أعمال الفيلسوف كامو الخيالية والمقالية

اقرأ في هذا المقال


تعتمد سمعة الفيلسوف ألبير كامو إلى حد كبير على الروايات الثلاث التي نُشرت خلال حياته وهي: الغريب والطاعون والسقوط وعلى مقالتيه الفلسفيتين الرئيسيتين أسطورة سيزيف والمتمرد، وهناك مجموعة طويلة من المقالات ونثرية ومراجعات نقدية وخطابات ومقابلات مكتوبة ومقالات وأعمال صحفية.

أعمال خيالية:

الغريب:

عمله الخيالي الغريب (L’Etranger) عام 1942 من سطورها الافتتاحية الباردة: “ماتت الأم اليوم، أو ربما بالأمس لا أستطيع أن أكون متأكدًا”، وبالنسبة لصورتها الختامية القاتمة لعملية إعدام علنية من المقرر أن تحدث تحت اللامبالاة الحميدة للكون فإن رواية كامو الأولى والأكثر شهرة، فهي تأخذ شكل سرد وجيز مسطح ومن منظور الشخص الأول من خلال شخصيته الرئيسية مورسو، وهو شاب عادي جدًا لديه عادات غير ملحوظة وتأثير غير عاطفي، يقوم بقتل عربيًا لسبب غير مفهوم وبطريقة شبه غائبة ثم يتم القبض عليه ومحاكمته وإدانته وحكم عليه بالإعدام.

يعتبر الأسلوب المحايد للرواية -النموذجي لما أسماه الناقد رولان بارت درجة الكتابة صفر- وسيلة مثالية لأوصاف وتعليقات الراوي المعادي للبطل، و(الدخيل) النهائي والشخص الذي يبدو أنّه يلاحظ كل شيء بما في ذلك حياته مع انفصال مرضي تقريبًا.

رواية الطاعون:

أما الطاعون (La Peste) عام 1947 تدور أحداث الرواية الثانية لكامو في مدينة وهران الساحلية، وهي قصة تفشي الطاعون والتي تم تتبعها من بداياتها الدقيقة والمخادعة التي لم يتم الالتفات إليها وسيطرتها الرهيبة التي لا تقاوم على ما يبدو إلى ذروتها وانهيارها في نهاية المطاف وكلها من وجهة نظر أحد الناجين، ولم يبذل كامو أي جهد لإخفاء حقيقة أنّ روايته كانت مبنية جزئيًا عليها، ويمكن تفسيرها على أنّها قصة رمزية أو حكاية عن صعود النازية وكابوس الاحتلال.

ومع ذلك فإنّ استعارة الطاعون أكثر تعقيدًا ومرونة من ذلك، حيث تمتد للدلالة على العبث بشكل عام وكذلك أي كارثة أو فاجعة تختبر قوة الإنسان وتحمله وتضامنه وإحساسه بالمسؤولية وتعاطفه وإرادتهم، وفي نهاية الرواية يتراجع الطاعون أخيرًا ويعكس الراوي أنّ زمن الوباء يعلم أنّ الإعجاب لدى الرجال أكثر من الاحتقار، لكنه يعرف أيضًا أنّ عصية الطاعون لا تموت أو تختفي أبدًا من أجل جيد، وأنه سيأتي اليوم الذي من أجل لعنة البشر وتنويرهم ستنهض فئرانها مرة أخرى وترسلهم مرة أخرى لنشر الموت والعدوى في مدينة سعيدة وغير متوقعة.

رواية السقوط:

السقوط (La Chute) عام 1956 هي رواية كامو الثالثة والأخيرة التي نُشرت خلال حياته، وهي في الواقع مناجاة درامية ممتدة تحدث عنها جان بابتيست كلامانس وهو محامي باريسي سابق مشتت وساخر (والذي يطلق على نفسه الآن القاضي التائب) إلى مدقق لم يذكر اسمه بشكل غير مباشر للقارئ، ويقع العمل في شريط غير طبيعي في منطقة الضوء الأحمر في أمستردام وهو تحفة صغيرة من الانضغاط والأسلوب: كرواية اعتراف (وشبه سيرة ذاتية) ودراسة شخصية جذابة وصورة نفسية، وفي نفس الوقت رواية واسعة، بمعنى ترتيب الخطاب الفلسفي في الذنب والبراءة والكفارة والعقاب والخير والشر.

المقالات والرسائل ومجموعات النثر والمقالات والمراجعات:

كتاب ما بين وبين:

ما بين و بين (L’Envers et l’endroit) عام 1937، ويمكن رفض هذه المجموعة القصيرة من القطع شبه السيرة الذاتية وشبه الخيالية والفلسفية، باعتبارها أحداثًا وتجاهلها إلى حد كبير لولا حقيقة أنّها تمثل المحاولة الأولى لكامو لصياغة نظرة متماسكة للحياة ونظرة إلى العالم، وتتكون المجموعة التي تعمل بطريقة ما بمثابة جرثومة أو نقطة انطلاق لفلسفة المؤلف اللاحقة من خمسة مقالات غنائية.

1- في السخرية (L’Ironie):

هو انعكاس للشباب والعمر، ويؤكد كامو على طريقة تلميذ باسكال الشاب وعزلتنا الأساسية في الحياة والموت.

2- في بين نعم ولا (Entre Oui et Non):

هنا يقترح أنّ الأمل فارغ وعديم الجدوى مثل اليأس، ومع ذلك فإنّه يتجاوز العدمية من خلال وضع قيمة أساسية للوجود في العالم.

3- في الموت في الروح (La Mort dans l’ame):

يقدم هنا نوعًا من مراجعة السفر الوجودية، ويقارن انطباعاته عن أوروبا الوسطى والشرقية (التي يعتبرها مطهرًا وتشبه المشرحة) مع الحياة الأكثر عفوية إيطاليا وثقافة البحر الأبيض المتوسط، وتؤكد هذه القطعة على تفضيل المؤلف مدى الحياة للون والحيوية في عالم البحر الأبيض المتوسط وخاصة شمال إفريقيا، على عكس ما يعتبره قلبًا باردًا بلا روح في أوروبا الحديثة.

4- في حب الحياة (Amour de vivre):

يدعي كامو أنّه لا يمكن أن يكون هناك حب للحياة بدون اليأس من الحياة، وبالتالي يعيد التأكيد إلى حد كبير على النظرة اليونانية القديمة المأساوية القائلة بأنّ جمال الوجود البشري ذاته مرهون إلى حد كبير إيجازها وهشاشتها.

5- ما بين و بين (L’Envers et l’endroit): يلخص هذا المقال الختامي ويعيد التأكيد على الموضوعات الرومانسية للمجموعة ككل حيث وحدتنا الأساسية، وأهمية الخيال والانفتاح على التجربة وحتمية العيش.

كتاب الأعراس:

الأعراس (Noces) عام 1938، وهذه المجموعة المكونة من أربع قصص حماسية تكمل وتضخم فلسفة الشباب التي تم التعبير عنها في (Betwixt) و(Between)، وهذا الفرح يتشابك بالضرورة مع اليأس وأنّ قصر الحياة يمنح علاوة على التجربة الشديدة، وأنّ العالم جميل وعنيف في نفس الوقت، وهذه مرة أخرى هي الموضوعات الرئيسية لكامو.

مقال صيف الجزائر:

صيف الجزائر (Summer in Algiers) الذي ربما يكون الأفضل (والأكثر شهرة) من المقالات في المجموعة، وهو احتفال غنائي في بعض الأحيان يكاد يكون منتشيًا بالبحر والشمس والمناظر الطبيعية في شمال إفريقيا، وتأكيدًا على عقيدة إلحادية متحدية يختتم كامو بإحدى الأفكار الأساسية لفلسفته: “إذا كانت هناك خطيئة ضد الحياة فهي لا تتكون من اليأس بقدر ما هي في الأمل في حياة أخرى وفي التملص من العظمة العنيفة لهذه الحياة”.

رواية أسطورة سيزيف:

أسطورة سيزيف (Le Mythe de Sisyphe) عام 1943، وإذا كان هناك عمل واحد غير خيالي يمكن اعتباره بيانًا أساسيًا أو رئيسًا لفلسفة كامو، وهذا المقال الموسع حول أخلاقيات الانتحار، وهنا يقدم كامو رسميًا ويفصح بشكل كامل عن أكثر أفكاره شهرة وهو مفهوم العبث وصورته الشهيرة بنفس القدر عن الحياة كنضال عبثي.

من الجملة الافتتاحية المثيرة للاستفزاز: “لا يوجد سوى مشكلة فلسفية واحدة جادة حقًا وهي الانتحار”، إلى استنتاجها المثير والمتناقض وهو: “النضال نفسه نحو المرتفعات كافٍ لملء قلب الرجل، ويجب أن يتخيل المرء سيزيف سعيدًا”، ويحتوي الكتاب على شيء مثير للاهتمام وتحدي في كل صفحة تقريبًا ويتم تصويره بأقوال مأثورة ورؤى رائعة، وفي النهاية يرفض كامو الانتحار من حيث أنّه يجب ألّا يتم التهرب من العبث سواء بالدين (الانتحار الفلسفي) أو بالفناء (الانتحار الجسدي)، ولا ينبغي قبول مهمة العيش فقط بل يجب تبنيها.

كتاب المتمرد:

المتمرد (L’Homme Revolte) عام 1951، فقد اعتبر كامو هذا العمل استمرارًا للتحقيق النقدي والفلسفي في العبث الذي بدأه مع أسطورة سيزيف،هوذه المرة فقط همه الأساسي ليس الانتحار بل القتل، وإنّه يتطرق إلى مسألة ما إذا كان يمكن تبرير أعمال الإرهاب والعنف السياسي أخلاقيًا، وهو في الأساس نفس السؤال الذي طرحه في وقت سابق في مسرحيته القتلة العادلون.

بعد الجدل بأنّ الحياة الأصيلة تنطوي حتمًا على شكل من أشكال التمرد الأخلاقي الواعي، وينتهي الأمر بكامو إلى استنتاج أنّه فقط في حالات نادرة ومحددة بشكل ضيق للغاية يكون العنف السياسي مبررًا، وقد أثّر نقد كامو للعنف والإرهاب الثوريين في هذا العمل وخاصة تقييمه اللاذع للماركسية اللينينية (التي اتهمها بالتضحية بأرواح الأبرياء على مذبح التاريخ)، على الأعصاب في جميع أنحاء أوروبا وأدى جزئيًا إلى عداءه الشهير مع سارتر و اليساريون الفرنسيون الآخرون.

كتاب المقاومة والتمرد والموت:

المقاومة والتمرد والموت (Resistance, Rebellion, and Death) عام 1960، وهو عبارة عن المجموعة التي صدرت بعد وفاته والتي تهم طلاب كامو أساسًا، لأنّها تجمع مجموعة متنوعة غير عادية من كتاباته غير الخيالية حول مجموعة واسعة من الموضوعات من الفن والسياسة إلى مزايا التشاؤم وفضائل المسيحية (من وجهة نظر غير المؤمنين).

فلسفة الحرية لدى كامو:

ومن الأمور ذات الأهمية الخاصة قطعتان ساعدتا في تأمين سمعة كامو العالمية كصوت الحرية وهي: 

1- رسائل إلى صديق ألماني: وهي مجموعة من أربعة رسائل كُتبت في الأصل أثناء الاحتلال النازي.

2- تأملات في المقصلة: وهي عبارة عن إدانة لعقوبة الإعدام تم التنويه بها بشكل خاص من قبل لجنة نوبل، ثم تمت مراجعتها وإعادة نشرها كمقالة مصاحبة لتتناسب مع (تأملات في شنق) مع زميل معارض لعقوبة الإعدام آرثر كويستلر.


شارك المقالة: