تُعرف الكاتبة والأديبة ميتسوتو كاكوتا من الكاتبات اللواتي حظين بصيت صاخب في مجال الأدب، وهي من مواليد دولة اليابان، وكانت قد حصلت على الجائزة الأعلى مكانة في اليابان وهي جائزة نابوكي، ومن الروايات التي تلقت صدى واسع في العالم بأكمله هي روايتها التي حملت عنوان امرأة على الضفة المقابلة، عبرت عما يكمن داخل النفس الإنسانية من خلال تناول الموضوع في أكثر من جهة.
نبذة عن الرواية
تناولت الرواية موضوع الحديث عن الأمور التي تنبثق عن طبيعة النفس وكيفية تأثيرها على سلوكيات وتصرفات الإنسان من جميع الجهات، ومما امتازت به الرواية وهو الطريقة السردية الجميلة في التنقل بطريقة بارعة بين تفاصيل الحياة اليومية التي تعيشها النساء في دولة اليابان، وعلى وجه الخصوص كان يظهر ذلك جليا وبشكل واضح في الطبقة الوسطى، حول الفتيات اللواتي تخرجن من الجامعات واللواتي يتطلعن إلى مستقبل أفضل وأجمل.
كما صورت الرواية من جهة أخرى الشعور الذي يكمن داخل ربات المنازل اللواتي توكل إليهن مهمات كبيرة ومتعددة من الاهتمام وتربية الأطفال، بالإضافة إلى مهمة تنظيف البيت وترتيبه والعديد من الأعمال الأخرى الشاقة، وما أن تنتهي مخاوف المرأة من مسؤولة البيت إلى مخاوف الأم التي تبقى على الدوام مشغولة في التفكير بتربية الأبناء وحمايتهم من نفس الأخطاء التي وقع به الأهل من قبل، وتمت المقارنة في الرواية بين الجانب الآخر من وجهة نظر المرأة العاملة التي تزداد كل يوم مخاوفها من الزواج وتحمل مسؤولية بيت وعائلة، فتفضل أن تبقى حرة طليقة دون قيود، وقد كانت الرواية مصدر يرجع إليه معظم الشباب للاطلاع على الفرق بين الجهتين واختيار الوجهة التي يريد.
الشخصيات
- سايوكو: امرأة تبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، متزوجة ولديها طفلة، تعاني من مشكلة الانطواء على الذات وتواجه صعوبات في الانخراط بالمجتمع الخارجي.
- آوي: فتاة تبلغ من العمر خمسة وثلاثين عاماً، خريجة جامعية تملك شركة خاصة بها، تحب الاختلاط في المجتمع والسفر لم تتزوج وتمتلك أسلوب جميل في الحوار مع الآخرين وثقة كبيرة في النفس.
- ناناكو: زميلة سايوكو في مرحلة الدراسة تقربت منها لمساعدتها في الخروج من حالة الانطواء والتخلص من المخاوف عاشا علاقة جيدة انتهت بالفراق بسبب ظروف الحياة.
- غوشي: زوج سايوكو زوج لا يهتم إلا بنفسه لا يتحمل أي مسؤولية يعاملها بشكل سيء يرفض حياة المرأة العاملة من جميع الجهات.
- أم غوشي: حماة سايوكو طالما تعاملها بقسوة كثيرة التدخل بحياة سايوكو.
رواية امرأة على الضفة المقابلة
في البداية كانت قد دارت أحداث ووقائع الرواية حول الحياة التي تعيشها النساء اللواتي يكن في الأصل معزولات عن الخوض في الحياة والعلاقات مع الناس، فلم يكن يتجرأن على بناء العلاقات الاجتماعية وتواصل مع الآخرين جراء بعض الأسباب التي أثرت بهن في مراحل مبكرة من الطفولة ومرحلة الشباب والمراهقة، وكانت طالبة مدرسية تدعى سايوكو قد تعرضت إلى العديد من المضايقات داخل إطار المدرسة، وعلى وجه الخصوص حينما أصبحت في المرحلة الثانوية، وهذا ما جعلها مكتفية بصحبة فتاة واحدة فقط، وبعد إنهائها إلى المرحلة الثانوية في المدرسة.
انتقلت للالتحاق بإحدى الجامعات وهنا ابتعدت عن صديقتها الوحيدة، وبدأت تتخبط في الحياة لوحدها دون وجود أي فتاة رفيقة بجانبها واستمرت كذلك حتى أتمت المرحلة الجامعية، ثم بعد ذلك سرعان ما حصلت على وظيفة بعد تخرجها مباشرة، واجهت العديد من المشاكل داخل النطاق الوظيفي، إذ حدثت مجموعة من الصراعات بين الموظفين والموظفات في العمل، وكان قد شنّ حولها الكثير من حملات الهجوم من قِبل زميلاتها، فقد اتحدن بين بعضهن البعض ضدها، وهذا الأمر كرهها وبغضها في المجال الوظيفي والعمل بأكمله، وفضلت أن تتزوج من أحد الأشخاص والذي يُعرف باسم غوشي والعمل في بيتها كربة المنزل، وبعد مرور فترة قصيرة أنجبت طفلة.
مما جعلها خوفها يزداد كل يوم عن الآخر حول كيفية تربية الطفلة، إذ كانت تخشى أن الطفلة حينما تكبر وتصبح فتاة تبقى منعزلة كما كانت هي، بدأ تفكر في كيفية دمجها واختلاطها مع المجتمع الخارجي، فأخذت تفكر في إجراء زيارات عدة للحدائق العامة في المنطقة؛ وذلك حتى تفتح لابنتها مجال من أجل التواصل مع الأطفال من نفس الفئة العمرية، حتى تبني داخلها المهارة في التواصل الاجتماعي، وعلى الرغم من أنّ سايوكو ذاتها لا تعرف كيفية التواصل مع الأمهات في الحديقة.
وفي تلك الأثناء عزمت سايوكو على العودة إلى الانخراط في المجتمع الوظيفي؛ حتى تسترد ثقتها بنفسها، وبالفعل بدأ في عملية البحث عن عمل، وقد حصلت على إحدى الشركات التي قبلت عرضها، وكانت تلك الشركة تحت إدارة فتاة تتميز بالمرح والحس الفكاهي والودود تدعى آوي، حاولت آوي مساعدة سايوكو من أجل أن تخرجها من حالة العزلة التي تكمن داخلها، كما تشجعها على استعادة ثقتها بنفسها وتنمية شخصيتها والخروج إلى العالم الخارجي والانخراط به.
وفي تلك الفترة تبدأ معاملة تسوء يوم بعد يوم جراء عودتها للعمل، فيبقى على الدوام يتهمها بعدم اهتمامها بمنزلها وعدم إتمام واجباتها اتجاهه واتجاه طفلة واتجاه والدته التي كانت تعيش معه في ذات البيت، وكان ينسب كافة الأمور التي تحدث إلى عملها، وعوضاً عن ذلك كله وفوق معاملة غوشي زوجها كانت أم غوشي أيضاً تعاملها بشكل أسوأ مما يعامله به زوجها
فقد كانت المسؤولة آوي تقوم بذات الدور الذي كانت تقوم به زميلتها في المرحلة المدرسية والتي تدعى ناناكو، حيث كانت ساهمت صديقتها بدور كبير في خروج سايوكو من حالة الانطواء التي كانت تعيشها في المدرسة وعلمتها كيفية الخروج إلى العالم الخارجي ورؤية الحياة بشكل أجمل، لكن الفرق هنا أنّ سايوكو خافت من السير على خطاها في الأمور التي شجعتها عليها آوي؛ وذلك لأن ظروفها الحالية تختلف عن ظروفها في السابق.
ففي القديم كانت عزباء لا تحمل أي مسؤولية على عاتقها، بينما الآن فإنها تحمل مسؤولية بيت وزوج وطفلة، وهذا ما جعلها ترفض عرض آوي بمرافقتها إلى رحلة إلى أماكن قريبة من مدينة طوكيو، وقامت حينها بترك الوظيفة لدى أوي جراء لما طلبته منها آوي في تقديم المساعدة لها لأن كان هناك قسم كبير من الموظفين قد ترك العمل، إذ شعرت أن حياتها لا تشبه حياة آوي ولا تتمكن من السير معها في ذات مبادئها، لكنها بعد فترة قصيرة فكرت جلياً بما قدمته لها آوي من مساعدة في تغيير الحالة الانطوائية التي كانت تسيطر عليها، فقررت العودة للعمل معها.