الفلسفة الجاينية والنظرية المعرفية

اقرأ في هذا المقال


كانت مدارس الفلسفة الجاينية الفكرية نظرًا لاحترامهم لسلطة الفيدا والأوبانيساد تُعرف باسم دارساناس الأرثوذكسية والتي تعني كلمة (دارساناس) حرفيًا (آراء)، وتعد الجاينية والبوذية جنبًا إلى جنب مع مدرسة من الماديين تسمى كارفاكا حيث كانت تعتبر دارسانا غير تقليدية لأنّهم علموا أنّ الفيدا والأوبانيساد وبالتالي طبقة البراهمة لم يكن لديهم سلطة.

نظرية المعرفة في الفلسفة الجاينية:

قدمت الجاينية مساهمتها الفريدة في هذا التطور السائد للفلسفة من خلال الإنشغال بالقضايا المعرفية الأساسية، أي تلك المتعلقة بطبيعة المعرفة وكيفية اشتقاق المعرفة وبأي طريقة يمكن القول بأن المعرفة موثوقة، وتحدث معرفة الجاين في الروح والتي بدون العامل المحدد للكارما فهي كلي العلم، ولدى البشر معرفة جزئية في فموضوع المعرفة معروف جزئيًا ووسائل المعرفة لا تعمل بكامل طاقتها.

طرق الحصول على المعرفة وفقاً لفلسفة جاين:

وفقًا لـ Tattvārthasūtra يمكن الحصول على معرفة حقائق Jaina الأساسية من خلال:

  • Pramāṇa – برامانا: وهي سائل أو أدوات المعرفة التي يمكن أن تنتج معرفة شاملة بشيء ما.
  • نايا: وجهات نظر خاصة التي تنتج معرفة جزئية.

تستند نظرية المعرفة لجاين إلى فكرة أن الواقع متعدد الأوجه (anekanta، أو غير من جانب واحد) بحيث لا يمكن لأي وجهة نظر أن تلتقطها بالكامل، أي أنّه لا يوجد بيان واحد أو مجموعة من العبارات تجسد الحقيقة الكاملة حول الأشياء التي يصفونها، وهذه البصيرة التي توضحها القصة الشهيرة للرجال المكفوفين الذين يحاولون وصف الفيل، والتي تؤسس كلاً من نوع من التشاؤم في نظرية المعرفة وتصنيف سبعة أضعاف للبيانات في المنطق.

المعرفة الصالحة (برامانا):

تتضمن كل مدرسة من مدارس الفكر الهندي بعض الأحكام على مصادر المعرفة الصالحة (برامانا)، في حين أنّ قوائم عربات الأطفال الخاصة بهم تختلف إلّا أنّهم يشتركون في الإهتمام بإلتقاط وجهة نظر الفطرة السليمة، ولا توجد مدرسة هندية متشككة.

تتضمن قائمة Jain لبرامج الأطفال الإدراك الحسي والشهادة الصالحة (بما في ذلك الكتب المقدسة)، والإدراك غير الحسي والتخاطر والكيفالا تمثل حالة العلم المطلق للروح الكاملة.

والغائب بشكل ملحوظ من القائمة هو الاستدلال والذي تتضمنه معظم المدارس الهندية الأخرى ولكن يبدو أنّ مناقشة جاين للبرامانا تشير إلى أنّ الإستدلال متضمن ضمنيًا في البرامانا التي توفر الأساس للاستدلال، أي أنّ الاستدلال من الأشياء التي تعلمتها الحواس هو نفسه المعرفة المكتسبة من الحواس، والاستدلال من المعرفة المكتسبة عن طريق الشهادة هو نفسه المعرفة المكتسبة من خلال الشهادة وما إلى ذلك، ويضيف مفكرو جاين لاحقًا الاستدلال كفئة منفصلة إلى جانب الذاكرة والتركا وهي الكلية التي من خلالها نتعرف على العلاقات المنطقية.

عقيدة نايا:

نظرًا لأنّ الواقع متعدد الأوجه لا يقدم أي من البرامانا معرفة مطلقة أو كاملة بإستثناء الكيفالا التي تتمتع بها الروح الكاملة فقط، ولا يمكن التعبير عنها باللغة، ونتيجة لذلك فإنّ أي عنصر من المعرفة المكتسبة هو مؤقت ومؤقت فقط، وحيث يتم التعبير عن هذا في فلسفة جاين في عقيدة نايا أو الإسناد الجزئي بما يسمى أحيانًا عقيدة وجهات النظر.

ووفقًا لهذه العقيدة فإنّ أي حكم يكون صحيحًا فقط من وجهة نظر أو منظور القاضي، ويجب التعبير عنه على هذا النحو، وبالنظر إلى الطبيعة متعددة الأوجه للواقع، لا ينبغي لأحد أن يتخذ أحكامه أو أحكامها على أنّها الحقيقة النهائية حول الموضوع، باستثناء جميع الأحكام الأخرى التي تولد هذه البصيرة تصنيفًا من سبعة أضعاف للتنبؤات، والتي يمكن تخطيط الفئات السبع للمطالبة على النحو التالي حيث تمثل (أ) أي كائن تم اختياره بشكل تعسفي، وتمثل (F) بعض المسند الذي يمكن تأكيده:

  1. ربما تكون a هي F.
  2. ربما لا يكون حرف F.
  3. ربما تكون a هي F و not-F.
  4. ربما لا يوصف.
  5. ربما لا يمكن وصف حرف a و F.
  6. ربما لا يمكن وصفه وليس F.
  7. ربما لا يمكن وصف الحرف a ، وكل من F و not-F.

كل إشارة مسبقة مسبوقة بعلامة عدم اليقين (syat)، والتي يمكن ترجمتها هنا بكلمة (ربما)، ويقوم البعض بتصورها أو ترجمتها كـ (من منظور) أو (بطريقة ما)، ومع ذلك فهي تهدف إلى تحديد الاحترام لطبيعة متعددة الأوجه للواقع من خلال إظهار عدم وجود يقين قاطع.

تشير أعمال جاين الفلسفية المبكرة (خاصةً Tattvartha Sutra) إلى أنّه بالنسبة لأي كائن وأي مسند فإنّ جميع هذه التوقعات السبعة صحيحة، وهذا يعني أنّه بالنسبة لكل كائن أ وكل مسند F هناك بعض الظروف التي أو المنظور الذي من خلاله من الصحيح تقديم ادعاءات لكل من هذه الأشكال.

ولا يجب أن تُفهم هذه الفئات السبع للتنبؤ على أنّها سبع قيم حقيقة حيث يُعتقد أنّها جميعًا سبع قيم صحيحة، حيث تاريخياً تم انتقاد هذا الرأي من قبل سانكارا وآخرين على أساس واضح من التناقض، في حين أنّ كلاً من الإفتراض والنفي يمكن تأكيدهما، ويبدو أنّ الاقتران كونه تناقضًا لا يمكن تأكيده أبدًا بغض النظر عن كونه صحيحًا، وبالتالي فإنّ الشكلين الثالث والسابع غير ممكنين أبدًا.

هذا هو بالضبط نوع الإعتبار الذي يقود بعض المعلقين إلى فهم عامل (syat) على أنّه يعني (من منظور) نظرًا لأنّه قد يكون ذلك من منظور واحد a هو F، ومن منظور آخر a ليس F، ثم يمكن للشخص ونفس الشخص أن يقدر هذه الحقائق ويؤكدها معًا.

وبالنظر إلى الطبيعة متعددة الأوجه للواقع فإنّ كل كائن بطريقة ما هو F، وبطريقة أخرى ليس F، ويمكن أن يؤدي تقدير مدى تعقيد الواقع أيضًا إلى أن يرى المرء أنّ الأشياء كما هي في حد ذاتها، ولا يمكن وصفها حيث لا يمكن لأي وصف أن يعكس مجملها، والذي ينتج عن هذا الشكل الرابع للتوضيح وهو الذي يمكن بعد ذلك دمجه مع رؤى أخرى للحصول على الأشكال الثلاثة الأخيرة.

ربما تكون المشكلة الأعمق في هذه العقيدة هي المشكلة التي تزعج جميع أشكال الشك والخطأ بدرجة أو بأخرى، ويبدو أنّه يدمر الذات، وبعد كل شيء إذا كان الواقع متعدد الأوجه وهذا يمنعنا من إصدار أحكام مطلقة بما أنّ حكمي ونفيها سيكونان صحيحين على حد سواء، فإنّ المذاهب التي تكمن وراء نظرية المعرفة جاين هي نفسها مؤقتة.

وعلى سبيل المثال خذ عقيدة Anekantevada حيث وفقًا لتلك العقيدة فإنّ الواقع معقد جدًا لدرجة أنّ أي ادعاء عنه سيكون بالضرورة أقل من الدقة الكاملة ويجب إذن أن تقصر العقيدة نفسها عن الدقة الكاملة، لذلك ينبغي أن نقول (ربما أو من منظور الواقع متعدد الأوجه)، ولكن في الوقت نفسه علينا أن نعطي الصواب في بعض الظروف للقول (ربما ليس الواقع متعدد الأوجه). تكتسب نظرية المعرفة جاين تأكيدًا على عقيدتها الخاصة ولكن على حساب عدم القدرة على إنكار المذاهب المتناقضة ما يبدأ كخطيئة جديرة بالثناء ينتهي بنسبية لا يمكن الدفاع عنها.


شارك المقالة: