تُعتبر رواية قصة مدينتين من أروع الروايات التي برزت في مجال الأدب الإنجليزي، فقد كانت من ضمن مجموعة الأعمال التي قام بكتابتها المؤلف والأديب تشارلز ديكنز (Charles John Huffam Dickens)، والذي كان يوصف من قِبل النقاد أنه من أهم المؤلفين الذين برزوا في فترة العصر الفيكتوري، وهو من مواليد إنجلترا، لقد تضمنت الرواية الحديث حول الأحداث التي وقعت أثناء قيام الثورة الفرنسية ضد الملكية، حيث قدّم من خلال روايته وصف دقيق للأحداث.
رواية مدينتين
في البداية كانت تدور الأحداث في مدينة لندن، إذ تقطن هناك إحدى الفتيات تدعى لوسي مانيت، إذ كانت لوسي من أصول فرنسية، لكنها اضطرت إلى الانتقال إلى لندن مع المربية الإنجليزية الأصل والتي تدعى مسز بروس، حيث كان ذلك عند حالة اختفاء والدها المعروف باسم الدكتور ألكسندر مانيت، وفي تلك الأثناء كانت والدتها متوفية فلم يبقى لديها أحد، إذ عزم أحد أصدقاء أبيها والذي يعمل في مصرف على نقلها ويعرف باسم لوري من أجل المكوث في إنجلترا، فقد كان أبيها يحتفظ بمبلغ من المال ليس بقليل في ذات البنك الذي يعمل به السيد لوري مما جعله يؤمن لها حياة كريمة ومستقرة.
وفي ذات يوم وبعد أن أتمت الفتاة التاسعة عشرة من عمرها قام السيد لوري بزيارتها حاملاً في جعبته لها خبر سعيد، ألا وهو أن الطبيب مانيت حينما اختفى لم يكن متوفي، ولكن كان نزيل بأحد السجون الذي يعرف باسم سجن الباستيل، وقد قضى هناك ما يقارب الثمانية عشر سنة، وأنه الآن قد حصل على الإفراج وهو يقطن في بيت أحد الخدم السابقين لديه وهو يدعى مسيو ديفارج.
وهنا على الفور يقوم السيد لوري بالسفر إلى دولة فرنسا مع لوسي لرؤية والداها، ولكن المفاجأة كانت في أنه رجل خرف ويمسك بين يدية ألة لصنع الأحذية، حينها يتطرق السيد لوري بسؤاله عن اسمه فيجيب اسمي مائة وخمسة البرج الشمالي، بدأت لوسي بالاقتراب من والدها شيئاً فشيئاً، لكنه سرعان ما تعرف عليها؛ وذلك من خلال شعرها، إذ كان طوال فترة سجنه محتفظ بخصله من شعر ابنته، وعلى أثر ذلك بدأ باستعادة وعيه، حينها قررت لوسي أن تقوم بالعودة إلى مدينة لندن وأخذ والدها معها.
وفي طريق عودتهم إلى لندن على متن إحدى السفن، حصل تعارف بين لوسي وشاب من أصول فرنسية يعزم على السفر إلى لندن ويسمى تشارلز دارني، بعد وصولهم جميعاً إلى مدينة لندن، ومرور فترة قصيرة تم إلقاء العديد من الاتهامات حول دارني، وأبرز تلك الاتهامات هو محاولة اغتيال ملك إنجلترا، ولكن ما لبث قليلاً حتى تم حصوله على البراءة من قِبل أحد المحامين الإنجليز ويسمى سيدني كارتون، فقد تم اللقاء بينهم من محض الصدفة، ولكن تلك الصدفة كان لها أهمية عظيمة، إذ كانت السبب الخفي وراء تبرئة دارني، كما كان لها دور كبير بالتأثير في حياة كل من الشابين.
ومع مرور الأيام يتقابل الشاب كارتون مع لوسي فسرعان ما خطفت قلبه واعترف لها بأنه يكن لها فيض من مشاعر الحب، وفي تلك اللحظات يكتشف كارتون أنها تحب صديقه دارني، وأثناء ذلك قطع على نفسه عهداً أمامها بأنه سوف يبقى محتفظاً بحبها حتى لو لم تحبه هي على الإطلاق، كما تكفل بقيام بجميع أمر يسعدها، وأنه جاهز في أي وقت تحتاجه.
وفي يوم زفاف لوسي على الشاب دارني همس دارني في أذن الدكتور مانيت بكلام سري، حيث قال له حينها أن أسمه الحقيقي ليس الاسم الذي ينادى به الآن، وإنما هو ينتمي إلى عائلة الماركيز ذات الأصول الفرنسية ويدعى سان إيفرموند، وحيال ذلك شعر الدكتور مانيت بالتوتر والخوف منه، ولكنه لم يتكلم بشيء وبقي صامتاً حتى لا يفسد فرحة ابنته وحفلتها، وأثناء مغادرة لوسي عاد دكتور مانيت للتخريف من جديد.
وفي مدينة باريس كان الماركيز المتعنت إيفرموند، يتجول بعربته في المدينة، حينها يقوم بدهس ابن أحد الرجال الفقراء يسمى جاسبارد، ولكنه لا يهتم بموت الطفل، حيث قام برمي قطعة من المال لجاسبارد على الأرض، وذلك تعويضاً له عن فقدان ابنه، وهنا اشتعل الغضب لدى مسيو ديفارج، فقد كان يظهر عليه مدى كرهه الكبير لذلك الماركيز الدكتاتوري الظالم، وفي ذات ليلة يقوم جاسبارد بالتسلل إلى الحجرة التي يقطن بها الماركيز ويبقى ينتظر عودته، وحيث رجع كان منغمر في الشرب، وسرعان ما ينهال عليه جاسبارد بمجموعة من الطعنات القوية حتى قضى عليه ومات.
وعلى أثر ذلك تم إعدام جاسبارد كجزاء له جراء ما قام بفعله، وهنا بدأ قيام الثورة الفرنسية فاتجهت حشود كبيرة من الشعب الفرنسي برئاسة مسيو ديفارج وزوجته إلى الباستيل، حيث سرعان ما قاموا بفتح السجون وتحرير جميع السجناء ومواجهة الحراس وقتلهم، وفي تلك الأثناء وبشكل محدد في الغرفة التي كان يقيم بها دكتور مانيت قام ديفارج بالبحث عن شيء ما وإخفاءه على الفور.
وخلال تلك الأحداث يقوم أحدهم بسجن أحد خدم المهمين لدى الماركيز، وفي تلك اللحظة قام هذا الخادم بإرسال برقية لتشارلز داروني، إذ قام بطلب المساعدة منه فقد تم وضعه على لائحة الإعدام، وعلى الفور سافر تشارلز إلى دولة فرنسا، وهناك سرعان ما تم القبض عليه، وفي ذلك الوقت تذهب لوسي برفقة والدها إلى فرنسا ورافقهم السيد لوري؛ من أجل أن يقوم بتقديم الحماية الكاملة لأوراق البنك والمحافظة عليها من النهاب.
وفي ذلك الوقت يقوم الدكتور مانيت بالتوجه نحو جموع الشعب الثائر، ومن هناك أخبرهم عن كمية المعاناة التي تلقاها في الباستيل، وعلى أثر ذلك تم حمل الطبيب على الأكتاف وتم الإفراج عن زوج ابنته، ولكن في المساء من ذات اليوم جاء الحراس لاصطحابه مرة أخرى للسجن، إذ أخبروا الطبيب أنّ تشارلز ملقى عليه تهم عديدة من قبل ثلاثة أشخاص، وهم السيد والسيدة ديفارج والشخص الثالث سوف يتم ذكر اسمه أثناء المثول أمام المحكمة.
وعندما علم سيدني كارتون بما حصل عزم على الفور الذهاب إلى إنجلترا لتقديم المساعدة لوسي وطفلتها، وعند التواجد في المحكمة كانت هناك المفاجأة، إذ تقوم السيدة تقدم ديفارج بإلقاء خطاب للقاضي قام بكتابته الكسندر مانيت بيده، حيث عمل على إخفائه داخل زنزانته بالباستيل، فقد كان يتهم به كافة أفراد عائلة إيفريموند.
وذلك لأنّ الماركيز وأخوه والد تشارلز قد ارتكبا جريمة شنيعة، فقد أدخلوه إلى الباستيل بعد أن قام بالشهد ضدهم بالجريمة التي ارتكبوها مع إحدى الفلاحات، إذ عمل والد تشارلز على تعذيب زوجها المريض حتى توفى وعزم على قتل أخوها وأبيها، وقاما بالتعدي عليها حتى توفت من أثر الحمى، فقد كانت تلك الفلاحة هي الشقيقة الكبرى للسيدة ديفارج، كما كانت تلك الأسرة المعذبة على يد الماركيز هي أسرتها، وبناء على كل ما قيل في الخطاب المخفي تم الحكم على تشارلز بالإعدام شنقاً.
بينما كان تشارلز ينتظر تنفيذ الإعدام في الزنزانة، قام سيدني كارتون بزيارته بعد تقديم رشوة لأحد الحراس، إذ قام بتخديره وتبديل ملابسة، ثم بعدها أمر الحارس بنقل تشارلز على الفور إلى خارج السجن في العربة، وهي ذات العربة التي كانت تنقل لوسي استعدادًا للرجوع إلى فرنسا.
وسرعان ما قام كل من لوسي وزوجها بمغادرة فرنسا، وتم القيام بإعدام صديقه كارتون بدل من إعدام دارني، وحينما مدام ديفارج ذهبت إلى بيت آل مانيت محاولةً اعتقال لوسي، ولكنها كانت قد أصبحت مغادرة ذلك البيت ولم يبقى سوى بروس، التي بدورها كانت تحاول منع السيدة ديفارج من اللحاق بهم، حينها تقوم مدام ديفارج بإطلاق رصاصة من مسدسها لتخترق صدرها وتموت.