فلسفة العلاقات العامة:
تُعتبر العلاقات العامة مختلفة باختلاف أوجه النشاط الإنساني، وتعدد الجماهير أو الجماعات الصغيرة في المجتمع، فهناك العلاقات العامة الحكومية، التجارية، العسكرية، الثقافية والسياسية، ولكن كل هذه الأنواع والأقسام تُوحدها فلسفة عامة واحدة، والتي تمتد إلى أصول فنية واحدة، ولا تُعدّ في حقيقتها إلا تنفيذاً للقواعد العامة للعلاقات العامة، مع إمكانية مراعاة الظروف والأحوال العامة في المجال الذي تُطبّق فيه.
حيث أن الوسائل التي تُتبع في العلاقات العامة موحدة، كأدوات الاتصال بالجماهير، تتضمن وكالات الأنباء، الإذاعة، التلفزيون، السينما، أو غير ذلك من الوسائل الأخرى كالاتصالات الشخصية، وهي جميعاً تعمل على بلورة الأفكار وتقريب الأذهان. والعلاقات العامة بكافة أجزائها تقف على اتجاهات الجمهور ودورها في التأثير عليه وطرق التعامل معه وكسب دعمه، أمام ما هو موضع اختلاف.
وتقوم فلسفة العلاقات العامة على العديد من الحقائق العلمية وفكرتها أن الأفراد اجتماعيين بطبيعتهم، لا يمكنهم أن يعتزلوا عن بعضهم البعض، وأن الأفراد يمكنهم التغير من وقت لآخر، ورغم أنهم يتشابهون مع غيرهم من الأشخاص، إلا أنه توجد اختلافات في الاتصالات التي تتم مع الجماهير، حيث أنه يؤثر ويتأثر بالأحداث الاجتماعية، ولهذا فإن عدم تواجد الاتصال المباشر أو توقفه يؤدي إلى عدم تواجد عنصر الإيجابية الذي يُعتبر أساس ديناميكية عمل العلاقات العامة، وكذالك فإن ردة الفعل أو الاستجابة التي يظهرها العملاء يؤثر تأثيراً عميقاً في برامج المؤسسة وفي سياستها، بل وفي أسلوب العمل أيضاً.
فمن غير المنطقي أن تبدأ المنظمة أو المنشأة بتطييب علاقاتها مع الجمهور الخارجي، وعلاقاتها مع جمهورها الداخلي غير وديّة، فمن المهم خلق روح الجماعة والتعاون بين أفراد المنظمة على اختلاف مستوياتهم الإدارية، ثم بعد ذلك تقوم في تنمية العلاقات الحسنة بين المنظمة وجمهورها الخارجي؛ ممّا يساهم على الحصول على دعم الرأي العام الخارجي وزيادة فرص نجاح المنظمة، ويتم تنفيذ ذلكمن خلال توفير البرامج الاجتماعية والترفيهية المناسبة لهم، وتعديل ظروف العمل للعاملين، العمل على تدريبهم وإشراكهم في الإدارة وإعطائم إمكانية للخلق والابتكار.
وتقوم العلاقات العامة على ركائز اجتماعية، ومن المهم أن تضع كل منظمة أهدافها، بحيث تتناسب مع متطلبات المجتمع وأهدافه العامة، وتعمل العلاقات العامة على تمكين جماهير المنظمات الداخلية والخارجية على تحمل المسؤولية الاجتماعية، من خلال تبصيرهم بإمكانيات المنظمات ومجهودها والصفات التي يمكن أن تساعدهم في تحمل مسؤولية السياسة الشاملة للمنظمة.
كما تقوم المنظمة بزيادة وعي جمهور المتعاملين معها من خلال الخدمات التي تقدمها وتمنحها لهم، وتُفسّر لهم طريقة إنجاز القوانين، شرح مسؤولياتهم تجاهها وكيفية المساهمة التي يستطيع أن يقدمها المواطن للارتفاع بمستوى الخدمات العامة ومستوى تنفيذها، وبدأ بالظهور دور مشاركة الجمهور معها لتدعيم الصالح العام، وثم بدأ بالبروز عنصر الترابط والتماسك بين جماهير المنظمة، وبهذا تكون للعلاقات العامة أهداف اجتماعية يمكن تنفيذها من خلال برامج العلاقات العامة.
وبالإضافة إلى ذلك يتم تكوين الاتجاهات والآراء بطرق متعددة في الكثير من الأمور، كما أنهم يكوّنون هذه الآراء وتلك الاتجاهات، سواء بذلت منظمة ما محاولات للمساعدة في بناء هذه الاتجاهات والأفكار أو لم تبذل، وقد يتبنى الناس اتجاهات غير صحيحة، أو يكون لهم ميول متنافية، ولذلك فمن المهم أن تقوم المؤسسات والهيئات بالعمل على تكوين رأي عام سليم، وتحويل الميول المتعارضة إلى ميول مشتركة، وذلك من خلال عمليات الإخبار الصادقة والهادفة، وتظهر أهمية هذا التوفيق في أوقات الأزمات، حين ينهض مجموع من الجماهير بواجبهم تجاه مجتمعهم.
حيث تظهر أهمية فلسفة العلاقات العامة أيضاً في الجانب السياسي ودور العلاقات العامة في تعزيز اهتمام المواطنين ببلدهم من خلال توضيح الاتجاهات العامة للدولة واستراتيجياتها التنموية، ومن جانب آخر تهدف العملية الإخبارية في العلاقات العامة إلى تحديد الحقائق والبيانات المتداولة عن النشاط الحكومي أمام نظر الجمهور، وممّا يساهم ذلك على توجيه وبناء رأي عام حقيقي أساسه المناقشة الفعالة والهادفة القائمة على المعلومات والبيانات الصائبة، وهذا يحقق نوعاً من الرقابة الشعبية على أعمال ونشاط الأجهزة الحكومية بما يتماشى مع المبادئ الديمقراطية، ولا يُتيح مجالاً للسيطرة أو الدكتاتورية؛ ممّا يمنحهم الفرصة للابتكار الشخصي، والعديد من المقترحات التي تظهرها الخبرة والتعامل مع الأفراد والجماهير، فالمديرون لا يمكنهم أن يقترحوا سياستهم الذاتية من دون إشراك هيئة الإدارة والأخصائيين في العلاقات العامة معهم في تحمل المسؤولية.