بعض المعلقين على فلسفة أمونيوس

اقرأ في هذا المقال


علق الدمشي أنّ أمونيوس الذي شرح أعمال كل من أفلاطون وأرسطو، كان أكثر ممارسة في الأخير أي أرسطو، حيث تتهم الشخصية المسيحية في حوار زكريا (562-565) تلميذ أمونيوس النجم جيسيوس ورفاقه، ومن المفترض أن يكون بينهم أمونيوس باعتيادهم على دحض مذاهب أفلاطون، بينما يدعون أنّهم تلاميذه ويريدون أن يطلق عليهم اسم أفلاطونيون، كما أنّه يستخدم تفسيرًا حرفيًا لنشأة الكون في أفلاطون تيماوس لمقاومة العقيدة الأرسطية عن الخلود المشترك للعالم مع الله التي تتبناها شخصية أمونيوس للحوار.

مع ذلك ألقى أمونيوس محاضرة عن النصوص الأفلاطونية، وتم الاستشهاد به بالاسم تسع مرات في تعليق تلميذه أوليمبيودوروس على أعمال أفلاطون كتاب جورجياس، وثلاث مرات على عمل أفلاطون فيدو وكذلك عمل أفلاطون السيبياديس، حيث ربما تعكس الاختلافات حقيقة أنّ جورجياس أوليمبيودوروس يمكن أن يعتمد بدرجة أقل على التقليد السابق لتفسير الأفلاطونية الحديثة، ففي جميع الحالات يتم الاستشهاد به بأكبر قدر من الاحترام.

فلسفة أمونيوس وأنواع الأطباء:

التعليق الأكثر جوهرية الذي استشهد به أوليمبيودوروس من محاضرات أمونيوس حول جورجياس هو دفاع عن السياسيين الديمقراطيين الأربعة الذي رفض سقراط استدعاء رجال الدولة، حيث يقول أمونيوس إنّهم ممارسون للخطاب المتوسط وليسوا من النوع الزائف، والذي يستمد تفسيره من الجمهورية حيث يميز ثلاثة أنواع من الأطباء:

1- النوع الكاذب الذي يعطي وصفات تهدف إلى الإطراء وإرضاء المريض.

2- النوع الحقيقي الذي يصر على أن يقوم المريض بما هو أفضل له.

3- النوع الوسيط الذي يعطي للمريض وصفة طبية صحيحة ولا يصر على اتباعها.

في هذا التفسير يتبع أمونيوس خطى والده هيرمياس الذي استشهد من جورجياس في شرحه لأفلاطون على أنّه يشير إلى الخطاب الصحيح والشعبي والمتوسط وأنواع العلاج المختلفة للجماهير التي يطبقونها، ويبدو أنّ محاضرات أمونيوس حول أفلاطون قد تم إحياؤها بالذكاء والملاحظات الشخصية، ويبدو أنّ البعض قد استشهد بها على أنّها أبوفثيمس من المعلم العظيم.

فلسفة أمونيوس ومعلمه بروكليس:

كان بروكليس من أثينا الفيلسوف الأكثر موثوقية في العصور القديمة المتأخرة ولعب دورًا حاسمًا في انتقال الفلسفة الأفلاطونية من العصور القديمة إلى العصور الوسطى، ولما يقرب من خمسين عامًا كان رئيسًا أو خليفة للأكاديمية الأفلاطونية في أثينا، كونه كاتبًا منتجًا بشكل استثنائي فقد قام بتأليف تعليقات على أرسطو وإقليدس وأفلاطون، وأطروحات منهجية في جميع تخصصات الفلسفة كما كانت في ذلك الوقت (الميتافيزيقا واللاهوت والفيزياء وعلم الفلك والرياضيات والأخلاق)، وأعمال تفسيرية حول تقاليد الحكمة الدينية.

في محاضراته عن أرسطو كان أمونيوس مدينًا بشدة لمعلمه بروكليس، حتى لو اختلف معه في بعض النقاط المهمة في مقدمة كتابه في تفسيرات أرسطو، حيث يوضح أمونيوس الكبير إلى بروكليس: “الآن قمنا بتسجيل تفسيرات معلمنا الإلهي بروكليس، الذي خلف رئيس أفلاطون والرجل الذي بلغ حدود القدرة البشرية في القدرة على تفسير آراء القدماء، وفي الحكم العلمي لطبيعة الواقع، وإذا فعلنا ذلك فنحن أيضًا قادرون على إضافة أي شيء لتوضيح الكتاب، فنحن مدينون بشكر كبير لإله البلاغة”.

بروكليس بدوره غالبًا ما يستخدم امبليكوس، بالإضافة إلى ذلك استخدم أمونيوس معلقين آخرين، على سبيل المثال في كتابه في تفسير أرسطو تأتي معظم مواده من محاضرات بروكليس، لكن أمونيوس صقل ما كان لديه في ملاحظاته عن تلك المحاضرات ثم أضاف مادة خاصة به أو من مصادر أخرى.

في هذه الحالة كان المصدر الرئيسي لأمونيوس لاستكمال محاضرات بروكليس هو التعليق الضخم المفقود الآن من البروفيري (أي أرسطو)، والذي كان أيضًا المصدر الرئيسي لتعليق بوثيوس على تفسيرات أرسطو، وربما أيضًا استشهادات أمونيوس لمؤلفين سابقين مثل إسكندر أفروديسياس الذي كان نشط في أواخر القرن الثاني إلى أوائل القرن الثالث، وأسباسيوس (النصف الأول من القرن الثاني) وهيرمينوس والرواقيون.

اعتبر كل من البروفيري (أرسطو) وبروكليس أنّ التفسير زائف، على الرغم من أنّ أمونيوس وافق على عكسهم، فقد قرر تضمين تعليق على الفصل والذي يكرره حرفياً من سوريوس ولم يكن لديه ما يضيفه.

من المحتمل أن تكون المصادر التي رسم عليها أمونيوس وطريقته في استخدامها قد اختلفت وفقًا لطبيعة التعليقات السابقة التي يمكن أن يعمل معها لكل نص، وفي نسخة أسكليبيوس المنشورة من محاضرات أمونيوس، على سبيل المثال نرى إجراءً مختلفًا تمامًا عن الإجراء الذي اتبعه أمونيوس في كتابة تعليقه الخاص على التفسيرات (De Interpretatione) وإسنادها إلى محاضرات بروكليس.

فلسفة أمونيوس وأسكليبيوس:

من الصعب تحديد إلى أي مدى يكون تعليق الكاتب والمعلق أسكليبيوس على العمل الفلسفي (الميتافيزيقا من الألف إلى الياء) انعكاسًا أو إعادة صياغة أكثر شمولاً لمحاضرات أمونيوس، ومع ذلك يُعتقد بشكل معقول أنّ هذا العمل يقدم أفضل تمثيل لدينا للمحاضرات نفسها، والتي تم نسخها من قبل طالب أمونيوس من صوت السيد.

تكثر الدلائل على أصل التعليق في المحاضرات، وغالبًا ما يبدأ شرح المقطع بالإشارة إلى (ما قيل بالأمس)، وحسبما قيل أنّ: “مدرس الطب أسكليبيوس الذي درس معنا في هذه الدروس طرح سؤالاً، وأجابه أستاذ الفلسفة لدينا”.

تمت ممارسة هذا النسخ الأمين للمحاضرات وبالتالي كان من الممكن أن يكون أساسًا لإعادة صياغة لاحقة للنشر، وهو ما تدل عليه قصة داماسكيوس حول ثيوسبيوس، الذي قارن بين نسخه الخاصة من المحاضرات التي ألقاها معلمه في وقتين مختلفين هيروكليس ولم يجد شيئًا يتكرر بين النسختين، حيث كل منهما مهما كان من غير المحتمل سماعها، وكانت تتماشى قدر الإمكان مع نية أفلاطون.

في تعليق أسكليبيوس تراليس على الميتافيزيقيا من الألف إلى الياء هناك صوتان:

1- الصوت المتجول لأرسطو وإسكندر أفروديسياس.

2- الصوت الأفلاطوني الحديث لسوريانوس وأمونيوس.

يبدأ أسكليبيوس مع مقاطع مأخوذة من أرسطو وأحيانًا يعيد صياغتها ويشرح أهميتها الفلسفية، ثم إذا لزم الأمر يشرح سبب خطأ أرسطو قائلاً: “نحن من ناحية أخرى نقول” أو “نقول ضد هذا نقول” أو “يقول معلمنا للفلسفة أمونيوس”، أو “لماذا يبدو أرسطو مخطئًا ولكنه يوافق حقًا مع أفلاطون”، بعد ذلك يشرح النص الأرسطي نفسه، وعادة ما يأخذ الشرح من الإسكندر إما حرفًا بكلمة أو إعادة صياغة، حيث من حين لآخر يبدو أنّه استمد صياغته من الإسكندر من سوريانوس.

إنّ تعليق أسكليبيوس ومحاضرات أمونيوس على الأرجح يجمعان ميراث الإسكندر وسريانوس وهي خطوة تتماشى مع رأي سوريانوس نفسه، الذي قدم تعليقه على الميتافيزيقيا قائلاً: سيحاول أرسطو تعليم هذه الأشياء في هذا الكتاب، والذي بما أنّه قد تم توضيحه بشكل كافٍ من قبل الإسكندر المجتهد فلن نفسر بالكامل، ولكن إذا بدا لنا أنّه يقول شيئًا مزعجًا ويتطلب تمحيصًا، فسنحاول فحص هذا الجزء وتلخيص كل ما تبقى من أجل تماسك الأطروحة”.

يقدم التعليق على الميتافيزيقيا (Metaphysics A)، والذي تمت دراسته عن كثب بواسطة كاردولو (Cardullo) العديد من الأمثلة الواضحة لإجراءات أسكليبيوس أي أمونيوس.

وهكذا في شرح الإعلان الشهير لرغبة جميع الرجال في المعرفة في الجملة الافتتاحية للميتافيزيقيا، يمر أمونيوس بعدد من أنواع المعرفة المختلفة متتبعاً أرسطو ومنتهياً بالفن، والذي يتفوق على التجربة لأنّه يعرف (لماذا): “من هنا يقول أفلاطون عن العقل الإلهي لا أسمي الفن بالشيء غير العقلاني”.

مع هذه الإشارة إلى جورجياس يستشهد أسكليبيوس أمونيوس حجة أفلاطونية في شرح حجة أرسطية لإظهار علاقتهما الوثيقة، لاحقًا ينسب أسكليبيوس حجة أرسطو بأنّ الحكمة يتم اختيارها لنفسها وليس من أجل شيء آخر أي إلى أفلاطون.


شارك المقالة: