فلسفة ميل في الدفاع عن حقوق المرأة

اقرأ في هذا المقال


يطبق جون ستيوارت ميل مبادئه الليبرالية على قضايا المساواة بين الجنسين في المقام الأول في (إخضاع المرأة)، ويستنكر الأشكال الحالية لعدم المساواة بين الجنسين بعبارات واضحة لا لبس فيها.

فلسفة ميل في الدفاع عن حقوق المرأة:

“إنّ المبدأ الذي ينظم العلاقات الاجتماعية القائمة بين الجنسين – التبعية القانونية لأحد الجنسين للآخر – هو مبدأ خاطئ في حد ذاته، وهو الآن أحد العوائق الرئيسية أمام تحسين الإنسان، ويجب استبداله بمبدأ المساواة الكاملة، وعدم الاعتراف بأي سلطة أو امتياز من جهة ولا بالإعاقة من جهة أخرى”.


قد يبدو دفاع ميل عن المساواة بين الجنسين واضحًا، وبالنسبة لبعض النسويات المعاصرات، وقد لا يكون انتقاد ميل لعدم المساواة الجنسية عميقًا أو ثابتًا بدرجة كافية، ولكن عند النظر إليه في سياق تاريخي فإنّ دفاع ميل عن المساواة الجنسية يكون جذريًا وشجاعًا وبليغًا في بعض الأحيان، وفي حين توقع ميل بوضوح أن تكون بعض جوانب مبادئه الليبرالية في حول الحرية (On Liberty) مثيرة للجدل، ولم يتضح أهميتها الثورية إلّا عندما طبقها على قضايا المساواة بين الجنسين في إخضاع المرأة.

قضية المساواة الجنسية لدى ميل:

يرفض ميل عدم المساواة بين الجنسين في كل من السياقات المحلية والاجتماعية، ويناقش المساواة الأسرية بشكل أساسي في الفصل الثاني، وهناك يركز على حقوق الزوجات والأمهات مع الاعتراف بحقوق المرأة المتساوية على أجسادهن أو الأشخاص في امتلاك ومراقبة الممتلكات للتحكم في مختلف جوانب صنع القرار المنزلي و إدارة الأسرة، وحضانة ورعاية الأطفال والانفصال والطلاق.

لكن ميل لا يهتم فقط بالزوجات والأمهات في البيئات المنزلية، كما يدافع عن الحقوق المتساوية في التعليم والفرص المهنية، والتصويت في الانتخابات السياسية والترشح للمناصب السياسية، بالإضافة إلى هذه الحقوق يُفترض أنّ ميل يؤيد أيضًا حقوقًا متساوية في حرية التعبير والعبادة وتكوين الجمعيات، ويفترض المرء أنّه يرى أنّ التهديدات الرئيسية لهذه الحقوق تحدث في المجال المحلي وتأتي من الأزواج والآباء والإخوة.

في بعض الأحيان يدافع ميل عن المساواة الجنسية على أسس عواقبية صريحة كطريقة للاستفادة الكاملة من مواهب الناس وتعزيز ثقافة تكافؤ الفرص والمساءلة والجدارة الحقيقية، ولكن ميل يدافع أيضًا عن المساواة بين الجنسين باعتبارها مسألة حقوق فردية وعدالة.

وحتى الآن الفوائد التي ظهر أنّ العالم سيكسبها بالتوقف عن جعل الجنس حرمانًا من الامتيازات وشارة خضوع اجتماعية وليست فردية، حيث تتكون من زيادة الصندوق العام للتفكير وقوة التمثيل وتحسين الظروف العامة لتجمع الرجال والنساء، ولكن سيكون من التقليل الشديد للحالة تجاهل المنفعة الأكثر مباشرة على الإطلاق، والمكاسب التي لا توصف في السعادة الخاصة للنصف المتحرر من الأنواع، والفرق بينهم بين حياة الخضوع لإرادة الآخرين وحياة الحرية العقلانية، وبعد الضروريات الأساسية من الطعام والملابس الحرية هي أول وأقوى عزيمة للطبيعة البشرية.

في تفصيل هذا الادعاء حول اهتمامات النساء العليا في الحرية يقول إنّ الاستقلال الشخصي هو عنصر السعادة، وهذا يعكس الحجج في حول الحرية (On Liberty) للادعاء بأنّ الحريات الأساسية ضرورية للأشخاص لممارسة القدرات التداولية التي تجعلهم كائنات تقدمية.

في الدفاع عن حقوق المرأة يناشد ميل أيضًا الالتزام الحديث والتقدمي المتميز بتكافؤ الفرص في الرفاهية، وفي عدة نقاط شبه مكانة المرأة داخل وخارج الزواج بالعبودية، ولم يتأثر ميل كثيرًا بأولئك الذين قد يجادلون في القياس على أساس أنّ النساء يعاملن أفضل بكثير من العبيد.

ولا تزال الأقفاص المذهبة أقفاصًا تقيد الحرية والفرص، وغالبا ما تكون الأقفاص غير مذهب، حيث يصر ميل على أنّ الأزواج يمكن أن يكونوا في كثير من الأحيان عنيفين وإساءة معاملة السادة، وفي الواقع مع زوال العبودية في أمريكا كان ينظر إلى عدم المساواة بين الجنسين على أنّها آخر بقايا العبودية في الغرب.

العبودية وفلسفة الزواج لدى ميل:

“إنّ قانون العبودية في الزواج هو تناقض فظيع مع جميع مبادئ العالم الحديث ومع كل التجارب التي تم من خلالها وضع هذه المبادئ ببطء وبشكل مؤلم، وإنّها الحالة الوحيدة الآن بعد أن تم إلغاء عبودية الزنوج حيث يتم تسليم الإنسان في وفرة كل قوة إلى رحمة إنسان آخر على أمل أن يستخدم هذا الآخر القوة فقط من أجل خير من خضع لها، والزواج هو العبودية الفعلية الوحيدة المعروفة لقانوننا، ولم يبقَ عبيد شرعيون باستثناء سيدة كل بيت”.


والقيود الواردة في قانون الزواج الفيكتوري والتي تمنح الأزواج سيطرة كاملة على شخص وممتلكات زوجاتهم والتي لا تسمح بالطلاق أو الانفصال من جانب واحد بحيث تجعل الزواج شكلاً من أشكال العبودية الجنسية، فالعبودية تقييد غير مسموح به لحرية شخص آخر.

ولا يجوز العبودية حتى لو وافقت الزوجة على الزواج، وقد يتساءل ميل عما إذا كانت الموافقة ذات مغزى بالنظر إلى الضغوط الاجتماعية للزواج والإذعان لأزواجهن والخيارات المحدودة لمن لا يتزوجون والعواقب السلبية على النساء للتعبير عن معارضتهن داخل الزواج.

ولكن يجب أن تكون جودة الموافقة غير ذات صلة بأي حال من الأحوال لأننا نعلم أنّ ميل يعتقد أنّه لا يجوز التعاقد مع العبودية وأنّ القوانين الأبوية التي تمنع مثل هذه العقود ليست مسموحًا بها فحسب بل إلزامية، ومن المفترض أنّ هذه هي الحالة التي يفكر فيها ميل عندما يقترح أنّ حظر بيع المرء لنفسه في العبودية هو استثناء مبدئي للحظر المعتاد للأبوية الذي يطبق على نطاق أوسع، وهذا المعيار الخاص بتكافؤ الفرص في الرفاهية والذي ينتهكه قانون الزواج الفيكتوري هو مطلب للعدالة وأسس لمطالبة الحق.


شارك المقالة: