تشكل الأساليب الأخلاقية الثلاثة (الأنانية والأخلاق الحدسية والنفعية) على التوالي موضوع الكتب من اثنين إلى أربعة من الأساليب التي عمل بها الفيلسوف هنري سيدجويك، والتي تضعها بين قوسين مع كتاب افتتاحي يستعرض العمل بأكمله، وفصل ختامي عن العلاقات المتبادلة بين ثلاث طرق.
يمثل كل من هذه الكتب في حد ذاته معالجة كلاسيكية لوجهة النظر المطروحة، على الرغم من أنّ الفصل الخاص بالنفعية هو الذي ربما تم التعامل معه في الغالب على هذا النحو، ومع ذلك يمكن لهذه الهندسة المعمارية أن تجعل من الصعب إلى حد ما متابعة خيط فكر الفيلسوف هنري سيدجويك، خاصة فيما يتعلق بالنقاط الأكثر فلسفية المتعلقة بالحدس.
الحدس الروسي الأولي وفلسفة سيدجويك:
كان من دواعي الاهتمام الخاص بالحدسيين الحديثين الجهود المبذولة للجمع بين آراء سيدجويك وآراء الفيلسوف روس (Ross) حول الحدس الأولي، مع الاعتراف بأنّ سرد سيدجويك للأخلاق الحدسية لم يعالج مثل هذا الخيار، وطور هوركا هذا النقد بقوة، وتوسع في ادعائه بأنّ تأطير سيدجويك للنظرية الأخلاقية كان مائلًا منذ البداية.
لكن بالنسبة للآخرين من الواضح بما فيه الكفاية أنّ نفعية سيدجويك المتعالية لا تتطلب أي جهاز روسي (نسبة إلى الفيلسوف Ross)، للتعرف على التضارب الواضح في الواجبات.
كما يجادل لازاري راديك (De Lazari-Radek) و سينجر (Singer)، ردًا على دفاع كريسب (Crisp) عن الحدس الروسي الأولي، بأنّ روس يبدأ بافتراض أنّ القناعات الأخلاقية الرئيسية للرجل العادي ليست آراءً يجب على الفلسفة إثباتها أو دحضها، بل المعرفة منذ البداية. كما أنّه من المشكوك فيه من صحة معظم حدس الإنسان الأخلاقي، ولربما لم يكن سيدجويك ينظر إلى المناورة الروسية إلى حد ما لأغراض التعامل مع ثنائية العقل العملي.
شروط المعرفة الحدسية لدى سيدجويك:
بشكل عام يجب القول أنّ سيدجويك تحت تأثير هيجل وغيره من الفلاسفة ذوي التفكير التاريخي لم يزعم أنّه كان يتعامل بحيادية مع جميع الأساليب الأخلاقية المهمة تاريخيًا، ولكن فقط تلك التي في تقديره أصبحت الخيارات الحية مثل لقد تقدمت البشرية، وقد يكون مضللاً إلى حد ما في عائلته، لكن هذا لا يعني أنّه أعمى عن محتوى البدائل.
على أي حال سواء أكان عادلاً أم لا، فإنّ مصالحة سيدجويك للأخلاق الحدسية والنفعية تنشر بشكل واضح شكلاً معقدًا من نظرية المعرفة الحدسية، وهو ما يسمح بفكرة خطأ استنتاجاتها.
حيث إنّه يصوغ أربعة معايير أو شروط من شأن تحقيقها الكامل أن يؤسس اقتراحًا مهمًا، كما يبدو بديهيًا بذاته في أعلى درجة من اليقين يمكن بلوغها، والتي يجب أن تتحقق تقريبًا من خلال مقدمات تفكيرنا في أي استفسار، وإذا كان هذا المنطق هو أن يقودنا بقوة إلى استنتاجات جديرة بالثقة:
الأول: الذي يُطلق عليه غالبًا ببساطة المعيار الديكارتي، والذي يتطلب أن تكون شروط الاقتراح واضحة ودقيقة
الثاني: يتطلب أنّ الدليل الذاتي للقضية يجب أن يتم التحقق منه من خلال التفكير الدقيق، وهو أمر مهم بشكل خاص في الأخلاق، لأنّ أي عاطفة قوية مهما كانت ذاتية بحتة يمكن أن تتحول إلى مظهر حدس، ويالذي تطلب تأملًا دقيقًا لاكتشاف الوهم.
الثالث: يجب أن تكون الافتراضات المقبولة على أنّها بديهية متسقة بشكل متبادل، لأنّه من الواضح أنّ أي تصادم بين حدسين هو دليل على وجود خطأ في أحدهما أو الآخر أو في كليهما.
الرابع: بما أنّه يُضمَّن في مفهوم الحقيقة أنّها هي نفسها في الأساس لجميع العقول، فإن إنكار آخر لاقتراح أكدته له ميل إلى إضعاف ثقتي في صحتها.
يضيف هذا الأخير بعدًا اجتماعيًا مهمًا إلى نظرية المعرفة لسيدجويك، حيث يجب أن يظل عدم وجود مثل هذا الخلاف شرطًا سلبيًا لا غنى عنه لتأكيد معتقداتنا، لأنّه إذا وجدت أيًا من أحكام المرء حدسية أو استنتاجية في تضارب مباشر مع حكم بعض العقول الأخرى، فإنّه يجب أن يكون هناك خطأ في مكان ما.
وإذا لم يكن لدى المرء سبب آخر للاشتباه في وجود خطأ في ذهنه آخر غير ما لدى المرء، فإنّ المقارنة الانعكاسية بين الحكمين تقلله بالضرورة مؤقتًا إلى حالة من الحياد. في أعمال معرفية أخرى أكثر بحتًا حطم سيدجويك الشرطين الأولين في شرط واحد، بحيث تضمنت حدسه الفلسفي طلبًا ثلاثي الأبعاد للوضوح والقدرة على تحمل التفكير النقدي والاتساق والتماسك وإجماع الخبراء.
كما أنّه كان ميالًا إلى توضيح أنّ هذه الظروف توفر فقط أفضل الوسائل لتقليل مخاطر الخطأ، وبدلاً من إثبات الحقيقة التي لا جدال فيها، وفي هذا الصدد فإنّ مثل هذه الأعمال بعد وفاته مثل محاضرات عن فلسفة كانط (1905) والفلسفة ونطاقها وعلاقاتها (1902) توفر مكملات مهمة للطرق، يقدم سينجر مجموعة ممتازة من مقالات سيدجويك والمراجعات الأكثر صلة بالطرق.