شعرة معاوية

اقرأ في هذا المقال


تتفرد شعوب الأرض بموروثاتها الثقافية التي تملكها، والتي تصوّر للأجيال اللاحقة الكثير من الوقائع والمناسبات، التي حصلت خلال التاريخ، ولعل من أشهر أنواع التراث وأكثرها بساطة، هي: “الأمثال الشعبية” والحكم، إذ يقوم الناس باستخدام هذه الأمثال أو الحكم إذا مرّوا بظرف أو حدث مشابه للحدث الأصلي الذي قيلت فيه تلك الأمثال، فيعبرون عنه بمثل أو حكمة، وهكذا تبقى محفوظة، ويتداولها الناس جيلًا بعد جيل مع إضافة ما استجد من أمثال تعبر عن أحداث الحاضر، والمثل الذي سنتناوله لاحقًا، هو: “شعرة معاوية”.

فيم يضرب مثل “شعرة معاوية”؟

كثير من الناس قد سمع عن مثل: “شعرة معاوية”، والذي صار علامة مسجلة، ما إن يسمعه المرء حتى يدرك أن وجب استخدام الدبلوماسية و الذكاء في تعامله مع الآخرين بمهارة وحزم ودهاء.

قصة مثل “شعرة معاوية”:

يرجع أصل قصة مثل: “شعرة معاوية”، إلى وقت خلافة “معاوية بن أبي سفيان”، إذ كان مشهورًا بالدهاء في السياسة والحكمة البالغة في تولي زمام الأمور، باللين تارة، والقسوة تارة أخرى، وذلك وفق ما يتراءى له في المواقف المختلفة، والمقولة الكاملة، هي: “إني لا أضع سيفي حيث يكفيني سوطي، ولا أضع سوطي، حيث يكفيني لساني، ولو كان بيني وبين الناس شعرة ما انقطعت، إذا امدّوها أرخيتها، وإذا أرخوها مددتها”، هذه البلاغة والحكمة تجعلنا نفغر ونسامح ونحيا الحياة بلا تعقيدات، وعجبًا من عقلية فذة كعقلية معاوية، إذ كان مثالًا لحاكم يدرك و يعرف مداخل رعيته، يعرف متي يقسو ومتى يحنو.

العبرة من مثل “شعرة معاوية”:

لعل أهم ما يتعلمه الإنسان من مثل: “شعرة معاوية”، ومن شخصية صاحبه الفذة، هو وجوب التزام “الوسطية” في التعامل مع الناس، وتولّي الأمور بحصافة و ذكاء، يمكناه من امتلاك قلوب الناس قبل عقولهم، ومما يُروى عن الصحابي الأحنف بن قيس_ رضي الله عنه_ وقد كان مضربًا للمثل في الخُلق، وشدّة الحلم أن رجلًا شتمه وأساء له في الكلام، فلم يردّ عليه، ومشى في طريقه، غير أن الرجل لم يتوقف، ومشى وراءه، وهو يزيد في شتمه، فلما اقترب الأحنف من الحي الذي يسكن فيه، وقف وقال للرجل: “إن كان قد بقي في نفسك شيء؛ فقله قبل أن يسمعك أحد من الحيّ؛ فيؤذيك”، فخجل الرجل من نفسه وعاد.


شارك المقالة: