قصة الوقت الصعب

اقرأ في هذا المقال


يجب علينا أن نعلّم أطفالنا على أن الحياة ليست راحة تامّة؛ فقد يتعرّض الإنسان لأوقات يكون بأمسّ الحاجة للتخلّي عن سبل الراحة، سنحكي في قصة اليوم عن جرذين، كان أحدهما معتاداً على الحياة المريحة، بينما الآخر كان أذكى منه وقام بتعويد نفسه على التحمّل والصبر، وعندما جاء الوقت الصعب كان الجرذ المدلّل قد خسر الكثير، بينما الجرذ الآخر الذي كيّف نفسه مع تلك الظروف استطاع تخطّي الوقت الصعب بسهولة.

قصة الوقت الصعب

كان هنالك جرذ يعيش في ترف؛ حيث كان المنزل الذي يعيش به يحتوي على كل وسائل الراحة مثل: الماء الدافئ، الطعام الشهي، الملابس الجيّدة، الاستحمام اليومي وأي شيء يتمنّاه هذا الجرذ كان موجوداً، وكان يعيش معه صديق له وهو جرذ آخر.

ولكن الجرذ الآخر كان يقوم بعمل أشياء غريبة تختلف تماماً عمّا يفعله الجرذ الأوّل، على سبيل المثال كان يأكل الروث وكأنه جبن طازج، وكان يستحم أو يغتسل بالماء البارد ويستمتع به تماماً كما لو أنّه ماء دافئ، وكان لا يعتاد حياة الترف مثل الجرذ المدلّل، والأغرب من ذلك أنّه كان دائماً يسأله الجرذ المدلّل عن سبب تصرفّاته هذه فيجيب: يجب عليك فعل ذلك؛ فهذه  التصرّفات هي لمصلحتك أنت.

كان الجرذ الآخر مصمّماً على محاولة إقناع الجرذ المدلّل بأنّه يجب عليه أن يترك حياة الترف، وأخبره في يوم من الأيام وقال: سيأتي شهر أوجست وحينها ستضطر إلى الاختباء في آخر هذا الشهر، إن لم تصبح جرذاً حقيقياً وتجعل نفسك أقوى فستمكث تحت الغطاء، تفاجأ الجرذ المدلّل بكلام صديقه وقال في نفسه: وهل يعقل أن يكون هنالك أحد بهذا الغباء؟

وفي يوم من الأيام تساقطت الثلوج بغزارة، ومن سوء الحظ كان منزل الجرذ المدلّل وصديقه قد تعرضّا للانزلاق، وعندما نوى الجرذان الخروج لم يستطيعا فعل ذلك؛ فقد كان البرد قارساً في الخارج، جلسا يفكرّان ولكن لم يملكا من أمرهما إلّا الانتظار؛ فحتّى حفر النفق للخروج كان أمراً صعباً.

شعر الجرذين أنّهما انقطعا عن العالم الخارجي، ومكث الثلج لفترة طويلة، وبسبب ذلك نفذ الطعام والشراب بالكامل ممّا أدّى لشعور الجرذ المدلّل بالحزن والتعب؛ فهو معتاد على الحمام الساخن كل يوم، والطعام الشهي الطازج، بينما كان الأمر ليس صعباً بشدّة بالنسبة للجرذ الآخر؛ فقد كان جرذاً فطناً فقد قام بتعويد نفسه على الظروف الصعبة لأنّه كان يعلم يقيناً بأنّه سيأتي يوم سيء كهذا.

ولأن الجرذ الآخر كان ذكي أدرك أنّه لن يتحمّل البقاء لأكثر من ثلاثة أيام دون طعام أو شراب؛ لذلك دعا صديقه الجرذ المدلّل لحفر النفق من أجل الخروج، ولكن الجرذ المدلّل شعر بالخوف والتردّد من ذلك؛ فهو غير معتاد على ظروف كهذه، بل اعتاد على الماء الدافئ والطعام الجاهز، وبدا وكأنه استسلم للموت القريب.

بينما كان الجرذ الذكي يعمل بجد وبدأ بالحفر، وكان يعرف كيف يدير أموره بشكل صحيح، على العكس من الجرذ المدلّل الذي كان لا يعرف الصواب، فقد بقي واقفاً متجمدّاً في مكانه ولا يعرف حتّى كيف يفكّر، بينما الجرذ الآخر كان قد عوّد نفسه على ظروف البرد القاسي ولم يكن يسعى للأشياء التي يحبها وتجذبه فقط.

كان الجرذ المدلّل مستمّراً في نعت الجرذ الذكي بالأبله الذي يفتقد للحكمة، بينما هو كان لا يرجو أن يحرّك قدميه وتجربة خوض حفر النفق داخل الثلج، بل استلقى على الأرض منتظراً الموت المحتّم، نام الجرذ المدلّل وعندما استيقظ ظنّ نفسه قد مات وأنّه في السماء؛ فقد استيقظ على وجه مبتسم وكأنّه ملاك.

اكتشف بعد ذلك أن هذا هو وجه الممرضة في المشفى، وكان قد قام بنقله أحد الجرذان الشجعان إلى المشفى بعد أن تعرضّت قدميه للتجمّد، وكانت هذه الممرضة تعالجه منذ أيام، فاخبرهم عن مكان صديقه الجرذ الذكي ليذهبوا وينقذوه، ذهبوا للجرذ الذكي وقاموا بإنقاذه.

بعد فترة من العلاج لكلاهما تعافى الاثنان، ولكن الجرذ المدلّل كان قد فقد إحدى ساقيه بالإضافة لأذن واحدة، بينما الجرذ الآخر لم يفقد شيئاً، وشعر بالحزن لحال صديقه الذي بدا عليه عدم التأثّر بذلك، بل بدا راضياً بما حدث له، وقال لصديقه: لا تقلق فأنا لست حزيناً لفقداني لقدمي، فهي لم تساعدني بشيء عندما كنت بحاجتها وأنا الآن ما زلت حيّاً بسببها.

بعد ذلك أصبح الجرذين من أفضل الأصدقاء، وكان الجرذ المدلّل قد غيّر طريقة تفكيره تجاه صديقه الجرذ المدلّل، ولم يعد ينعته بالأبله، بالإضافة إلى أنّه بدأ تعويد نفسه على التخلّي عن وسائل الرحة يوماً بعد يوم كصديقه.


شارك المقالة: