الفيلسوف راسل بطابع هوميني

اقرأ في هذا المقال


هيوميني هي صفة تتعلق أو سمة من سمات الفيلسوف والاقتصادي والمؤرخ الاسكتلنديديفيد هيوم أو أفكاره.

فلسفة الأخلاق في المجتمع البشري لدى راسل:

جمعية راسل للإنسانية هو كتاب ممتع للقراءة وهناك الكثير من الذكاء وبعض الحكمة، على الرغم من أنّ كل من الذكاء والحكمة يكونان أكثر وضوحًا عندما يناقش الطبيعة البشرية والمجتمع البشري مما هو عليه عندما يناقش النقاط الدقيقة للنظرية الأخلاقية.

حيث أنّ شكوى الفيلسوف برتراند راسل المتكرر من أنّ السلوك البشري نادراً ما يرتفع إلى مستوى المصلحة الذاتية المستنيرة، وإذا تمكّن فقط من أن يكون المرء أناني بذكاء فسيكون العالم مكانًا أفضل بكثير، حيث يصعب أحيانًا تمييز انحراف الجدل ويرجع ذلك جزئيًا إلى وجود انحرافات متكررة في جعل الأمور جيدة، وجزئيًا بسبب أسلوبه الديالكتيكي في العرض التقديمي الذي يقارب ما يأخذه ليكون الحقيقة عبر سلسلة من التقريبات المتتالية.

نُشر العمل الفلسفي المجتمع البشري في الأخلاق والسياسة في عام 1954، ولكن تمت كتابة الأجزاء الفوقية الأخلاقية في الأصل قبل بضع سنوات وكان الغرض منها إدراجها في المعرفة الإنسانية ضمن نطاقها وحدودها في عام 1948.

وقد أوقفهم راسل لأنّه لم يكن متأكدًا مما إذا كانت المقترحات الأخلاقية ترتقي إلى كرامة المعرفة، واستمر في الشك في هذا الأمر ولكن بحلول أوائل الخمسينيات من القرن الماضي تبددت شكوكه بما يكفي للنشر ليصبح احتمالًا.

ومع ذلك هناك تشابهات ملحوظة بين الكتابين، حيث تحاول المعرفة البشرية تأسيس وجود عالم مستقل عن العقل على أساس التصورات الخاصة، ويحاول المجتمع البشري تأسيس أخلاق تكون إلى حد ما مستقلة عن عقول الأفراد على أساس المشاعر الذاتية.

المعرفة البشرية بين فلسفة راسل وهيوم:

يلوح هيوم في الأفق في المعرفة البشرية لراسل، ففي الواقع يمكن النظر إلى الكتاب بأكمله على أنّه محاولة للتنازل عن أسس حجة هيوم المتشككة، وأنّ البيانات التي يُبدأ بها هي بيانات خاصة وشخصية وأنّه ليس من الممكن استنتاج عالم خارجي من هذه البيانات عن طريق الاستدلال التوضيحي، بينما نقاوم استنتاجها وأنّه لا يُستطاع امتلاك معرفة بعالم خارجي.

ومن هنا كانت الحاجة إلى الاستدلال غير التوضيحي، ولكن على الرغم من أنّ هيوم كان خصم راسل الرئيسي في المعرفة البشرية، ولكنه قد كان حليفًا ميتًا أخلاقيًا في المجتمع البشري.

في التحقيق المتعلق بالمبادئ الأخلاقية سعى هيوم إلى تأسيس أخلاقيات ذاتية على المشاعر الإنسانية وتحديداً مشاعر الاستحسان والاستنكار، وقد كان هيوم أكثر راحة في العالم من راسل، وكان مهتمًا فقط بالإصلاح الأخلاقي بقدر ما استندت الأخلاق إلى الألفاظ المضللة للخرافات والدين الباطل، التي شملت في رأيه كل الأديان أو الأوهام الأيديولوجية للسياسين الواقعيين والاقتصاديين التجاريين.

لكنه أراد بالفعل ما وراء الأخلاق التي من شأنها أن تمكنه من نقل الفضائل الرهبانية، والتي تعتمد مكانتها كفضائل على الألسنة المضللة من كتالوج الفضائل إلى كتالوج الرذائل.

وهكذا أراد أن يكون قادرًا على إظهار أنّ أولئك الذين وافقوا على العزوبة والصوم والتكفير عن الذنب والإماتة وإنكار الذات والتواضع والصمت والعزلة واللذين يرتكبون نوعًا من الخطأ، فكيف اقترح أن يفعل هذا؟ فقد كان ذلك من خلال الجمع بين التعريف وبرنامج البحث التجريبي.

الفرضية التي يتم تبنيها واضحة حيث أنّها تؤكد أنّ الأخلاق تحددها المشاعر، وأنها تحدد فضيلة على أنّها أي عمل أو صفة ذهنية تمنح المشاهد الشعور الممتع بالاستحسان والعكس صحيح، ينتقل بعد ذلك هيوم إلى دراسة حقيقة واضحة لذكاء ما هي الإجراءات التي لها هذا التأثير.

إنّ مسألة الحقيقة أقل وضوحًا مما يقترحه هيوم وذلك نظرًا لأنّ المتفرج هو مراقب مثالي، بحيث يعمل حسه الأخلاقي على النحو الأمثل جزئيًا لأنّه على عكس الآخرين مطلع بشكل مناسب، هذا يعني أنّه ليس بالمستطاع ببساطة التنبؤ بردود فعل المتفرج من خلال مراقبة ردود أفعال البشرية لأنّ البشرية أحيانًا مخطئة بشأن الحقائق ذات الصلة.

على وجه الخصوص نظرًا لأنّ العديد من الأشخاص يخضعون للمعان مضلل من الخرافات والدين الباطل، حيث إنّ ردود أفعالهم عرضة للتشويه بسبب المعتقدات الخاطئة، مما يؤدي بهم إلى الموافقة على ما هو شرير حقًا مثل العزوبة والصوم…إلخ، ورفضهم ما هو الصواب حقًا.

بما أنّ الفضيلة هي أي عمل أو صفة ذهنية تمنح للمشاهد المؤهل بشكل مناسب الشعور السار بالاستحسان، وبما أنّه لا أحد يوافق على الصوم والعزوبة وما إلى ذلك إذا لم يعتقد أنّهما سيكونان مفيدان في الحصول على حياة آخرة مقبولة، وليس بشكل مناسب شخص مؤهل سيوافق عليها، لأنّ التأهل المناسب يعني عدم الخضوع للمعان مضلل من الخرافات والدين الباطل.

ومع ذلك فإنّ الأخلاق الفوقية لهيوم تستند جزئيًا إلى تعريف الذي من الواضح أنّ هيوم يتخيله على أنّه نقل لحقيقة اللغة، وجزئيًا على أطروحة أنّ الناس يتشاركون نفس الحساسية الأخلاقية التي يمكن بالتالي أن تكون مثالية لتكون بمثابة معيار للفضيلة.


شارك المقالة: