رواية بلد الثلوج - Snow country

اقرأ في هذا المقال


تُعتبر رواية بلد الثلوج من أهم الروايات التي لاقت استحساناً كبيراً بين الكتاب الأدب الياباني، والتي أطلقها الكاتب والمؤلف والكاتب الياباني (ياسوناري مواياتا)، فهو من الكتاب الذين تميزوا في كتابة القصص القصيرة والروايات، وهو أول أديب ومؤلف من دولة اليابان يحصل على جائزة نوبل في الآداب.

ورواية الثلوج من أبرز الروايات التي تمت ترجمتها إلى العديد من لغات العالم ومنها اللغة العربية، حيث كانت تجمع بين المستحيل والحب؛ وذلك من أجل أن تصنع حالة إنسانية يضيع فيها الشعور بالجمال والحب، فهذان التعبيران قادران على أن يصنعوا المعجزات حين يلتقين مع بعضهم البعض، فتلك الرواية أخذت قارئها إلى أحد المناطق الجبلية التي توجد في غرب اليابان.

أحداث الرواية

قام المؤلف من خلال الرواية بتقديم البطل الذي يُسمى (شيمامورا)،  فهو من الرجال الأثرياء والذين يعشقون الفنون، وبالإضافة إلى ذلك هو رجل عاطل عن العمل، وفي أحد الأيام كان قد فر من مدينة طوكيو؛ وذلك كان بسبب الحياة الزوجية التي يعيشها، فهو أراد أن يهرب منها وينساها للأبد، حينها توجه إلى أحد المدن التي تُعرف باسم ببلد الثلج، وفي تلك الأثناء يقوم بالتعرف على أحد الفتيات، وهي تكون ابنة لرجل يعمل في مجال تعلم الرقص.

من خلال وصف المؤلف أن الفتاة تبدو في غاية الجمال، كما أنها في المرحلة الشبابية من عمرها، وعند وصول شيمامورا، طلب منها والدها بأن تقوم ببعض الأشياء التي تستطيع من خلالها تسليته، وذلك مثل الغناء والرقص؛ فقد كانت الفتاة والتي تدعى الجيشا التي تقوم بتلك الأمور مصابة بوعكة صحية شديدة، هنا تبدأ الوقائع تدور حول طبيعة العلاقة التي تقام بين شيمامورا والفتاة.

ومع حلول فصل الشتاء، قام البطل بترك المدينة والرجوع إلى مدينته الأصلية، فقد كان يريد أن يقضي ذلك الفصل هناك، وبعدها حينما يحل فصل الربيع يقرر العودة إلى قرية بلد الثلوج، وهنا أراد الكاتب أن يوضح للقارئ التغيرات المناخية الطبيعية، وكيف لها أن تتغير مع فصول السنة، كما أراد أن يقدم إيضاح حول كيفية ومدى تأثيرها على طبيعة العلاقة بين البشر والتغيرات الناتجة عليها.

حينما بدأ شيمامورا التعرف على ابنة المعلم، كان ذلك خلال فصل الربيع، إذ كانت الحياة في بلد الثلج مزهرة، فالورود متفتحة في كل مكان، والحياة تبدو بلونها الوردي الجميل، فالتأثير الذي يتركه تلك الأجواء على العلاقة، أنها تعطي طابع الصداقة لا أكثر من ذلك؛ لأنّ شيمامورا كان يرعى في عينه تلك الفتاة والتي تُسمى (كوماكو)، كالحياة المزهرة والوردية؛ نظراً لأنها مفعمة بالحيوية والنشاط اللذان تقتحمان مرحلة الشباب لديها، وهذا ما جعله يراها طفلة وشابة مندفعة، ينبغي عليه أن يقدم لها الحماية الكاملة، لكن على غرار ذلك، فأنّ كوماكو لا تنظر إلى تلك العلاقة من هذا الجانب، مما يجعلها تندفع في تسليم مشاعرها عواطفها لذلك الرجل.

وهنا تبدأ مرحلة فصل الخريف، فكما تتساقط فيه أوراق الشجر، تبدأ المرحلة بين الطرفين تتساقط شيئاً فشيئاً، ويبدأ الابتعاد فيما بينهم، وحين يهل فصل الشتاء، ويحين تساقط الثلوج، والتي بدورها تصنع حالة برد شديدة في الجو، فإنها كذلك تفعل في قلب شيمامورا، حينها يتوجه اهتمامه نحو إحدى الخادمات التي تعمل في الخان الذي يقطن به، وهي من الفتيات اللواتي يتميز بالجمال والحسن الفائق وتُسمى (يوكو).

ثم بعد ذلك يعزم شيمامورا على زيارة بلد الثلج مرة ثانية، هنا تكون كوماكو قد انتقلت من المرحلة المزهرة والمفعمة بالحيوية بداخلها ، حتى أصبحت امرأة على قدر عالي من النضوج والوعي، وأخذت تسأله حول السبب الذي جعله يعود للقرية، حيث أجابها أنه ما عاد به هو الرغبة في رؤيتها مرة أخرى، ولما سمعت إجابته، رد عليه على الفور وبكل صراحة، بأنها تعرف أنه شخص كاذب وخادع، وأنها لا تحب أهل مدينة طوكيو على الإطلاق؛ لأنهم مشهورين على الدوام بمدى كذبهم.

هنا أدرك شيمامورا أنّ كوماكو قد أصبحت تمتلك شخصية قوية ومستقلة وفذة، وقد انقلبت كل تلك العواطف والمشاعر التي كانت جياشة داخلها، فبدأ حبه لها يدخل في إطار الفتور والتراخي، وعندما كان يحلّ الشتاء يصبح قلب شيمامورا بارد ومليء بالظلام، وفي النهاية تكون كل العواطف والمشاعر المشتركة بينهم قد انتهت، مما يجعل الصورة التي رسمت في داخلهم ملائمة للواقع بشكل كبير، إذ أنّه شخص من المدينة وهي فتاة من الأرياف.

وهنا كانت تلك النهاية نقطة التحول في حياة شيمامورا، إذ توجه نحو الاهتمام بالخادمة، فقد رأى بها الصورة التي تأخذه إلى البرودة المنعزلة التي تقع في قرية بلد الثلج، فهي كانت البرودة نفسها التي عملت على موت كل المشاعر والأحاسيس التي جمعت بينه وبين حبيبته.

وقد انتهت الرواية بانقطاع العلاقة إلى الأبد بين البطل وعشيقته، وموت الخادمة يوكو جراء نشوب حريق بالكوخ الذي تقيم به، إذ قامت برمي نفسها من الطابق الثاني؛ من أجل أن تحمي نفسها من هول النيران الثائرة، لكنها ما لبثت إلى أن فارقة الحياة، فانتهت الرواية بتلك الصورة التي تحمل الفراق والأسى.


شارك المقالة: