اشتهر الكاتب العالمي ماريو بوزو وهو من مواليد الولايات المتحدة الأمريكية بأنه من أهم وأبرز الكُتاب الذين ظهروا في القرن التاسع عشر، حيث أنه سرعان ما كان يتم تجسيد مؤلفاته إلى أفلام سينمائية عالمية حال صدورها، ومن أكثر الروايات التي حققت نسبة مبيعات عالية وشهرة واسعة حول العالم هي رواية أومرتا، وفي بعض الأحيان كان يطلق عليها عنوان قاعدة الصمت، وقد تمت ترجمتها إلى معظم اللغات العالمية ومن ضمنها اللغة العربية، كما تم العمل على إصدار الرواية سنة 2000م.
رواية أومرتا
في البداية كانت تدور وقائع وأحداث الرواية في أحد الأيام الذي صادف موت شخص يدعى دون زينو، وقد كان تلك الأحداث في مدينة صقلية، إذ ترك خلفه ابن صغير جداً والذي كان في سن الرضاعة ويدعى أستور، ثم بعد ذلك تولى مهمة الاهتمام والرعاية بالطفل سيد يدعى ريمون أبريل، والذي كان يقيم في ذلك الوقت في مدينة نيويورك، إذ أن ذلك السيد كان مشهور جداً في المدينة؛ وذلك جراء أنه كان رئيس لإحدى عصابات المافيا، وتلك العصابة كانت من جهة لا تتسم بالظلم إلى حد كبير، ومن جهة أخرى كانت لا ترحم من يقع بين ايديها.
كان رئيس العصابة هو شخص قد توفيت زوجته منذ فترة، كما أنه كان من الأشخاص الذين لا يرغبون في أن يتبعه أبناءه ويسيروا على نفس خطاه في مجال الأعمال التجارية غير المشروعة؛ وذلك خوفاً عليهم من أفراد العصابات، وعلى أثر ذلك كان قد أرسلهم إلى مدارس داخلية خاصة، ولهذا كان لا يشاهدهم إلا في أيام العطل، وبعد أن كبر أستور في العمر كان من أقرب الأبناء إلى أبريل، وقد كان يعتبره ويتعامل معه كأنه ابن شقيقه، وقد وقع عليه الاختيار حتى يتولى أمور عائلة أبريل وتقديم الحماية لهم بعد وفاته.
ومع مرور الأيام ومع حلول فصل الصيف عزم السيد أبريل على أخذ أستور في زيارة إلى مدينة صقلية، وبينما كانا يسيران في الطريق في شوارع المدينة تعرضوا لعملية خطف من قِبل إحدى العصابات الصغيرة؛ وقد كان ذلك من أجل الحصول على فدية، وقد كانت تلك العصابة لم تكن تعلم بمقدار السلطة والقوة والنفوذ التي يتمتع بهما السيد أبريل، وفي تلك الأثناء حذر أبريل الخاطفين وطلب منهم أن يتركوهم وشأنهم وأن يدعوهم يذهبوا على الفور، وقد هددهم بقوله: سوف تقضون بقية حياتكم بكل بأس في حال لم تنفذوا ما طلب منكم.
وفي المساء قام أحد الأصدقاء المقربين من السيد أبريل والذي يدعى بيانكو بتحريرهم من تلك العصابة، وبعد أن تحرر رئيس العصابة وأستور من تلك العصابة سرعان ما عزم على الانتقام منهم وقتلهم، ولكن هنا طلب منه أستور أن يتراجع عن ذلك القرار، وتنفيذاً لرغبة أستور قام بمسامحتهم والعفو عنهم، ولكنه جعل منهم خادمين مطيعين له، وحينما وصل أستور إلى سن السادس عشر، كان قد دخل في علاقة عاطفية مع فتاة تدعى نيكول، وقد كانت تلك الفتاة هي من أصغر أبناء رئيس العصابة كما أنها كانت الابنة الوحيدة له، وحينما علم رئيس العصابة بأمر تلك العلاقة أمره بأن يقوم بإنهاء تلك العلاقة وأن يتوجه إلى مدينة لندن؛ وذلك من أجل الالتحاق بالجامعة.
ولكن هذا الأمر كان قد أزعج نيكول إلى حد كبير، ولكن أستور كان قد نفذ طلب الرئيس دون أي مناقشة أو جدال، وقضى أستور في الكلية الجامعية إلى ما يقارب عام بأكمله، وكان قد قضى تلك الفترة مع شخص يدعى بريور، وهو أحد أصدقاء رئيس العصابة الذي يهتم بالأمور المصرفية، ثم بعد ذلك رجع إلى صقلية، وبقى هناك إلى ما يقارب العشرة أعوام، وقد كان كل تلك الفترة يعمل تحت إشراف السيد بيانكو، وهو صديق قديم وحامي رئيس العصابة، وفي تلك الفترة التقى مع فتاة تدعى روزي ومع الوقت أصبح بينهم علاقة غرامية، استمرت لفترة من الوقت الذي قضاه في صقلية.
وحينما رجع أستور إلى مدينة لندن وكان قد أنهى فترة تدريبه، وفي ذلك الوقت عزم السيد أبريل على التنحي عن رئاسة العصابة وعمله الخطير، وقد عمل على تسوية لكافة أعماله وأمواله وسدد ما عليه بالكامل من ديون، وكل ما احتفظ به فقط هو ما يقارب على عشرة بنوك دولية كانت تعود ملكيتها له، وقد كانت كافة الأموال التي يحصل عليها منها شرعية بالكامل، وفي أحد الأيام بعث خلف أستور وأخبره بأنه يتوجب عليه متابعة تلك البنوك بعد وفاته، وقد وثق في وصيته أن أستور سوف يحصل على 51% من أسهم البنوك، والباقي تعود ملكيته إلى بقية أبناءه، بينما الأرباح تتوزع بالعدل بين كافة أبناءه، وفي تلك الأثناء بدأ الرئيس في تأسيس تجارة إلى أستور من أجل القيام باستيراد المعكرونة.
وفي غضون ذلك كان الابن الأكبر لرئيس العصابة والذي يدعى فاليريوس، قام بدعوة جميع أشقاؤه إلى اجتماع سري، وفي وقت بدء الاجتماع قام رجلان اثنان باغتيال رئيس العصابة وإطلاق الرصاص عليه، وسرعان ما تمكنوا من الهروب واستغلال فرصة تغيب عناصر الامن، وعلى الرغم من قوة الرئيس ونفوذه إلا أنه لم يكن هناك أي تحقيق حول الحادثة، وفي ذلك الوقت حاولت مديرة المنظمة الإجرامية والتي تدعى تيمونا ومعها شركائها الدوليين إجراء مفاوضة مع أبناء الرئيس المتوفي؛ وذلك من أجل شراء العشرة بنوك؛ من أجل القيام بغسيل الأموال بهم، وعلى الرغم من جميع العروض المغرية المقدمة إلا أن أستور الذي يملك الحصة الأكبر أصر على رفض جميع عروضهم، واتبع وصية الرئيس كما أعلن أنه توصل إلى اكتشاف شيء يساهم كثيراً في الصناعة المصرفية.
في بداية الأمر كانت رغبة أبناء الرئيس تسير من أجل بيع البنوك؛ وذلك لأنهم اعتقدوا أنهم أن استور ما هو إلا شخص ساذج وبرئ، وبالرغم من الحيرة التي كانت تعتريهم حول السبب خلف ترك أبيهم إلى الحصة الأكبر إلى أستور، إلا أنه مع مرور الوقت أدركوا أن والدهم كانت غايته من ذلك هو تأمين مستقبل باهر ووظائف لهم، وهذا ما حصل بالفعل فقد حصلوا على مراكز مرموقة في عملهم، وأصبحوا يرون أن هناك الكثير بخصوص ابن عمهم أستور إذ أنه اعتمد والدهم على خبرته خلال سنوات تدريبه، كما سعى أستور بشكل منهجي خلف جميع من كان خلف موت الرئيس.
وقد ركز على إدارة البنوك مستعيناً بأصدقاء الرئيس القدامى؛ وذلك من أجل الحصول على النصح والمشورة، وفي أحد المرات قدموا إليه اقتراح لبيع البنوك؛ من أجل تجنب المشاكل، ولكنهم ازدادوا إعجاباً به حينما رفض هذه الفكرة بكل أدب، ورأوا فيه التصميم والإرادة والقوة والعزيمة التي تنقص معظمهم، وقد عثر أستور على كل يد كانت قد اشتركت في مقتل الرئيس، بدءاً من القاتل إلى جانب من طلب منه تنفيذ الهجوم وتمكن من القضاء عليهم دون أن تكتشف ذلك عناصر الشرطة.
بعد مرور عامين أصبحت نيكول المديرة العامة للبنوك، وعمل إخوانها على إنتاج فيلم تلفزيوني يسرد قصة حياة أبيهم بمساعدة أستور، والذي بدوره كان كمستشار يمدهم ببعض التفاصيل التي عاشها الرئيس، وفي النهاية قرر أستور السفر إلى صقلية والإقامة هناك بشكل دائم، وبالفعل توجه إلى هناك وعند وصوله تزوج بروزي محبوبته السابقة.