأنّهُ من المُحرم الإقدام على ما يخلُ بها، وأنّ سماع الغناء بغيرِ آلةٍ مكروهة عند أصحاب المذاهب.
1- لقد كان رأي أمير المؤمنين أبو بكر الصديق رضي الله عنه بالتحذير من الغناء وآلات اللهو هو كما يأتي، وقد سمّى الغناء مزامير الشيطان، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: “دخل أبو بكرٌ وعندي جاريتانِ من جواري الأنصار تُغنيانِ بما تقاولت الأنصار يوم بُعاث، قالت وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزاميرُ الشيطان في بيت رسول الله عليه الصلاة والسلام؟ وذلك في يوم عِيدٍ، فقال: رسول الله: “يا أبا بكرٍ إنّ لكلّ قومٍ عيداً، وهذا عِيدنا” وهذا لفظ البخاري. وفي روايةٍ للبخاري” دخل عليّ رسول الله عليه الصلاة والسلام وعندي جاريتانِ تُغنيانِ بغناءِ بُعاث، فاضطجع على الفراش، وحوّل وجههُ، ودخل أبو بكر فانتهرني، وقال: مزمارةُ الشيطان عند النبي عليه الصلاة والسلام فأقبل عليه رسول الله عليه الصلاة والسلام فقال: “دعهما” فلمّا غفلَ غمزتُهما فخرجتا” رواه البخاري.
2- أمّا قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فعن عبد الله بن بريدة قال: سمعت بريدة يقول: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازية، فلمّا أنصرف جاءت جاريةٌ سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن أضرب بين يديك بالدفء، وأتغنَّى، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : ” إن كنت نذرت فأضربني، وإلا فلا” فجعلت تضرب فدخل أبو بكر، وهي تضرب، ثم دخل عليَّ، وهي تضرب، ثم دخل عثمان، وهي تضرب ثم دخل عمر، فألقت الدفّ تحت استها، ثمَّ قعدت عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثمّ دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، فلما دخلت انت يا عمر القت الدّف” رواه الترمذي.
وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: كان رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جالساً، فسمِعنا لغطاً، وصوت صِبيان، فقام رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فإذا حبشِية تزفن، أي بمعنى “اللعب والدفع”، والصّبيان حَولهَا، فقال: “يَا عائِشة، تعالي فَانظرِي”، فجئت فوضعت لحيي على منكِب رسول اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فجعلتُ أنظر إليها ما بين المنكب إلى رأسه، فقال لي: “أَما شَبِعْتِ، أَما شبعت” قالت: فجعلت أقول لا، لأنظرَ منزلتي عندهُ، إذ طلع عمر، قالت: فارفضّ الناس عنها، قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إنّي لأنظر إلى شياطين الإنس والجن قد فرّوا من عُمر، قالت فرجعت” رواه الترمذي.
3- أمّا رأي أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه، فعن عثمان بن صهبان قال: سمعتُ عثمان بن عفان رضي الله عنه يقول: “والله ما تغنيتُ، ولا تمنيتُ” ابن ماجه.
4- أمّا أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه فقد ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه قال: لما انصرف علي رضي الله عنه من النهروان قام في الناس خطيباً، فذكر خطبة طويلة بليغة فيها: “ومجالس اللهو تُنسي القرآن، ويحضرها الشيطان، وتدعو إلى كلّ غيّ”.
5- أمّا رأي عبد الله بن مسعود رضي الله عنه، قال في قوله تعالى: “ومنَ النّاس من يشتري لهو الحديث” وهو الغناء، والله الذي لا إله إلّا هو” يُرددها ثلاث مرات” جامع البيان للطبري.
6- أمّا رأي عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، فسر قوله تعالى: “ومن النّاس من يشتري لهو الحديث” فقال: الغناء وأشباهه، وفي رواية عنه قال: هو الغناء والاستماع له، وفي رواية عنه قال: هو الغناء وغيره، وفي روايةٍ أخرى هي شراء المغنية، وروايةٍ أخرى قال: باطلُ الحديث هو الغناء ونحوه” ذكرها الإمام الطبري.
7- رأي عبد الله بن عمر رضي الله عنهما في الغناء والمعازف، قال في تفسير قوله تعالى: “وما كانَ صلاتُهم عِند البيت إلّا مُكاءً وتصديةٍ” والمكاء: هو التصفير والتصدية والتصفيق وكذا قال ابن عباس رضي الله عنهما”. جامع البيان.
8- أمّا أبو الدرداء رضي الله عنه قال: “الشِعر مزامير إبليس” يعني الشعر المُحرم. مصنف أبي شيبة.
9- ورأي عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال: “في التوراة إنّ الله أنزلَ الحقّ ليُذهب به الباطل، ويُبطل به اللعب، والزّفن والزِمّارات والمزاهر والكنّارات”. والزفن: يأتي بمعنى الرقص واللعب والدفع. أما المزهرُ: وهو العود الذي يُضرب به في الغِناء. أما الكِنارات: وهي العيدان، أو الدفوف.
10- أمّا عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال في: “لهو الحديث” هو الغناء والاستماع له”.
11- أمّا قول عائشة رضي الله عنها أنها رأت مغنياً يغني في بيت بنات أخيها، فمرّت به عائشة رشي الله عنها فرأتهُ يتغنى، ويُحرك رأسهُ طرباً، وكان ذا شعرٍ كثير، فقالت عائشة رضي الله عنها: “أفٍّ شيطانٌ أخرجوه أخرِجوه فأخرِجوه”. وغير هؤلاء من الصحابة كثير، ذمّوا الغناء وآلات اللهو. وكذلك جاء عن أمّةٍ كثيرةٍ من التابعين وأتباعهم ذم الملاهي والأغاني.