لا بد من ذكر أنّ هناك شكلان للفلسفة المثالية تتمثل بشكل ما يسمى أحياناً الذاتية، الذي يسعى لإعادة الوجود إلى الأفكار والتصورات الفردية، أما الشكل الآخر للفلسفة المثالية يأتي ليختصر الوجود على الفكر بطريقة عامة، وهناك أنواع لمذهب الفلسفة المثالية منها: المثالية الواقعية واللامادية والنسبية والذاتية والموضوعية والمطلقة.
أنواع الفلسفة المثالية:
المثالية الواقعية:
أفلاطون هو من أسس هذا النوع من المذهب المثالي، هي فلسفة عن الإنسانية تحاول دراسة الخصائص الإجتماعية والفردية وغيرها من وجود عالم كبير الذي يفيض بالمثل والأفكار المثالية الصحيحة، تقع خارج دائرة الفكر والواقع البشري والأشياء.
المثالية اللامادية:
جورج بيركلي هو من أسس هذا المذهب، عقيدة هذا المذهب تقوم على أساس أن الوجود هو الوجود المدرك، فيقر ويعترف بأنه لا وجود للحقائق الخارجية، فكل ما هو موجود من مواد ونحسها وكل الوقائع التي نراها ونشعر بها لا وجود لها على أرض الواقع، بل موجودة في أذهاننا كتصورات التي يستقبلها العقل من الفكر الإلهي بطريقة إما مباشرة أو غير مباشرة وذلك من خلال الطبيعة.
المثالية النسبية:
ويطلق عليها أيضاً المثالية المتعالية، ويعد إيمانويل كانط مؤسس هذا النوع، فيرى كانط أنّ الفرد يدرك الظواهر من خلال الحواس، وقد قال كانط مقولته المشهورة ” إن ما أسميه مثالية متعالية للظواهر هو مذهب يعتبر أن هذه الظواهر هي تمثلات ذهنية وليست أشياء بذاتها لأن معرفة الأشياء بذاتها أمر غير ممكن”.
فيرى هذا المذهب أن كل ما هو مفهوم ومعروف في هذا العالم والوجود من أفكار ومعتقدات ومفاهيم، ما هي إلّا نتاج فكري، فيمكن تلخيص عقيدة كانط هنا بأنّ المكان والزمان والسببية ليست كيانات وأشياء موجودة بطريقة مستقلة، بل هي مترابطة بشكل عقلي للتداخل وتترجم من قبل الإنسان مع الظواهر والعالم المحيط الذي يعيش فيه.
المثالية الذاتية:
وكما يطلق عليها أيضاً المثالية التجريبية، وعقيدة المثالية التجريبية تتبع الفلسفة الأحادية التي تقوم على مبدأ أنه لا وجود للعقل، الذي أسسها فيتشه، التي تقوم على فلسفة الأنا، باعتبارها هي المثالية الحق، وذلك بحسب ما قدمه فيتشه بأنّ الأنا المثالية عندما تفكر بشيء ما وتقوم بتطبيقه في الواقع تجعله مثالياً، فتجعل المثالية مبدأً للوجود، وقد أطلق عليها المثالية الذاتية لأن المثالية التي يصل إليها الإنسان والتي تضعها الأنا، تنطلق من الذات الأخلاقية ومن التصورات والأفكار الداخلية للإنسان فينقلها إلى العالم الخارجي. ويعد اليوغاركارا من المدرسة الهندية البوذية من ممارسي المثالية الذاتية، وكما يعد من أوائل من خرجوا بتلخيص لتجربته الشخصية من مجموعة التصورات الذاتية.
المثالية الموضوعية:
مؤسس هذا النوع من المذهب المثالي هو شيلنج Schelling، يعتبر هذا النوع أنّ النظام المطلق السابق للفكر موجود وأداته الوجود الإنساني، فيعي وينتقل الفرد بكل الظواهر والموجودات في الطبيعة إلى هذا النظام المطلق الفكري السابق.
فلقد أكد شيلنج أنه إذا وجدت معرفة، فلا بد من أنّ هناك شيء لا بد من معرفته، أي أنه إذا كانت هناك معرفة فلا بد من وجود، فقام باستبدال ما صاغه فيتشي ” الأنا هي كل شيء ” إلى المبدأ الأوسع والأشمل ” كل شيء هو الأنا “، وهنا يريد أن يوصلنا شيلنج إلى أنّ العالم الطبيعي والعالم الروحي موجودان على حد سواء، ” الطبيعة هي أن تكون ذكاءً مرئياً، وذكاء الطبيعة غير مرئية”.
الفلسفة المطلقة:
أساس هذا النوع تقوم على التشابة بين الأفكار والتصورات العقلية وبين ما هو متواجد من الأشياء الحسية، بمعنى آخر تماثل بين الواقع والفكر، فمؤسس هذا النوع من الفلسفة المثالية، هو جورج هيغل الذي يعرب بفلسفته هنا من خلال أنّ كل ما هو واقعي عقلي وكل ما هو عقلي واقعي، فيرى التطور الواقعي للفرد يأتي من تطور العقل لديه.
فلسفة علم الظواهر:
فلسفة علم الظواهر أو فلسفة الظاهراتية أو الفينومينولوجيا، ومؤسسها هو إدموند هوسرل، وتقوم عقيدة هذا النوع من الفلسفة المثالية على الحدس أو الخبرة الحدسية لاكتشاف الظواهر والمفاهيم، ثم يأتي بعد ذلك التحليل للظاهرة فتتشكل المعرفة عن طريق خبرة الفرد الواعية، حيث توضح وتفسر فلسفة علم الظواهر أنّ أساس اكتشاف المعرفة والظواهر وتفسير التصورات والأفكار عند الفرد، تأتي التجربة فقط لتوضيح طبيعة الجوهر من هذه المعرفة والتصورات والظواهر.
وهناك عدة فلاسفة تأثروا بهذا النوع من الفلسفة ومنهم: هايدغر وموريس وسارتر، والتي يعود أصل هذه المدرسة الى القرن التاسع عشر من الميلاد، حيث اهتمت هذه المدرسة بالوعي الإنساني لأنها اعتبرت الوعي أداة للوصول إلى فهم الحقائق الإجتماعية، وخاصة طريقة تفكير الفرد تأتي من الخبرة التي يعيشها، أي من كيف يشعر الفرد بوعيه.
