في بدايات القرن العشرون ومع بروز الفلسفة التحليلية، برزت الفلسفة المعاصرة في ميدان الفلسفة الغربية، وهو ممصطلح يستخدم للإشارة إلى فترة زمنية المحددة ما بين القرن العشرون والقرن الحادي والعشرون، والفرق بينها وبين الفلسفة الحديثة في الزمان، حيث أنّ الفلسفة الحديثة تشير إلى ذلك الوقت من الفترة التي سبقت القرنين العشرون والحادي والعشرون.
برتراند راسل وتلميذه:
كان الفيلسوف البريطاني العظيم وعالم المنطق برتراند راسل – 1872-1970 – أكثر تجريبيين نفوذاً في القرن العشرين، وفي وقت مبكر من حياته المهنية اعترف راسل بالمعرفة الأولية التركيبية ومفاهيم الكيانات غير القابلة للرصد، ولكن لاحقًا من خلال المناقشات مع تلميذه لودفيج فيتجنشتاين – 1889-1951 -، أصبح راسل مقتنعًا بأنّ أطروحات المنطق والرياضيات تحليلية وأنّ التحليل المنطقي هو جوهر الفلسفة.
في مرحلته التجريبية حلّل راسل المفاهيم من حيث ما – يعرفه المرء بشكل مباشر – في التجربة التي فُسرت التجربة على نطاق واسع بما يكفي ليشمل ليس فقط الوعي ببيانات المعنى ولكن أيضًا الوعي بالخصائص التي يتم تفسيرها على أنها عامة، وفي مرحلته الأحادية المحايدة حاول أن يُظهر أنّه حتى مفاهيم المنطق الرسمي هي في النهاية تجريبية، على الرغم من أنّ التجربة التي توفرها قد تكون استبطانية بدلاً من حسية.
رودولف كارناب:
أثرت العقائد التي طورها راسل وفيتجنشتاين على الفيلسوف الألمانيالأمريكي رودولف كارناب – 1891-1970 – ودائرة فيينا، وهي مجموعة نقاش يتم فيها تطوير فلسفة الوضعية المنطقية، ويتضح الطابع التجريبي للوضعية المنطقية بشكل خاص في صياغتها لما أصبح يُعرف باسم – مبدأ التحقق -، والذي وفقًا له لا تكون الجملة ذات مغزى إلّا إذا كانت إمّا حشوًا أو في مبدأ قابل للتحقق على أساس الإحساس بالتجربة .
أدّت التطورات اللاحقة في نظرية المعرفة إلى جعل بعض الأفكار التجريبية حول المعرفة والتبرير أكثر جاذبية، ولكن كانت إحدى المشكلات التقليدية التي واجهتها الأشكال الأكثر راديكالية من التجريبية هي أنّها بدت وكأنها توفر أساسًا نحيفًا للغاية يمكن على أساسه تبرير ما يعتقد البشر أنّهم يعرفون.
على سبيل المثال إذا كان من الممكن أن تُحدث الأحاسيس في غياب الأشياء المادية، وإذا كان ما يعرفه الفرد على الفور هو فقط طبيعة أحاسيس الفرد، فكيف يمكن له أن يستنتج بشكل شرعي معرفة أي شيء آخر؟ ثم جادل هيوم بأنّ وجود الإحساس ليس مؤشرًا موثوقًا لأي شيء آخر غير نفسه، في المقابل جادل أتباع مدرسة نظرية المعرفة المعاصرة المعروفة باسم – الخارجية – بأنّ الأحاسيس والحالات العقلية الأخرى، يمكن أن تلعب دورًا في تبرير ما يعتقد البشر أنهم يعرفونه، على الرغم من أنّ الغالبية العظمى من البشر غير مدركين للدور.
الفكرة الخام وراء أحد الأشكال الخارجية بما يطلق عليه – الموثوقية – reliablism -، هي أنّ الاعتقاد يكون مبررًا عندما يتم إنتاجه من خلال عملية موثوقة، أي عملية تنتج بشكل موثوق من معتقدات حقيقية، وقد يكون البشر مهيئين تطوريًا للإستجابة لأنواع معينة من المحفزات الحسية بمجموعة من المعتقدات الصحيحة بشكل عام، وبالتالي المبررة حول بيئتهم، ومن ثم في إطار نظرية المعرفة الخارجية قد لا تؤدي التجريبية بسهولة إلى التشكيك.