كانت الفيلسوفة مارجريت لوكاس كافنديش كواحدة من أوائل كاتبات العلوم، حيث بصفتها مؤلفة لما يقرب من 14 كتابًا علميًا أو شبه علمي فقد ساعدت في الترويج لبعض أهم أفكار الثورة العلمية، بما في ذلك الفلسفات الطبيعية الحيوية والآلية المتنافسة والنزعة الذرية، كما كانت كافنديش وهي امرأة متوهجة وغريبة الأطوار أبرز السيدات العلميات في القرن السابع عشر.
كافنديش وحركة الأجسام:
في فلسفة كافنديش كانت ذرات الأرض مربعة وجسيمات الماء كانت مستديرة وذرات الهواء طويلة وذرات النار كانت حادة، وأدى ذلك إلى نظريتها الخلطية عن المرض حيث كان المرض بسبب القتال بين الذرات أو بسبب وفرة من شكل ذري واحد.
لكن في مجلدها الثاني الخيالات الفلسفية الذي نُشر لاحقًا في نفس العام تنصلت كافنديش بالفعل من نظريتها الذرية، وبحلول عام 1663 عندما نشرت آراء فلسفية وفيزيائية قررت أنّه إذا كانت الذرات مادة متحركة فعندئذ سيكون لديها إرادة حرة وحرية، وبالتالي ستكون دائمًا في حالة حرب مع بعضها البعض وغير قادرة على التعاون في تكوين الكائنات الحية والمعادن المعقدة، ومع ذلك استمرت كافنديش في النظر إلى كل المادة على أنّها مكونة من مادة واحدة وذكية ومفعمة بالحيوية على عكس النظرة الديكارتية للكون الآلي.
ولكن أحد التجاعيد المثيرة للاهتمام في رؤية كافنديش للسلوك المنظم للأجسام هو إصرارها على أنّه عندما تتفاعل الأجسام فإنّها لا تنقل الحركة إلى بعضها البعض، وبدلاً من ذلك تتواصل الأجسام مع بعضها البعض حول كيفية تنسيق سلوكها ويكون كل منها مصدر حركته الخاصة، وعلى افتراض أنّ الخصائص لا يمكن أن تنزلق حرفيًا أو تقفز من جسم إلى آخر، فإنّ الحالات التي يتخذ فيها جسم ما حركة جسم آخر ستكون الحالات التي يأخذ فيها الجسم الثاني أيضًا المادة التي لها تلك الحركة.
لكننا لا نلاحظ أنّ الجسم يصبح أكثر ضخامة عندما يتحرك نتيجة اتصاله بجسم آخر، كما أوضحت كافنديش في وصفها لليد التي تحرك وعاء: “لا أستطيع أن أعتقد أنّه من المحتمل أنّ أيًا من المواد الحية أو ذاتية الحركة في اليد تنفصل عن اليد وتدخل في الوعاء، ولا أنّ مادة الأرواح التي في الإناء تترك الوعاء وتدخل في اليد”.
تضيف كافنديش أنّه إذا حدث ذلك فستصبح اليد في وقت قصير ضعيفة وغير مجدية بفقدان الكثير من الجوهر، وبدلاً من ذلك تقترح أنّه عندما يبدو أنّ جسمًا ما يحرك آخر فهذه مجرد مناسبة أو مطالبة لكي يتحرك الجسم الثاني من تلقاء نفسه، ويتحرك الجسم الثاني بالطريقة الصحيحة استجابةً للجسد الأول (والأجسام الأخرى في محيطه)، ولكن فقط لأنّ جميع الأجسام ذكية ومدركة وفي الغالب مقبولة، فإنهم يتواصلون مع بعضهم البعض حول كيفية المضي قدمًا.
قد يبدو أنّ الجسم (ب) يكتسب حركة جديدة من الجسم (أ) ذلك إذا كان الجسم (ب) في البداية ساكنًا، أو قد يبدو الجسم (ب) ثابتًا بعد أن يوقف الجسم (أ) عن الحركة، ولكن كافنديش يفترض أنّ الأجسام التي تبدو وكأنها دائمًا ما تكون ثابتة نشطة تمامًا أسفل السطح.
يرتبط مقدار معين من الحركة ارتباطًا وثيقًا بالجسم الذي يمتلكه وذلك وفقًا لكافنديش، وبالتالي لا تنتقل الحركة أبدًا من الجسم الأول إلى الثاني، وما لم يفقد الجسم الأول بالطبع بعضًا من مادته وفي هذه الحالة يكون هناك نقل الحركة ولكن فقط لأنّه يوجد في نفس الوقت نقل للمادة، فلا يتم نقل الاقتراح الذي تم نقله من الموضوع الذي يحتوي عليه، وبدلاً من ذلك يتم نقل هذه المسألة والحركة معًا.
كافنديش وقوة التحرك الذاتي:
تفترض كافنديش أنّ الحركة لا تنتقل من تلقاء نفسها أبدًا ولكنها تسمح أيضًا للجسد بإعادة توجيه الحركات التي يمتلكها جسم آخر بالفعل، أي أنّ الجسم لا ينقل أبدًا أي قدر من الحركة إلى جسم ثانٍ، ولكن يمكن للجسم وغالبًا ما يفعل إعادة توجيه حركات الجسم الثاني.
وغالبًا ما تهيمن الأجساد على أجسام أخرى وتجبر حركاتها على عكس ما كانت ستصبح عليه لولا ذلك، بحيث تتحرك أجزاء الطبيعة من تلقاء نفسها ولا يتحرك بها أي وكيل، وثانيًا على الرغم من أنّ أجزاء الطبيعة تتحرك ذاتيًا وتعرف نفسها، إلّا أنّها لا تمتلك قوة لا نهائية أو لا تشوبها شائبة، ومن أجل عدة أجزاء وأطراف يعارضون وفي كثير من الأحيان يعرقلون بعضهم البعض، بحيث يضطرون مرات عديدة إلى الانتقال وقد لا يفعلون ذلك عندما يفعلون ذلك.
لا يوجد مخلوق معين لديه القوة المطلقة للتحرك الذاتي، بحيث أنّ المخلوق الذي يتمتع بميزة القوة أو البراعة أو السياسة أو الشكل أو المظهر وما شابه ذلك، وقد يعارض ويطغى على شخص آخر أقل شأنًا منه في كل هذا، ومع ذلك فإنّ هذا العائق والمقاومة لا يسلبان الحركة الذاتية.
لا يفقد الجسم حركته أبدًا ولا تنتقل الحركة من تلقاء نفسه أبدًا من جسم إلى آخر، ولكن يمكن للجسم إعادة توجيه الحركات التي يمتلكها جسم آخر بالفعل وبطريقة قد تعطي مظهرًا أنّ الحركة قد تم نقلها، وستسمح كافنديش للمظاهر بسرد جزء من قصة تفاعل معين بين الجسم والجسم، ولكنها تتأكد أيضًا من أنّ أي قصة من هذا القبيل يتم إخبارها باعتبارات ميتافيزيقية أعمق مثل تلك التي تتحدث عن الجسد بدقة وحركته لا تنفصل.
تحفيز الحركة الذاتية:
يبدو أنّ الأجسام تقترح أو تحرض أو ربما تنقل نوعًا من الإشارات التي تحفز الحركة الذاتية للجسم الذي يتحرك، ولكن السؤال هو كيف يفعلون ذلك؟ فيوضح ديتلفسن بأنّه على الرغم من أنّه لا يوجد انتقال للحركة بين الأجسام في حالات التفاعل عن طريق السببية العرضية، إلّا أنّه لا يزال هناك نوع من التفاعل السببي، أي عندما يحرض الجسم الأول الجسم الثاني على التصرف، وكيف يكون هذا ممكنا إذا لم يتم نقل أي شيء جسديا؟
يشير أونيل إلى الطريق إلى الإجابة وهو أنّه: أولاً تشير إلى أنّه على الرغم من (بالنسبة إلى كافنديش)، فإنّ الجسم لا ينقل أبدًا حركته إلى جسد ثانٍ إلّا أنّه لا يزال يمثل سببًا جزئيًا لحركته، حيث توضح كافنديش بأنّه لا يمكن القول إنّ حركة اليد لا تساهم في حركة الكرة وذلك لأنّه على الرغم من أنّ للكرة حركتها الطبيعية في حد ذاتها، إلّا أنّ حركة الكرة لن تتحرك بمثل هذه الحركة المحلية الخارجية، ولم تمنحها حركة اليد أو أي جسم خارجي آخر يتحرك بهذه الطريقة، ولذلك يمكن القول أنّ حركة اليد هي سبب تلك الحركة المحلية الخارجية للكرة، ولكنها ليست نفس الحركة التي تتحرك بها الكرة.