أعمال الفيلسوف جون ستيوارت ميل الفلسفية

اقرأ في هذا المقال


حاول ميل طوال حياته إقناع الجمهور البريطاني بضرورة اتباع نهج علمي لفهم التغيير الاجتماعي والسياسي والاقتصادي مع عدم إهمال رؤى الشعراء وغيرهم من الكتاب الخياليين، من الناحية الفلسفية كان تجريبيًاراديكاليًا يعتقد أنّ كل المعرفة البشرية بما في ذلك حتى الرياضيات والمنطق مشتقة من التعميم من التجربة الحسية، وكان يؤمن إيمانا راسخا بأنّه لا يوجد شيء اسمه أفكار فطرية ولا شيء اسمه تعاليم أخلاقية.

عمل ميل حول نظام المنطق:

كان (نظام المنطق) الذي أصدره في عام 1843 محاولة طموحة لإعطاء تفسير ليس فقط للمنطق كما يوحي العنوان ولكن أيضًا لأساليب العلم وإمكانية تطبيقها على الظواهر الاجتماعية والطبيعية البحتة، لم يشتمل مفهوم ميل عن المنطق على المنطق الرسمي فقط (ما أسماه منطق التناسق) ولكن أيضًا منطق الإثبات وهو منطق يُظهر كيف تميل الأدلة إلى إثبات الاستنتاجات التي نستخلصها من الأدلة.

قاده هذا إلى تحليل السببية وفي النهاية إلى حساب الاستدلال الاستقرائي الذي يظل نقطة البداية لمعظم المناقشات الحديثة حول المنطق، وهاجم لوليام ويويل (1794 – 1866) والسير ويليام هاملتون (1788 – 1856) نظام المنطق أيضًا الفلسفة الحدسية وهي الاعتقاد بأنّ التفسيرات تستند إلى مبادئ مقنعة بشكل حدسي وليس على قوانين سببية عامة والذي اعتبره على أنّه الفلسفة السيئة.

عمل ميل حول مبادئ الاقتصاد السياسي:

حاول كتابه مبادئ الاقتصاد السياسي لعام 1848 إظهار أنّ الاقتصاد لم يكن العلم الكئيب الذي افترضه توماس كارلايل (1795 – 1881) ونقاده الراديكاليون والأدبيون وأصبح من أكثر الكتب قراءة على نطاق واسع، وفي الاقتصاد في تلك الفترة، وسيطر على تدريس الاقتصاد لعقود.

كانت فلسفته الاقتصادية المبكرة بشكل عام واحدة من الأسواق الحرة مع الحد الأدنى من التدخلات في الاقتصاد، والمبادئ إلى حد كبير إعادة بيان عالي الكفاءة لنظرية سميث وريكاردو للاقتصاد الرأسمالي الكلاسيكي، وساعد في تطوير أفكار وفورات الحجم وتكلفة الفرصة البديلة والميزة النسبية في التجارة.

ولكن في المبادئ قدم ميل أيضًا حججًا جذرية مفادها أنّه يجب علينا التضحية بالنمو الاقتصادي من أجل البيئة، ويجب أن نحد من السكان بقدر ما نعطي أنفسنا مساحة للتنفس من أجل درء خطر المجاعة بالنسبة للأشخاص المثقلين بالأعباء، ودافع عن مثله الأعلى لاقتصاد التعاونيات المملوكة للعمال.

الفلسفة النفعية للفيلسوف ميل:

تظل مذهبه النفعي لعام 1861 بمثابة الدفاع الكلاسيكي عن وجهة النظر النفعية القائلة بأننا يجب أن نهدف إلى تعظيم رفاهية (أو سعادة) جميع المخلوقات الواعية، ومع ذلك كان حريصًا على تطوير النفعية إلى عقيدة أكثر إنسانية، وكانت إحدى مساهمات ميل الرئيسية في المذهب النفعي حجته من أجل الفصل النوعي بين الملذات وإصراره على أنّ السعادة لا ينبغي تقييمها بالكم فحسب بل بالنوعية، وبشكل أكثر تحديدًا أنّ الملذات الفكرية والأخلاقية تتفوق على أشكال المتعة الجسدية.

ذهب إلى حد القول إنّه يفضل أن يكون إنسانًا غير راضٍ عن خنزير راضي، كما أنّه ابتعد عن معيار بنثام الخارجي للخير إلى شيء أكثر ذاتية بحجة أنّ الإيثار لا يقل أهمية عن المصلحة الذاتية في تقرير ما يجب القيام به.

عمل الفيلسوف ميل حول الحرية:

ومع ذلك كان مقال ميل (حول الحرية) عام 1859 هو الذي أثار الجدل الأكبر والأكثر عنفًا تعبيرات الاستحسان والرفض، ولقد تناول طبيعة وحدود السلطة التي يمكن للمجتمع أن يمارسها بشكل شرعي على الفرد، وأرسى مبدأه الوحيد البسيط الذي يحكم استخدام الإكراه في المجتمع (سواء كان ذلك من خلال عقوبات قانونية أو من خلال عملية الرأي العام)، بحجة أننا قد نجبر الآخرين فقط في الدفاع عن النفس وذلك إما للدفاع عن أنفسنا، أو للدفاع عن الآخرين من الأذى (ما يسمى مبدأ الضرر).

وبالتالي إذا كان الفعل يتعلق بالذات (أي أنه يؤثر بشكل مباشر فقط على الشخص الذي يقوم بهذا الفعل)، فلا يحق للمجتمع التدخل حتى لو شعر أنّ الفاعل يؤذي نفسه، وبالتالي فإنّ الإنسان حر في فعل أي شيء ما لم يؤذي الآخرين، كما جادل والأفراد عقلانيون بما يكفي لاتخاذ قرارات بشأن ما هو جيد وأيضًا لاختيار أي دين يريدون.

ويحتوي فيلم حول الحرية أيضًا على دفاع حماسي عن حرية التعبير، بحجة أنّ الخطاب الحر شرط ضروري للتقدم الفكري والاجتماعي، وأنّه لا يمكننا أبدًا التأكد من أنّ الرأي الذي تم إسكاته لا يحتوي على بعض عناصر الحقيقة، ويقدم مفاهيم الحرية الاجتماعية (قيود على سلطة الحاكم لمنعه من إيذاء المجتمع، والتي تتطلب أن يكون للناس الحق في أن يكون لهم رأي في قرارات الحكومة، وكذلك مفهوم استبداد الأغلبية حيث تقوم الأغلبية بقمع الأقلية بقرارات قد تكون ضارة وخاطئة في بعض الأحيان والتي يلزم اتخاذ الاحتياطات ضدها.

شكّل فحص ميل لفلسفة السير ويليام هاملتون عام 1865 أول عرض متطور لعقيدة الظاهرة وهي النظرة المعرفية التي تعتبر الأحاسيس مقومات أساسية للواقع، ومحاولات بناء العالم الخارجي من الأحاسيس وإمكانيات الإحساس، وقد تضمنت اقتباسه: “المادة إذن يمكن تعريفها على أنّها الإمكانية الدائمة للإحساس، وعلى الرغم من أنّ أصول الظواهر يمكن إرجاعها إلى جورج بيركلي، إلّا أنّه بعد ميل أصبح الالتزام بالعقيدة معيارًا بين الفلاسفة العلميين حتى حلت محلها المادية في الثلاثينيات.

عمل الفيلسوف ميل عن إخضاع المرأة:

كان يُعتقد أنّ إخضاع المرأة لعام 1869 والذي نُشر على ما يبدو في وقت متأخر من الحياة لتجنب الخلافات التي من شأنها أن تقلل من تأثير أعماله الأخرى، وكان راديكاليًا بشكل مفرط في زمن ميل ولكنه يُنظر إليه الآن على أنّه بيان كلاسيكي للنسوية الليبرالية.

وقد جادل ميل بأنّه إذا كانت الحرية جيدة للرجال فهي كذلك للنساء أيضًا وأنّ كل حجة ضد هذا الرأي مستمدة من الطبيعة المختلفة المفترضة للرجال والنساء والتي تستند إلى مجرد الترافع خرافي خاص، وإذا كانت لدى النساء طبائع مختلفة فإنّ الطريقة الوحيدة لاكتشاف ما هي عليه هي عن طريق التجربة، وهذا يتطلب أن يكون لدى النساء إمكانية الوصول إلى كل شيء يمكن للرجال الوصول إليه، ولقد شعر أنّ اضطهاد المرأة كان أحد الآثار القليلة المتبقية من العصور القديمة وهي مجموعة من التحيزات التي أعاقت بشدة تقدم البشرية.

أعمال أخرى عن الدين للفيلسوف ميل:

وبالمثل اختار عدم نشر ثلاث مقالات عن الدين إلا بعد وفاته على الرغم من أنهّا لا تزال نماذج للمناقشة الهادئة للموضوعات الخلافية، وفي الواقع خيب آمال المعجبين بميل الذين بحثوا عن لا أدرية أكثر صرامة وكشطًا، وبشكل عام انتقدت المقالات الآراء الدينية التقليدية وصاغت بديلاً (مستوحى من كونت) تحت ستار دين الإنسانية.

وجادل ميل بأنّ الإيمان بإله كلي القدرة وخير ويشجع الكسل الفكري، ورغم ذلك جادل بأنّه من المستحيل أن يحكم الكون إله كلي القدرة ومحب، فمن غير المحتمل أن تكون هناك قوة حميدة أقل قدرة على الإطلاق تعمل في العالم.


شارك المقالة: